الاستمرار في الكلام عن حل الدولتين لن يؤدي للنتيجة

جفرا نيوز - كتب ماهر أبو طير 

يكتب الدكتور مروان المعشر وزير البلاط الملكي الأسبق، مقالا، فيه فكرة حساسة، وفي هذا المقال يحض الفلسطينيين، بعد فشل حل الدولتين، على المطالبة بحقوق سياسية وإنسانية متساوية مع الإسرائيليين.

يقول الدكتور المعشر في مقالته التي جاءت بعنوان "إعادة فلسطنة النزاع مع إسرائيل”: "إذا لم يشأ الجانب الفلسطيني التراجع عن حل الدولتين كأساس لحل النزاع ولاعتبارات سياسية قد تكون مفهومة، فما يمنع أن يقرن سعيه شبه المستحيل نحو هذا الحل بمطالبته إسرائيل والمجتمع الدولي بمقاربة تعتمد الحقوق السياسية والإنسانية الكاملة، إن مثل هذا السعي من شأنه قلب الطاولة على رأس إسرائيل التي ستكون الخاسر الأكبر من مقاربة الحقوق المتساوية، ومن شأنه أيضاً تدويل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي من جديد”.

في هذه الفقرة، يقر الدكتور المعشر، فعليا، بانتهاء حل الدولتين، وهذا الرأي طرحه مسبقا، ومنذ سنوات طويلة، كون حل الدولتين لم يعد قائما، لا جغرافيا، ولا واقعيا، إضافة الى استثمار إسرائيل لكل هذه السنوات في مواصلة مشروع الاستيطان في الضفة الغربية والسطو على كل القدس.

يريد هنا أن يقول بشكل مباشر، إن الاستمرار في الكلام عن حل الدولتين، لن يؤدي الى نتيجة، ومن أجل زيادة الضغط على إسرائيل، فلا بأس من سيناريو آخر وبشكل متواز، سيناريو الحقوق السياسية والإنسانية الكاملة والمتساوية، وهو هنا يستخدم مفردات بديلة عن مصطلح الدولة ثنائية القومية، وبالطبع لا يقصد هنا، حسب ما فهمت منه هاتفيا حصول بقية الفلسطينيين على جنسية إسرائيلية، لأننا هنا سنكون قد بايعنا إسرائيل سلطة رسمية على كل الفلسطينيين، وبات كل هذا النضال، من أجل مواطنة إسرائيلية، فقط، نهاية المطاف، ويوضح لك أن المقصود كينونة أو دولة جديدة، بهويتين قوميتين، وهو سيناريو سترفضه إسرائيل بطبيعة الحال، لكنه قد يكون مفيدا كورقة ضغط على إسرائيل، ما دامت تتهرب من حل الدولتين، ولا تريده أبدا.

مواصلة الدول العربية، الاختباء وراء حل الدولتين، ومعهم الجانب الفلسطيني، مضيعة للوقت، وحتى الشركاء في أوروبا، ودول ثانية، يهربون نحو هذا السيناريو، رغم معرفتهم استحالة تنفيذه من جانب إسرائيل، لكن شعار حل الدولتين بات مظلة لشراء الوقت، لعدم وجود حلول ثانية.

المفارقة هنا، أن أكثر طرفين يتبنيان حل الدولتين، في صياغاتها السياسية هما الأردني والفلسطيني مع معرفتهما أنه غير قابل للتطبيق، وأن إسرائيل ترفضه، حتى لو قدم الفلسطينيون تنازلات حول العاصمة، ومساحات الدولة الناشئة، وقبلوا حتى بتطبيق خطط استبدال في الأرض، لكنهما أيضا، لا يجدان سقفا غير هذا السقف، مع استعصاء بقية الحلول، وهما يتورطان من حيث لا يحتسبان، في المستحيلات الإسرائيلية.

بطبيعة الحال، لن تقبل إسرائيل بحل يقوم على دولة جديدة، يتغير مسماها من إسرائيل الى مسمى آخر، وتكون دولة ثنائية القومية، والفلسطينيون أيضا ليسوا نوعا واحدا، فإذا وجدنا بينهم من يقبل هكذا حل، فسنجد غالبية كبرى قد ترفض هذا الحل، خصوصا أن إسرائيل من جهة ثانية تتبنى يهودية الدولة، ولن تقبل بهذا الحل أبدا، فيما تعرقل حل الدولتين، وفي الوقت ذاته نرى اليوم كيف توقفت كل أنماط المقاومة ضد إسرائيل تقريبا، لاعتبارات مختلفة، ما يطرح السؤال حول نهاية هذا الملف وحله الجذري.

يتبنى كثيرون المبدأ الذي يقول إن التنازل في الأساس، والاعتراف باحتلال إسرائيل، ومنحها شرعية عبر أوسلو ووادي عربة وكامب ديفيد، كان هو الكارثة الأساسية، لأن التنازل عن ثلاثة أرباع فلسطين مقابل مساحة صغيرة في الضفة وغزة، كان مجرد خدعة كبرى، حصل عبرها الإسرائيليون على الشرعية.

ولأن الوقت لا يعود الى الوراء بنظر السياسيين، فلا أحد من الرسميين مستعد لأن يناقش مبدأ سحب الاعتراف بإسرائيل، أساسا، وحل السلطة، وإعادة فتح الملف الفلسطيني بطريقة مختلفة، بعد أن ثبت أن سيناريو أوسلو، كان فاشلا، وخدم إسرائيل أولا.

لقد ثبت أن الذين عارضوا كل الاتفاقيات في البداية، داخل الفلسطينيين وبين العرب، كانوا هم الأحد؟؟ بصيرة، لأن التنازل بذريعة البراغماتية لم يؤد الى أي نتيجة، فلا حل دولتين، ولا دولة ثنائية القومية، ولا يريدون انتفاضة، ولا عملا مسلحا، ولا انسحابا من اتفاقية أوسلو، ولا تجميدا لسلطتها.
الاحتلال يبقى مجرد احتلال، ولا حل له إلا الزوال.