نقطة إنتهى
جفرا نيوز- كتب المحامي علاء الكايد
حالة هرج ومرج وإفتراءات وإفتئاتات وتشويه للتاريخ يرقى بعضها إلى مرحلة التزوير تتبع كلّ تصريح إستفزازيٍّ في غير محلّه، تنال جميعها - الفعل وردّ فعل - من وحدتنا الوطنية لتُظهر هشاشة غير حقيقيّة في بنيتنا المجتمعيّة.
فرغم أن وحدتنا راسخة متجذّرة كالجبال إلّا أن الجنوح إلى التسابق في الأفضليّة تقود الجموع وقد تشمل حتى بعض مثقّفيها لضرب عصبِ قوّةٍ جماليّ بما يمثّله من فسيفساء وطنيّة عجزت معظم الأنظمة أن توفرها، فالخوض في الحديث يخرج الرابطة الوطيدة عن أسسها التي نفتخر بها ويوصلنا إلى مستنقع يُشعر المتابع بأن القلوب ليست بالصفاء الذي تبدو عليه، وأنّها ليست بالمستوى الذي يحسدها العالم عليه في دولة نالت قيادتها أرفع جوائز وأوسمة التعايش والوئام.
وإنّ أهمّ ما في المسألة، وما يعنينا حقيقة هو أن نؤمن بأنّ هذا الوطن الذي لم يبنى ويستمرّ من فراغ ما جاء إلّا نتيجة حكمة ومحبّة وتضحيات مارسها الآباء والأجداد، جميعهم بلا إستثناء، ولن يستمرّ دون هذه المعادلة الحسّاسة.
فنحن اليوم نحتفل بمئوية دولة جاوزت الأخطار وتكسّرت على صخرة وحدتها ومؤسّسيتها الأطماع والأطماع، ولعلّ الأحداث الجامعة وإن كانت مؤلمة إلّا أنها تشبه صهر الذّهب الذي يُظهر صفاء المعدن وتماسكه لكنّنا نخشى من الإنجرار خلف ما يزرع في جيل المستقبل من الآثار خلاف ما زُرِعَ فينا من محبّة وغيرة وإنتماء.
وأهمّ من ذلك كلّه أن نتحلّى بالمصداقيّة عند مطالعة التاريخ، فالوطن لم يقم على كتف مكوِّنٍ واحد بل هو نتيجة طبيعيّة تلقائية لمن آمنوا بالوطن وآمن بهم ليشكّل كلٌّ من تلك المكوّنات ركناً لا يقوم الوطن إلّا بتماسكه مع الآخر.
وأن نتيقّن بأن الوطن أكبر من الجميع، وليس لأحد من جميلٍ عليه، بل هو مظلّة الأمن والإستقرار والكرامة التي آوت الجميع ولم يكن لهويّة فرعيّة فضلٌ عليها بل كلّنا مدينٌ لها.
فلا نستهين بما يقال ويُلقى، بل علينا أن نولي حوارنا في هذه المسألة بالغ الإهتمام، فكلّ ذلك مترسّب في أذهان بناتنا وأبنائنا لا محالة، وما تزرع اليوم نحصده غداً.
وكما قال الشاعر :
فإن النار بالعودين تذكى
وإن الحرب مبدؤها الكلام
هذا وطن كبار النفوس من المهاجرين والأنصار، فلنُعلي كلمته ووحدته ولنتجاوز عن سفاسف الأمور التي تهدم لا تبني، تفرّق ولا تجمع، تلك معادلة أردنية خالصة، وميزة ومزية إختصّ الله بها هذا الوطن.
والله من وراء القصد
حمى الله الأردن قيادة وشعبا