صعوبات اقتصادية واجهها الأردن خلال 100 عام..تفاصيل
جفرا نيوز - تحت شمس حارقة بالتحديات والأزمات وفوق أرض جرداء من أي موارد وثروات طبيعية ووسط إقليم عاصف بالتقلبات والصراعات، ولد الأردن قبل مائة عام إلا أن هذه الظروف الصعبة لم تقف حجر عثرة في طريق نجاح وازدهار ونماء هذه الدولة الوليدة
ونجحت الدولة الاردنية خلال هذا القرن من بناء مؤسسات وطنية راسخة وبنية تحتية حديثة غطت كافة انحاء المملكة ومؤسسات تعليمية وصحية متقدمة على مستوى الإقليم إضافة إلى الاستثمار في الإنسان من خلال تنشئة وتأهيل كوادر بشرية متميزة في مختلف المجالات.
ويصادف العام الحالي ذكرى مرور مائة عام على إقامة الدولة الأردنية التي اقيمت كإمارة في العام 1921 من قبل الملك المؤسس المغفور له بإذن الله عبدالله الاول.
ولم تتوقف التحديات والأزمات الاقتصادية التي واجهت المملكة على امتداد المائة عام الماضية كما ألقت الظروف في الإقليم والمنطقة أعباء ثقيلة على الاقتصاد الوطني نتيجة أزمات اللجوء المتلاحقة والتعطل المستمر لحركة التبادل التجاري وتراجع حركة الاستثمار، إلا أن الدولة الاردنية استطاعت أن تبقى متماسكة وثابتة على المستوى الاقتصادي وأن تتجاوز المنعطفات الاقتصادية الخطيرة خلال هذا القرن والتي قد تكون أزمة الدينار العام 1989 أكثرها خطورة.
فما كان خلال القرن الماضي من أزمات وتحديات اقتصادية والنجاح في تجاوزها يعطي الأمل بأن الأردن قادر على تجاوز ظروفه وازماته الراهنة والانطلاق نحو فصل جديد من فصول الازدهار والنماء خلال المائة عام القادمة.
ويرى خبراء اقتصاديون أن الدولة الأردنية حققت خلال المائة عام الماضي أفضل مؤشرات الحياة النوعية من توفير بنية تحتية مكتملة غطت كافة انحاء البلاد مقارنة مع دول الإقليم ذات الموارد والثروات الغنية.
وأكد الخبراء أنه على الرغم من قلة الموارد والثروات الطبيعية إلا أن الأردن تمكن خلال القرن الماضي من بناء مؤسسات تعليمية وصحية مميزة ومتقدمة على مستوى الإقليم ورفع المستوى التعليمي للمواطن الأردني الذي أصبح أحد أهم وأفضل الموارد البشرية في المنطقة.
وبين الخبراء أن الأردن سبق دول المنطقة في ترسيخ النهج الاقتصادي المختلط الذي يعتمد على الشراكة الحقيقية بين القطاع العام والخاص واستطاع من خلال ذلك بناء مؤسسات ومنشآت وطنية مهمة وحيوية كان لها دور كبير في تطور الأردن وازدهاره كشركة الكهرباء الوطنية وشركات البوتاس والاسمنت وغيرها من الشركات والمؤسسات.
ومن أجل مائة عام أخرى من عمر الدولة حافلة بالنجاح والازدهار، دعا الخبراء إلى ضرورة إعادة هيكلة الإدارة العامة في الدولة وترشيق القطاع العام ووضع خطط واستراتيجيات اقتصادية متوسطة وطويلة المدى وإجراء هيكلة شاملة لكافة أركان الإقتصاد الأردني.
وقال وزير تطوير القطاع العام الأسبق ماهر مدادحة إن الدولة الأردنية خلال المائة عام من عمرها نجحت في تحقيق أفضل مؤشرات الحياة النوعية التي يحتاجها اي سكان دولة في العالم من خلال توفير البنية التحتية اللازمة من شبكات طرق حديثة وشبكات ربط كهربائي ومائي متقدمة ونجحت الأردن في ذلك إذ تغطي شبكة الكهرباء اليوم 99 % من مساحة البلاد وتغطي شبكة المياه كذلك ما نسبته 95 % من مساحة المملكة وهذا يعد مؤشر تقدم وازدهار مقارنة مع الثروات والموارد الطبيعية الشحيحة في الأردن مقارنة مع دول غنية في الإقليم ما زالت تفتقد لهذا المؤشر.
كما بين مدادحة أن الدولة الأردنية وعلى الرغم من إمكاناتها المحدودة تمكنت من بناء قطاعات تعليمية وطبية متميزة و متقدمة على مستوى الإقليم وبأن الدولة استثمرت بالإنسان الأردني وجعلته من اكثر العقول العربية تعلما وابداعا وله الأفضلية في سوق العمل العربي واستفادت من خبراته أغلب دول المنطقة.
ونوه إلى أن كل عقد مر على الأردن كانت حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة تلقي عليه أعباء إضافية نتيجة أزمات اللجوء المتعددة والمستمرة من فلسطين ولبنان والعراق وسورية إلا أن الدولة استطاعت أن تستوعب هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين ودمجهم في المجتمع.
بدوره، أكد المختص في الاقتصاد السياسي زيان زوانة أن الجغرافيا السياسية على الأردن كان لها تأثيرات واضحة على الاقتصاد المحلي وخلفت كثيرا من الأزمات عليه رغم ما حملته احيانا من إيجابيات إذ لم تتوقف أزمات اللجوء من دول الجوار وهذا يرتب أعباء اقتصادية واجتماعية كبيرة على بلد محدود الموارد الطبيعية كالاردن إلا أنه تمكن من استيعاب هذا العبء السكاني والاستثمار في الخبرات التي كانت تتوفر في أوساط اللاجئين الذين الأردن خاصة خلال النصف القرن الأولى من تاريخ البلاد.
ووضح زوانة أن الأردن سبق دول المنطقة في ترسيخ نهج الاقتصاد المختلط الذي يعتمد على الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتمكن من خلال ذلك من بناء مؤسسات ومنشآت وطنية مهمة وحيوية ساعدت في بناء الدولة وتطويرها خاصة شركات كشركة الكهرباء وشركات البوتاس والاسمنت حيث كانت هذه الشركات درر الاقتصاد الأردني خلال فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات فكان لهذه الشركات دور مهم في تدشين البنية التحتية الحديثة في الأردن خلال تلك الفترة.
إلى ذلك اشاد أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري بمسيرة الدولة الأردنية خلال المائة عام الماضية على المستوى الاقتصادي وتمكنها من تدشين قطاع تعليمي متقدم وصلب وذي ذيوع على مستوى المنطقة وكذلك نظام طبي متقدم جعل البلاد إحدى أهم الوجهات الطبية في الإقليم عدا عن شبكات الطرق الحديثة التي تربط كافة انحاء المملكة.
وبين الحموري أن الدولة نجحت خلال العقود الماضية لا سيما في السبعينيات والثمانينيات من تخفيض معدلات البطالة والفقر ورفع المستوى المعيشي والتعليمي إضافة إلى تمكنها خلال العقود الطويلة من تحمل أعباء اللجوء المتدفق بإستمرار من البلدان المجاورة وتخطي الصعوبات الإقتصادية التي عادة ما تتركها حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة.
ولم يخف الحموري انزعاجه من الوضع الإقتصادي الحالي وما قد يترتب عليه من مشكلات اقتصادية واجتماعية على المدى القريب ودعا في هذا الإطار إلى ضرورة وضع البطالة والفقر في أولويات استراتيجيات معالجة الاقتصاد الأردني خاصة وأن الدولة دخلت في مئوية جديدة ولا بد من نهج اقتصادي جديد يعيد للبلاد بريق التقدم والازدهار.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة إن مائة عام من تاريخ الأردن كانت مليئة بالتحديات والصعاب لكن تمكن الجميع من تجاوزها رغم بعض الإشكاليات التي ما زالت قائمة إلى اليوم خاصة في ما يتعلق بالبطالة والفقر وعجز المديونية.
وبين مخامرة أن المائة العام القادمة تحتاج إلى مقاربة اقتصادية جديدة تقوم على هيكلة الإدارة العامة في الدولة والقطاع العام ووضع إستراتيجيات اقتصادية واقعية يمكن تحقيقها بعيدا عن المبالغة والمثالية الاقتصادية التي تسببت بضرر كبير للاقتصاد الوطني.
كما دعا الخبير الاقتصادي موسى الساكت إلى ضرورة إتمام ما تم تحقيقه على مدار القرن الماضي من خلال إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة تستهدف في المقام الأول تخفيض الارتفاع المستمر في المديونية وإعادة النظر بكافة أركان الاقتصاد الأردني وتخفيف العبء الاقتصادي على كافة القطاعات الاقتصادية من أجل تحويل الاقتصاد الأردني نحو حالة النمو المتسارع.
الغد -عبدالرحمن الخوالدة