المومني تكتب: المرأة القيادية مع الكورونا.. رحلة تحدٍ

جفرا نيوز- بقلم الدكتورة رهام زهير المومني

كثيرا ما نسمع عن نساء قيادات ونتمنى أن نقتدي بهن، وكثيراً ما نكون نحن القدوة لهن، فأنا إمرأه أيضا وأتحدث عن من تمثلني وأمثلها، شبيهتي بالصفات وبالفكر النّير، بالقوة والإرادة الصلبة والعزيمة، من تشقى وتتحمل من أجل بقاءها وديمومتها لبقاء من تحب بخير، من تتحّدى الظروف بعلمها وعملها ليعود بالنفع على عائلتها ومجتمعها ووطنها، أتحدث عن قلب بداخله وطن.

في أجمل الأوقات تجدها تحلق كالفراشة لتنشرعبيرها الفواح فتضفي عالمكان بهجةً وسرور، وفي أصعب الأوقات تجدها كطبيبة تداوي الجروح وتلملم بقايا آلآمٍ وأوجاع، فهي الأكثر تحملا لنتائج الإضطراب الإجتماعي والإقتصادي الذي خلفته الأزمات كأزمة الكورونا التي إجتاحت حياتنا فعّمت فيها الفوضى في شتى المناحي، وحملتّنا أعباءً جديدة زادت من تخبطنا وأفقدتنا القدرة على التركيز أحياناً، فالمرأة أثبتت قدرتها على إحتواء كل ما هو صعب وتحقيق الإستقرار النفسي للأسرة والمحافظة على عملها، وإدارة شؤون بيتها وعائلتها والذي تَمثَل في تخفيف الملل عن أبنائها من الحجر المنزلي وعدم قدرتهم اللعب مع أصدقائهم، وصعوبة التعليم عن بعد والذهاب إلى المدرسة، والوقوف مع زوجها الذي كثرت إلتزاماته وخسر جزءاً من دخله أو وظيفته، وخوفها على أبنائها أو أهلها من عدوى قد تجلبها لهم، كل ذلك شّكل ضغوطات إجتماعية ونفسية وإقتصادية خضعت لها المرأة خلال هذه الأزمة، فالجهد المبذول منها تضاعف على حساب صحتها وحياتها الخاصة وتجاوز كل الصعاب وخاصة إذا لعبت المرأة دور مزدوج وكانت هي الأب والأم بحياة أبنائها.

المرأة ساهمت في بناء المجتمع والإقتصاد، ولا تزال مساهمتها واضحه في سوق العمل وفي معظم القطاعات مثل قطاع الرعاية الصحية والتعليم، فالنساء يشكلن الغالبية العظمى في هذه القطاعات، وتميزت الكثير من منهن في تلك المجالات لإخلاصهن في العمل وإمتلاكهن للمهارات والقدرات المختلفة مثل الطبيبات والممرضات، والمدرسات في التعليم عن بعد للمدارس والجامعات، والإعلاميات في التوعية ومتابعة أخبار الوباء وفي مجالات أخرى كثيرة.

أهمية المرأة ودورها واضح في المجتمع، ويكمن في مهامها البيتية وإنجاز عملها الوظيفي والمكتبي من البيت وما يحتاجه ذلك من جهد ومتابعة وتنسيق مع حاجات الأسرة، وخاصة الفترة الطويلة التي قضاها أفراد الأسرة بالحجر، وكيف تمتص غضبهم وتلبي إحتياجاتهم وكيف تتعامل مع زوجها، ويكمن دورها الأساسي أيضا في تعليم الأبناء عن بعد، تتحمل عبئ تدريسهم ومتابعة تحصيلهم العلمي لأنها تدرك مدى الصعوبة على أبنائها إنقطاعهم عن التعليم الوجاهي وزيارة الأصحاب ووجود القدوة من معلمين وأساتذه، تقنعهم بأنها مرحلة وستمر وما بعد الضيق إلا الفرج، تدرك صعوبة المرحلة فتراقب أبنائها أثناء الحصص لكي يبقوا يقظين وتشجعهم على نهل المعرفة بشتى الطرق، وترشدهم وتوجههم الى الطريق الصحيح والإهتمام بصحتهم النفسية أيضا ليخرجوا بأقل الخسائر التي تنعكس عليهم بآثار نفسيه وسلبية ممكن أن تؤدي بهم إلى حالات عنف وإنتحار ومشاكل نفسيه لا حل لها، فهي لا تتوقف عن العمل عندما تتوقف الحياة، هي القلب الكبير الذي يستوعب الجميع.

هنا يأتي دورها كأمرأة قيادية في المجتمع إبتداءً من بيتها ببث روح الطاقة والحماس فيهم فتعلمهم كيفية التكيف والتأقلم مع الوضع الراهن، كيف يحولوا التهديدات إلى فرص ويعملوا على تعزيز نقاط القوة بإكتسابهم مهارات جديدة، وكيفية تجنب نقاط الضعف، وتعلمهم أنه ليس من الضرورة أن يكون الشخص إيجابي (بالمعنى المجازي) طوال الوقت لأن المفتاح إلى البشر الأكثر قوة وسعادة كامن في التعامل مع الشدائد تعاملا أفضل، فلا يجب أن نغّلف الشيء السّيء بالسكر بل يجب أن نعترف أن هناك مشكلة وهذه حقيقة صادقة هي التي تُنعش شخصياتنا، وهي ما ينقصنا لنتعلم معنى التحدي.

بالإضافة إلى تسليط الضوء على أهمية الوقت وإستغلاله إستغلالاً جيدا والإستمتاع باللحظة لأنها قيمه مهمه بالحياة وهِبة من الله، وأن القيم الحياتية مهمه إذا رتبناها حسب الأولويات، فلا يجب ان نُقدم المهم عالأهم، وأن كل أولوية هدف بحياتنا وليس كل هدف أولوية.

في أزمة الكورونا أثبتت المرأة تحديدا أنها الأقوى والأحن، فهي الحضن الدافئ لأبنائها، تتابعهم بقلبها قبل عيونها، هي الدرع الواقي لهم بصلواتها ودعائها وعينها التي لا تنام .. نعم... إنها المرأه القيادية إنها كل أمرأه عاملة بأي مجال حتى بالبيت، والتي تعطي بوجودها الأمل والحب والعطاء اللامتناهي في عالم مليء بالمخاطر وطرق مزدحمة بالأشواك فتحولها إلى حديقة ممتلئة بالورود والطمأنينة، فيرتقي المجتمع بها ومن ثمرها وتعّمَر البلاد برسالتها التي تجاوزت أسوار الكرة الأرضية، أنا وأنتِ وأُخريات تلك المرأة التي كانت ولا زالت وستبقى الحصن الذريع لكل الصعاب.