متى ستعود وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الى رشدها؟!


جفرا نيوز - يأتي هذا المقال ردًّا على الناطق الإعلامي باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلميّ خلال برنامج صوت المملكة الذي بُثّ ليلة أمس على قناة المملكة مع الإعلامي عامر الرجوب بخصوص المطالبة بعقد امتحانات الدراسات العليا داخل الحرم الجامعي.

بدايةً أودّ أن أشير إلى أنه لا يختلف اثنان على أن جائحة كورونا في بلدنا الحبيب حماه الله قد اتخذت سمة الانتشار المجتمعيّ، ما يتطلب اتخاذ التدابير اللازمة للحدّ من هذا الانتشار، ولا سيما في حقل التعليم وخاصة في ما يتعلق بطلبة الدارسات العليا. وفي ضوء توجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى عقد الامتحانات النهائية داخل الحرم الجامعي، فإننا نحن طلبة الدراسات العليا ( دبلوم عالي، ماجستير، دكتوراه) نرى أنه من حقنا التقدم للامتحان عن بعد (On Line). 
 
وفي هذا الصدد أودّ أن أكشف عن عدم دقّة ما صرّح به الناطق الإعلاميّ، فأقول متسائلًا بدهشة واستهجان:

1- ما دام أنّ الوضع الصحي يسمح بعقد الامتحان داخل الحرم الجامعي؛ فلِمَ لم تجعلوا التدريس داخل الحرم الجامعي أيضًا؟
2- أيعيش الناطق الإعلاميّ خارج الكرة الأرضية؛ فيظنّ واهمًا أنّ الجائحة قد ولّتْ وانتهتْ؟ أمْ أنّه صمَّ أذنيه عمّا يدور في كوكبنا، فلم يسمع بتفاقم الجائحة وما تمخّض عنها من طفرات نتجتْ عنها سلالات جديدة؛ أغلقتْ على أثرها دولٌ عظمى منابر التعليم وبوابات المطارات، وفرضت حظرًا عامًا؟! 

3- هل خاطبَ الناطق الإعلاميّ فيروس كورونا فمنحه صكًّا بعدم التعرّض لإصابة طلبة الدراسات العليا؟ وهبْ أنّ الجامعات اتّبعتَ بروتوكولًا صحيًّا الجامعة – وليكن صارمًا بل خارقًا - داخل حرم الجامعة، فهل يضمن أن تُطبق هذا البروتوكول الصحيّ في وسائل المواصلات، ومحطّات التنقّل الأخرى؟؟!

4-ألا تدري جامعاتنا الموقّرة حين جعلت الامتحانات وجاهيًّا أنّها خالفت العرف المعمول به في كثير من الدول، حيث يكون التعليم وجاهيًّا، والامتحان إلكترونيًّا؟ مثال ذلك: تعليم اللغات امتحان(TOFFEL ) ومهارات الحاسوب ( ICDL).

5- أمّا العذر الذي هو أقبح من ذنب، فذاك حين أفاد الناطق الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلميّ بأنه مذكّرة مجلس النواب لم تصل إليه، وهنا أتساءل بدهشة واستهجان: كيف لا تدري بمقررات الأمة ممثلةً بمجلس نوابها؟ وهل ليس لدى وزارة التعليم العالي والبحث العلميّ دائرة إعلامية تتابع مجريات الأحداث التي تسود أنحاء المملكة، وخاصّة ما يتعلق بشؤون التعليم الجامعي؟ بل كيف يتنّصل من النظر بعين الاهتمام والتقدير إلى الإرادة الشعبية لمجرد أنه لم يبلغه ذلك، ولا سيّما أنّ صفحات التواصل الاجتماعي تعج بآلاف المطالبات والمقالات التي تنقد توجُّه الوزارة لعقد الامتحان وجاهيًّا؟؟ ( مرفقًا صورة من كتب مجلس الأمة) 

6- ألا تعلم أخي أنّ طلبة الدراسات العليا ليسوا حقل تجارب للقرارات العشوائية؛ فقبل مدة وجيزة كانت الوزارة تتبجح بتجربة الاختبارات والتعلم الكترونيّ، وبما حقّقته من نجاح مبهر، ولكنها – سبحان الله! - بين عشيّة وضحاها عادت تجرّ أذيال الخيبة والفشل الذريع، وتحت مسوّغات واهية لا طائل تحتها، ولا أساس لها من الصحّة؟؟ 
 
7- عندما تحدثتِ الزميلة المُحاورة طالبة الدراسات العليا نسرين حباشنة، وبينت أنّ عدد طلاب الدراسات العليا يقترب من العشرين ألفَ طالبٍ، ثمّ سارعتَ بمداخلتك لتعديل الرقم بأنه ثلاثون ألفًا لا عشرون، فهل كنت تعتقد – حينئذٍ - أنّ العدد قليلٌ؟ ألا تدري يا سيّدي أنّك بذلك قد زدْتَ الطين بِلَّةً، وزرعتَ الخوف في قلوبنا جرّاءَ هذا العدد المهول؟ بل إنّ القلق ليزداد إذا ما علمنا أنّ معظم أعمار طلاب الدراسات العليا تفوق الثلاثين عامًا، وأنّ أكثرهم متزوجون، وهو سنّ تكثر فيه الأمراض وقابلية الإصابة والعدوى، فكفانا استهتارًا بصحة الطلبة صُنّاع المستقبل وقادته. 

8- بخصوص ما تحدث به الناطق فيما يتعلق بخيار (ناجح راسب)، دعني أؤكّد لك أنّك قد جانبتَ الصواب في ذلك؛ أفلا تدري أنّ الفصل الصيفي لم يكن كما تحدثتَ به (ناجح/ راسب) إذ احتُسبت له علامات ولم تحتسب (راسب ناجح)؟ فإن كنتَ تدري فتلك مصيبة، وإنْ كنت لا تدري فالمصيبة أعظم.

9- قد يتذرع البعض بأن عقد الامتحان داخل الحرم الجامعي جاء لضبط الامتحان ومنع محاولات الغش، ولكن هذه الذريعة تتهاوى أمام قولنا: إن الامتحان الجامعي لطلبة البكالوريوس سيكون عرضة لذلك أيضًا، بل إن الامتحان لطلبة الدراسات العليا أبعد ما يكون عن محاولات الغش؛ نظرًا لأن الأسئلة تكون مفتوحة واستنتاجية ونقاشية، وليست مباشرة أو تقتضي الرجوع إلى كتاب بعينه (OPEN BOOK EXAM ). 

10- ألا تنظر الوزارة – كما نطق بلسان حالها ناطقُ إعلامِها – إلى كادرها التعليميّ بعين الكفاءة والمقدرة على بناء اختبارات إلكترونيّة محكمة ومقنّنة حين ذهب الناطق الإعلاميّ بصريح العبارة إلى إنّه متخوِّف من قدرة القائمين على الامتحانات على وضع نماذج وطرائق تقييميّة، لا تعكس الوضع الطبيعيّ والأكاديميّ للطلبة؟؟؟!! والله إنْ كان ذلك كذلك فتلك طامّة كبرى، بل على جامعاتنا قفْ واقرأ السلام. 
 
نكتفي بهذا القدر من فيض ما نملكه من أسباب يستوجب عقد امتحان طلبة الدراسات العليا خارج الحرم الجامعي.
حفظ الله الأردن والإنسانية جمعاء من شر هذا الوباء.