من سيأخذ المطعوم؟!

جفرا نيوز - كتب : د. أمل نصير

كثر الحديث عن المطاعيم ضد فيروس كورونا؛ أنواعها، ومخاطرها، وآلية تصنيع كل منها، وأصبحت الحاجة ماسة إلى دراسات توضح اتجاهات الأردنيين وآراءهم حول المطعوم المرتقب، وقد انبرى مجموعة من الباحثين من جامعة اليرموك، وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، وجامعة العلوم التطبيقية لعمل دراسة غايتها معرفة رأي الأردنيين بالمطعوم قبولا أو عزوفا، ودراسة العلاقة بين رغبتهم بأخذ المطعوم وبين العوامل الديموغرافية، والسريرية، ومخاطر المطعوم الممكنة، والقلق من تداعيات الجائحة.

استخدم الباحثون مقياسا محكّما تم إنشاؤه من قبل فريق بحثي من جامعة Yale)) الأمريكية بعد أخذهم الموافقة على ذلك، وشارك في الدراسة 3,121 من فئات عمرية مختلفة من المحافظات كافة، ومن مختلف الدرجات العلمية. ويلاحظ أن غالبية من شاركوا بالدراسة من الإناث، ومن ذوي الأعمار الواقعة بين 18-34 سنة، وممن يقطنون في شمال المملكة ووسطها؛ منهم قرابة741 ممن توفى أو أصيب أحد أقاربهم بفيروس كورونا.

خلصت الدراسة إلى أنَّ 44.8% ممن شاركوا بالدراسة يرغبون بأخذ المطعوم و55.2% غير متأكدين من رغبتهم، أو لا يوجد لديهم نية لأخذه. وعند النظر إلى الفئة المترددة بأخذ المطعوم، وجدت الدراسة أنَّ 70.7% منهم سيقومون بأخذه إذا كان بتوصية من الطبيب أو الصيدلاني، وأن 27.3% لن يأخذوا المطعوم مهما كانت التوصيات أو ممن، كما أنَّ 32% من المشاركين في الدراسة اتفقوا على أنَّ لأرباب العمل الحق بإلزام موظفيهم بأخذ المطعوم.

أما بالنسبة لمن هو مخول بإعطاء المطعوم، فإنَّ أغلبية المشاركين بالدراسة اتفقت على أنَّ الطبيب هو المخول بذلك، واعتقد ما يقارب الثلث منهم أن الصيادلة يجب أن يكونوا مخولين بإعطائه أيضا.

وبعد التحليل الإحصائي للنتائج، وجدت الدراسة أن هناك دلالة إحصائية بين الرغبة بأخذ المطعوم وعدد من المتغيرات من أهمها: الرغبة بأخذ المطعوم لدى الذكور أعلى منها لدى الإناث، وأن القاطنين في شمال المملكة لديهم الرغبة في أخذه أعلى من باقي الأقاليم، وكذلك وجدت الدراسة أن المدخنين سواء أكانوا ممن يدخنون السجائر الاعتيادية، أم الإلكترونية أم الأرجيلة، لديهم رغبة في أخذ المطعوم أعلى من غير المدخنين، وكذلك كانت رغبة الذين فقدوا أحد الأقارب أو الأصدقاء بسبب الفايروس أعلى ممن لم يفقدوا أحدا، وكذلك كانت رغبة العاطلين عن العمل بأخذه أعلى ممن لديهم عمل او الذين تقاعدوا.

وعن العلاقة بين الرغبة بأخذ المطعوم ومقياس المخاطر المدركة والقلق من تداعيات الجائحة والمطعوم، فإن الدراسة خلصت إلى أن هناك دلالة إحصائية بين الرغبة بأخذ المطعوم والشعور بالقلق من الجائحة والخوف من أعراض الكورونا، وكذلك الاعتقاد بأن الجائحة تسببت بأضرار اقتصادية كبيرة، وأنَّ السيطرة على الجائحة أهم من التبعات الاقتصادية، واعتقد عدد منهم أن المطعوم سيساعد الاقتصاد على التعافي بوتيرة أسرع، ويخفف من العبء على النظام الصحي.

وأشار الباحثون إلى أنَّ الراغبين بأخذ المطعوم كانت لديهم مخاوف من صعوبة الوصول إلى المطعوم، أو نفاذه بسرعة، أو غلاء سعره. أما عن أسباب العزوف عن أخذ المطعوم كما ذكرها المشاركون بالدراسة، فكانت الاعتقاد بأن المطعوم سيسبب المرض أو الوفاة، أو أن له أعراضا جانبية، وربما يكون مؤلماً.

إن مثل هذه الدراسات يمكن أن تكون مفيدة للمعنيين من أصحاب القرار، ووسائل الإعلام لتوجيه الرأي العام حول أهمية أخذ المطعوم للخلاص من الجائحة، وكذلك لتبديد مخاوف الناس من المطعوم أو كلفته وقد سمعنا – مثلا- تصريحا قبل أيام بأنه سيكون مجانا للجميع، وضرورة التركيز على تفنيد كثير من الإشاعات التي قالت بوفاة عدد ممن أخذوه، أو تلك التي تحدثت عن أن الغاية منه التجسس على الناس والسيطرة عليهم... ولعل الدليل المنطقي هنا أن دول العالم المتقدم بدأت بتطعيم القطاع الطبي لديها، فهل يعقل أن تضحي بكوادرها الطبية وهي التي تعاني من نقص فيها؟ وهل يعقل أن جميع هؤلاء يغيب عنهم فكرة التجسس والسيطرة عليهم حتى يقبلوا بالمطعوم. أما الأعراض الجانبية، فهي موجودة في أبسط الأدوية ولو قرأنا النشرة لكثير منها لرفضنا تناولها، ولكن للضرورة أحكام.