الخوف من كورونا والتوجس من اللقاح !!!

جفرا نيوز - مهدي مبارك عبد الله

فى 17 تشرين الثاني الماضي مرعام على اكتشاف أول حالة كورونا مؤكدة فى مقاطعة ووهان بالصين لرجل يبلغ من العمر 55 عام ولم يكن الأطباء حينها يدركوا أنهم يتعاملون مع مرض جديد نفسه وقد ظلت التصورات حتى نهاية كانون الأول من العام أنه فيروس مثل سارس أو " كورونا الشرق الأوسط " أو حتى مثل فيروس أنفلونزا الطيور والخنازير ولم يتصورا أن يكون بهذه القوة والتوحش والانتشار واليوم تؤكد كل المؤشرات الصحية أن الموجة الثانية من فيروس كورونا أشد واقسي من الموجة الأولى وان الإصابات فيها تجرى بمتوالية هندسية تضاعف الحالات فى العالم بشكل جنوني

في الحاضر أصبح لا صوت يعلو فوق صوت " كورونا " هذا الفيروس القاتل الذي فتك بالبشرية واجتاح العالم وفي الوقت الذي لاحت فيه بشائر الأمل في الأفاق بظهور أمصال ولقاحات جديدة قادرة على مقاومته والحد من انتشاره ( صيني كان أو أمريكي وروسي ) في ظل تحور الفيروس بدأت سلالات جديدة منه وبأشكال مختلفة تجتاح بعض الدول والمدن في العالم ليعود الخوف مجددا بعد ان فوجئنا بأنباء ظهور سلالة جديدة أكثر انتشارا في بريطانيا ما أجبر عددا كبيرا من الدول على إيقاف رحلات الطيران معها وجراء ذلك أعلنت بريطانيا فرض قيود من المستوى الرابع فى بعض مناطق لندن خاصة التى ظهرت فيها السلالة المتحورة حيث طبق الإغلاق الكامل ومنعت الزيارات الأسرية

وها نحن نقترب من نهاية 2020 وبداية عام جديد وما زال فيروس " كوفيد – 19 " يحتل المساحة الأوسع من حصاد السنة بل وربما يسيطر على العام مع تضاعف الخوف والعالم يتفرج على الضحايا وهم يتعرضون للإصابات ويسقط منهم الموتى من دون القدرة على معرفة كاملة لهذا الخصم الغامض الذي أشاع الرعب في العالم وأغلق الحدود وقطع أواصر العلاقات الأسرية والاجتماعية والذي كذلك تتغير وتختلف وتتناقض المعلومات والتصريحات حوله في كل دقيقة

اليوم وفي هذه الدوامة يتحدث العالم عن سلالة جديدة من فيروس كورونا تنتقل بشكل أسرع وإن كانت بنفس الخطورة واعلي في القدرة على مقاومة اللقاحات الجديدة التي أنفقت عليها الدول المليارات والتي ينتظرها الناس رغم كل المخاوف والتحذيرات من آثارها وخطورة تداعياتها الجانبية ( ظهور حساسية أو حدوث وفيات ) ونفى من الجهات الطبية ذلك حيث تزداد الخشية والهواجس من ان تكون اللقاحات لازالت في مراحلها التجريبية على البشر مثلما يحدث مع كل دواء جديد وهنا يقفز ا
السؤال الجوهرى ما السر وراء أنباء ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا أكثر انتشارا وربما نسمع في الأيام القليلة المقبلة عن أنه أكثر شراسة وفي هذا التوقيت بالذات المواكب لظهور اللقاحات وهو ما يدعو للشك والريبة خاصة وان ظهور " كوفيد 19" في مدينة ووهان الصينية اصلا كان مثيرا للجدل مما دفع بعض معارضي اللقاحات لإخراج نظريات المؤامرة بتصدير الفزع والرعب للعالم في صراع مميت بين شركات الأدوية الكبرى المتحكمة فى سوق الدواء العالمي واتهامها بالتواطؤ من أجل توزيع اللقاحات لغايات تحقيق المكاسب والإرباح المالية والصفقات التجارية الخرافية دون أي اعتبار للفضائل والقيم الأخلاقية والإنسانية بجانب المتجارة بآلام وأرواح الناس

ما يحدث الآن في بريطانيا وعدد من الدول بانتشار سلالة جديدة من فيروس كورونا وأنباء عن تحور كوفيد 19 فى وقت متزامن مع الإعلان عن التوصل للقاحات تحاول مكافحة الفيروس اللعين يحتاج إلى تعاون وتكاتف دولي بكل موضوعية وتجرد لبحث حقيقة الفيروس الأخطر وسبب انتشاره وإعلان الحقائق بوضوح وشفافية وفقا للدراسات العلمية الموثقة والعاجلة خصوصا وأن الصين استطاعت أن تحجم انتشار الفيروس وقهره بشكل لافت عقب مشوار طويل من مواقف التشكيك والتسخيف

بعد تعاقد الصين على عدد من جرعات لقاحات " فايزر " مما اثار تساؤلات عما إذا كانت الصين لا تثق فى لقاحها وقد يقول البعض أن الصين ربما لا تكون غير قادرة على إنتاج جرعات تكفى كل مواطنيها قبل عامين وبالتالي فهي مضطرة للتتعاقد مع شركات أخرى حتى ومعروف طبيا أن دول مثل الهند تمتلك أكبر معامل لإنتاج الأمصال واللقاحات وسوف تلجأ إليها دول وشركات أخرى لإنتاج لقاحاتها خاصة وأن العالم يحتاج لتلقيح 8 مليارات نسمة يشكلون سكان العالم وهو رقم ضخم لأول مرة فى التاريخ وفى نفس التوقيت ولهذا يتوقع ألا يكتمل إنتاج لقاحات تكفى البشر قبل مرور عام أو ربما عامين مما يعقد رسم سيناريو واضح لنهاية فيروس كورونا وسلالاته المنتشرة وهجماته الميكروبية المستعرة والتي سببت ارتباك للمنظومة الصحية العالمية حيث ستتضاعف أرقام الإصابات بشكل غير مسبوق فى موجة مقبلة تبدو أشد ضراوة

ومن المفارقات التي صاحبت فيروس" كوفيد 19" الذي يعد من أكثر الفيروسات إثارة للفزع عبر العالم وبشكل تجاوز ما سبقه من أوبئة وإمراض حيث ساعدت تقنية الاتصال المتطورة والمعلومات المتدفقة طوال 24 ساعة في مشاهدة ضحايا كورونا على الهواء مباشرة وحساب أعداد المصابين والمتوفين لحظة بلحظة عالميا ومحليا ليس فقط من خلال بيانات وزارات الصحة ولكن أيضا عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر وغيرها والتي تحولت إلى سرادقات للعزاء وحوائط للأحزان فخلال أقل من شهرين تضاعفت أعداد المصابين والوفيات للتجاوز 75 مليونا

ويتوقع أن بزداد هذا الرقم خلال المرحلة المقبلة ضمن متوالية لا تتوقف وبقدر ما تنتشر الأنباء المنسوبة لعلماء وجهات طبية ومعملية مخلوطة بالتفاؤل والتشاؤم على سبيل المثال ( روسيا أعلنت عن اتجاه لتطعيم أكثر من نصف الشعب خلال العام المقبل والصين وزعت مليون جرعة لقاح ضمن تجاربها مودرنا وفايزر طرحت اللقاحات أمام الشاشات واخبارظهور سلالة جديدة فى بعض مناطق بريطانيا حيث قال الأطباء إنها أسرع انتشارا وقد تجعل اللقاح عديم الفائدة لأن اللقاح يقوم على خلق أجسام مضادة تجاه بروتينات الفيروس وأن الطفرة الجديدة للفيروس قد تغير من سلوك البروتين مما يجعل الأجسام المضادة عاجزة عن التعرف عليه ) وهذا كله ضاعف بشكل كبير من شعور الناس بالخوف والرعب حتى أصبحت الإخبار والتصريحات معدية مثل الفيروس وربما أكثر

يضاف الى ذلك إعلان بعض المصادر في منظمة الصحة العالمية عن أن الشهور المقبلة قد تشهد نهاية للفيروس في المقابل هناك توقعات أخرى بأنه سوف يستمر لحين تلقيح أغلبية أو كل البشر حتى تتكون مناعة تجعل كورونا مجرد فيروس موسمي يمكن مقاومته وقد ثبت على ارض الواقع ان قرارات الاغلاقات وفى عرف بعض الجهات الطبية كانت غير مجدية في ظل اتساع الإصابات وتضاعف الخسائر الاقتصادية للشركات والأفراد بشكل كبير باستثناءات قليلة وهناك تقارير مقلقة تشير إلى أن اقتصاد العالم يحتاج إلى عامين ليصل إلى معدل ما قبل كورونا

رغم ضبابية المشهد حتى الآن يبقى السؤال الذي ما زال يطرحه الملايين حول العالم منذ بداية هذا الفيروس الذي تسبب في وفاة قرابة المليون ونصف فى العالم وأصاب أكثر من 65 مليون شخص حول العالم حتى وقتنا هذا متى ستنتهي أزمة كورونا وهل هنالك قدرة على إنتاج لقاحات تكفى سكان العالم وهل سيكون هناك توزيع عادل لهذه اللقاحات أم أن العالم سيدخل في معركة جديدة عام 2021 بشأن امتلاك اللقاحات والتربح منها وتحديد من يستفيد من خلال ( تحالفات اللقاحات الدولية )

الحقيقة الواضحة والثابتة هي أن العالم سيظل في معارك محتدمة مع الفيروس حتى بعد 2021 وفقا لتأكيدات العديد من الدوريات العلمية بفرضية استمراره حتى مع وجود اللقاح لأن الهدف حتى الآن هو تحييده وتقليل الاصابات بحيث يصبح مرض غير قاتل وحسب ما يوره المختصون ليس معنى حصول الشخص على اللقاح أن يكون غير حامل له فقد يتكاثر الفيروس لدى الحاصلين على اللقاح دون أن يصيبهم وهذا كفيل بأن ينقل المرض للآخرين الذين لم يحصلوا عليه وكل هذا يدفع باستمرارية الحرب ضد هذا الوباء مع إمكانية ظهور تطورات جديدة لم تطل برأسها علينا بعد
وأخيرا وبعد تصاعد الأرقام يوما تلو الآخر وعودة الفيروس بقوة في موجته الجديدة فليس لهذه الأزمة من دون الله كاشفة ولكن يتعين علينا أن نأخذ بالأسباب ورغم الأمل في توفير اللقاحات وبدء تطعيم الشعوب تبقى النصيحة الوحيدة والحقيقة المؤكدة للخبراء هي حتمية تطبيق الإجراءات الاحترازية بالتباعد الاجتماعي وتغيير نمط الحياة بشكل عام وتجنب الاستخدام السيئ للأدوات الشخصية وضرورة ارتداء الكمامة الواقية مع الاهتمام بالنظافة ووضع الكحول باستمرار ببساطة يجب ان تتحول الإجراءات الوقائية ضد الفيروس إلى أسلوب حياة في كل الأحوال سواء ما قبل توفير اللقاح أو ما بعده لأن الرهان الحقيقي حتى الآن هو التزام المواطنين بالإجراءات الاحترازية والوقائية

mahdimubarak@gmail.com