الانتخابات الأميركية

جفرا نيوز - كتب حمادة فراعنة
 

فقد الرئيس الأميركي ترامب كامل أوراقه الانتخابية والإجرائية والقانونية، وبات المرشح بايدن حكماً مؤهلاً لتقديم اليمين القانونية كرئيس دستوري 59 للولايات المتحدة يوم 20 / 1 / 2021.

يوم 3 / 11 /  2020  شهدت الولايات المتحدة عدة أشكال من الانتخابات في يوم واحد، فقد صوّت الناخبون لاختيار: 1- الرئيس، 2- ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، 3- كامل أعضاء مجلس النواب، 4- ممثلي الولايات للمجمع الانتخابي الذي ينتخب الرئيس للسنوات الأربع المقبلة.

ووفق العرف الانتخابي يلتزم ممثلو الولايات للمجمع الانتخابي انتخاب المرشح وفق نتائج التصويت الشعبي بالأغلبية أو الأكثرية، ولا يجوز لأي عضو في المجمع الانتخابي الخروج عن الإجماع، فإذا كان التصويت الشعبي لصالح مرشح بالأغلبية يلتزم كافة أعضاء المجمع الانتخابي بالتصويت لهذا المرشح كاملاً، ولا يخرج عن الاجماع ممثل واحد وإلا يُعتبر وفق الأعراف الانتخابية الأميركية «خائناً « مع أن القانون لا يلزمه بالتصويت لصالح مرشح لا يرغبه، ولأن ممثلي المجمع تم انتخابهم يوم 3 / 11 / 2020  وتم انتخاب الرئيس من قبل المجمع الانتخابي المنتخب قبل أيام، يوم 13 / 12 / 2020، التزاماً بنتائج التصويت الشعبي وفق الأغلبية أو الأكثرية كما حصل يوم 3 / 11 / 2020، وهذا ما يُفسر حصول المرشح بايدن على 306 اصوات من المجمع الانتخابي من أصل 538 صوتاً، يمثلون الولايات وفق نسبة عدد السكان، وبذلك صوت ممثلو المجمع الانتخابي لكل ولاية وفق نتائج صناديق الاقتراع لكل مرشح. 

هزيمة ترامب أمام منافسه بايدن، لم تعد فقط هزيمة شخصية بين مرشحين، ولم تعد هزيمة مرشح الحزب الجمهوري أمام مرشح الحزب الديمقراطي، كما جرت العادة لدى انتخابات 58 دورة انتخابية سابقة، بل ثمة تطورات اجتماعية اقتصادية عميقة داخل المجتمع الأميركي تعكس صراعات ذات طابع: 1- قومي، 2- ديني، 3- طبقي، وافرازاتها تمت بوضوح بالغ عبر حدة الانحيازات والاصطفافات القومية الدينية الطبقية للناخبين، وبان ذلك من حجم التحصيل التصويتي للمرشحين، حيث صوت 150 مليوناً من أصل 160 مليون ناخب أميركي يحق لهم التصويت، وهي المرة الأولى التي يندفع فيها الأميركيون بهذا الزخم للوصول إلى صناديق الاقتراع، لم تمنعهم الكورونا ولا حدة الطقس، بل اصطفوا طويلاُ أمام صناديق الاقتراع؛ لأنهم أدركوا أن نتائج الانتخابات ستفرز رؤية وموقفا: قوميا، دينيا، طبقيا.

المرشح ترامب يمثل طبقياً الأثرياء غالباً، ويمثل العنصر الأوروبي العنصري الأبيض، مثلما يمثل المسيحيين المتدينين الإنجيليين البروتستانت المجددين.

والمرشح بايدن يمثل على الأغلب الشرائح الدنيا والمتوسطة من المجتمع الأميركي، مثلما يمثل التعددية القومية وهذا ما يُفسر انحيازات العرب والمسلمين والأفارقة والأسيويين والأقليات لصالحه، كما يُمثل التعددية الدينية من المسيحيين والمسلمين وأغلبية اليهود المعتدلين والبوذيين وغيرهم، ولهذا كانت كاميلا هاريس الملونة مرشحة نائب الرئيس مع بايدن، في مواجهة مرشح ترامب نائباً للرئيس المسيحي الإنجيلي المتعصب بنيس.

غياب أعداء الولايات المتحدة وهزيمتهم كما حصل للشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة، وكما حصل لتنظيمي القاعدة وداعش في أفغانستان والعراق وسوريا، جعل الاهتمام بالأوضاع الداخلية للناخب الأميركي أكثر وضوحاً وحدة من أي انتخابات سابقة، مثلما بلغ المجتمع الأميركي أوجه وقمة تفوقه، ولذلك تحتد المصالح الطبقية بين الأثرياء والفقراء حول الضمانات الاجتماعية والتأمين الصحي، وغيرها من العناوين المكلفة التي يُطالب بها الفقراء ويرفض تحقيقها الأثرياء، وهذا ما يُفسر أيضاً هروب سياسة الولايات المتحدة عن الالتزام بالقيم الإنسانية الجماعية الممثل عنها مؤسسات الأمم المتحدة كاليونسكو ومنظمة الصحة العالمية، ومحكمة الجنايات الدولية.