شقيق النائب السعود يستذكر أخويه الراحلين بعد مرور 40 يوما على رحيلهما

جفرا نيوز- كتب الدكتور حسني السعود مرثية في اخويه الراحلين النائب الراحل يحيى السعود والحاج عمر، حيث أصاب رحيلهما بحادث سير قبيل الانتخابات فاجعة أصابة قلوب الأردنيين.


وتاليا ما كتبه الدكتور حسني السعود.

ذكرى مرور أربعين يوماً على وفاة شقيقيّ :
 عمر محمد محمود السعود
يحيى محمد محمود السعود 

قال تعالى : { وبشّر الصّابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون}. صدق الله العظيم. 

   أعلم علم اليقين أنّ الكلمات و بلاغة القول لن تعبّر عمّا يجيش في خاطري من مشاعر الحزن و الأسى وقسوة الفراق , فالحمد لله في السّرّاء و الضّرّاء، و لا حول ولا قوة إلا بالله ،وإنّا لله وإنّا إليه راجعون. 

هناك رجال يتركون بصمات واضحة في جميع مناحي الحياة، وتبقى سيرتهم العطرة و أعمالهم الخيّرة وشم في تاريخ الأمة ، فهمّهم الوحيد خدمة الوطن وأهله البسطاء، فيغيثون الملهوف و يجيرون المظلوم ، وتبقى أسماؤهم منقوشة في ذاكرة الأمة فنترحم عليهم وندعو الله لهم المغفرة لحسن أخلاقهم و طيب معشرهم. 

لقد كان أخي الغالي عمر عاموداً من أعمدة المسجد لا يترك فرضاً من فروض الله و يتمتع بشخصية مؤثرة يحبها الجميع ، فبكاه الصغير قبل الكبير، وكتبوا عنه أجمل الكلام و شهدوا له بأنّه من أهل الصلاح عندما سمعوا خبر وفاته رحمه الله. 

أما اخي الحبيب يحيى فهل لك سرّ عند الله؟ لقد ضجّ الجميع عند سماع نبأ وفاتك في داخل الوطن و خارجه وخرج الآلاف في تشييع جثمانك الطاهر ، و تركت جرحاً عميقاً في قلوب محبّيك فرأيت الأطفال و النساء و الشباب و الشيوخ على باب المسجد من جميع أرجاء الوطن في موقف مهيب يودّعونك بالدعاء و البكاء. 

أخي يحيى  لقد فزت بمقعدٍ عالٍ أنفس من الدنيا و ما فيها، مقعد صدق عند مليك مقتدر؛ لأنّك شققت طريق حياتك العمليّة بشعار اتّصف بالمحبة و التسامح ، و خدمة الناس من خلال العمل العام عضواً في مجلس أمانة عمان و عضواً في مجلس الأمة لدورات عديدة ، فلقد كنت تصل الليل بالنهار خادماً الناسَ و ناصراً الضعفاءَ ، و تركت بصمات واضحة في هذه المواقع وجسّدت الوحدة الوطنية وكنت مدافعاً شرساً عن القضية الفلسطينية في المحافل و المؤتمرات الدوليّة  لنيل حقوقهم الشرعية و كسر الحصار عن غزة هاشم مرات عديدة من خلال رئاستك للجنة فلسطين النيابية.

 أما أنا سأذكر موقفاً عظيماً لن أنساه طوال حياتي، فقد أجري لي عملية زراعة الكبد في القاهرة عام (٢٠١٦) وتكفّل أخي يحيى بنفقة العلاج وكان برفقتي أخي عمر - رحمهما الله - وكان باستقبالنا آنذاك دولة الدكتور بشر الخصاونة الذي كان بوقتها يعمل سفيراً في جمهورية مصر الشقيقة ،وتكللت العملية بالنجاح ووقفا معي لآخر لحظة حتى مَنَّ الله عليَّ بالشفاء فجزاهم الله عنّي خير الجزاء.

في كل حين يذكرك الناس يا أبا محمد ، و يدعون لك بالمغفرة فلا تخلو مواقع التواصل الاجتماعي من ذكر مناقبك الحسنة ، وافتقدك الجميع بالبكاء عند افتتاح مجلس النواب التاسع عشر ذاكرين مواقف الرجولة  و العزة وكنت خير ممثل لهم تحت القبة تنقل همومهم ، و تساعدهم بكل ما أوتيت من قوة فمقعدك إن شاء الله في الجنة. 

وسأقوم بإذن الله تعالى بتأليف كتاب يخلد ذكراك ويحكي قصة حياتك بعنوان :" يحيى السعود كيف ملكت القلوب" ليتعلم منك الجميع ، وأن تكون مدرسة للأجيال اللاحقة في تحمل المسؤوليّة و الأمانة فلقد خرجت من رحم المعاناة و من تحت الردم - كما وصفت حياتك في إحدى اللقاءات -ومثّلت هذه الشريحة المحرومة  و خدمتها بكل شرف و أمانة وصدق حتى عشقك الجميع فوصلت إلى القلوب بسهولة و ملكتها. 

 فوالله، إنّها كرامات من عند الله أن يجعل يحيى السعود سبباً في حلّ مشاكل الناس أو أن تكون سبباً من عند الله في تعيين أو ترقية أو مساعدة  أو غيرها من منافع الناس و بهذا أتذكر قول أبي الفتح البستيّ :

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم                 فطالما استبعد الإنسانَ إحسان
وكن على الدهر معواناً لذي أملٍ               يرجو نداك فإن الحرّ مِعوانُ

  لقد اكتسب أشقائي - رحمهم الله - هذه الصفات الحسنة و الأخلاق النبيلة من والدي -رحمه الله- الذي كان يعيش في قرية عيمه في محافظة الطفيلة الهاشمية، هذه المحافظة العريقة التي يتمتع أهلها بالأخلاق النبيلة وحسن المعاملة وخدمة الناس و صفات النخوة و الكرم و الرجولة فكان للبيئة دور مهم في ذلك .

 وفي الختام أدعو المولى عز وجلّ  أن يرحم والديّ و أشقائي و موتى المسلمين رحمةً واسعةً وأن يعافهم ويعفو عنهم  ، و أن يكرم نزلهم ، وأن يبدلهم داراً خيراً من دارهم و اجمعنا معهم في الفردوس الأعلى من الجنة إنّك سميع مجيب الدعاء. 
أخوكم الذي لن ينساكم

د. حسني محمد السعود