مجلس النواب يعاني "جزرا" تشريعيا و"مدا" رقابيا .. ومشاريع قوانين الإصلاح فرصة لإعادة التواصل مع الشارع

جفرا نيوز - جهاد المنسي
منذ الثامن عشر من الشهر الماضي، لم يناقش مجلس النواب مشروع قانون، واكتفى بتفعيل ذراعه الرقابي عبر تفعيل بند "ما يستجد من أعمال"، والأسئلة النيابية والأجوبة الحكومية عليها، والاستجوابات.
نعم.. هذا جزء من عمل المجلس الرقابي، وهو توجه محمود، بيد أن غياب التشريع كل هذه الفترة الطويلة، من شأنه إعاقة الذراع التشريعي ليس فقط لدى المجلس، وإنما سيؤثر أيضا على مجلس الأعيان الذي ينظر في مشاريع القوانين المنتهية من غرفة مجلس الأمة الأولى (النواب).
قد يقول قائل انه ومنذ 50 يوما من عمر الدورة العادية الثانية للمجلس السادس عشر، تعج غرفه وقاعاته بالاجتماعات اليومية، لكن الأمر الواضح، وجود تلكؤ تشريعي عند لجان المجلس الدائمة الأربعة عشرة، ما أدى إلى غياب التشريع كل هذه الفترة.
المجلس، يعقد اجتماعات كثيرة، نعم، ولكن اغلبها يتعلق بلجان التحقيق النيابية وعددها 18، إضافة للاجتماعات المكثفة التي تعقدها اللجنة المالية والاقتصادية للنظر في مشروع قانون الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2012.
لجان المجلس الأخرى، لا تعقد اجتماعات تشريعية، واغلب اجتماعاتها تعقد للنظر في حل قضية ما، أو للاستماع إلى الوزير المعني في موضوع محدد.
وهناك لجان دائمة عقدت اجتماعات خجولة للنظر في مشاريع قوانين مدرجة على جدول أعمالها، لكنها لم تنته من قراءتها، وتؤثر الاجتماع أسبوعيا لمتابعة ذلك، برغم استطاعتها عقد اجتماعات مكثفة لإنهاء ما هو معروض عليها.
هذه ليست دعوة الى "سلق" مشاريع القوانين، ولكنها قرع للجرس من جديد، للتنبيه الى مشكلة عدم وجود مشاريع قوانين جاهزة للجان المجلس المختلفة، حتى أن مشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات الذي جرى إحالته من قبل المجلس إلى لجنة مشتركة (إدارية وقانونية) لم يتم التعامل معه تشريعيا حتى الآن، وتم الاكتفاء بعقد اجتماع أولي للجنة المشتركة لانتخاب رئيس ومقرر، فيما تعاود اللجنة اجتماعها غدا، للبدء بقراءة مشروع القانون الذي يعتبر من أهم مشاريع قوانين الإصلاح.
كما انها ليست دعوة ليتخلى المجلس عن دوره الرقابي المطلوب، وإنما هي دعوة ليوازن المجلس بين دوره الرقابي والتشريعي، بحيث لا تكون الغلبة لأي منهما على الآخر، وبالتالي إنهاء مشاريع قوانين كثيرة ما تزال في أدراج لجانه المختلفة بانتظار الانجاز.
المزاج النيابي فيما يحدث خارج أسوار مجلسهم مختلف، ففي الوقت الذي يعتقد نواب بأن مطلب "حل" مجلسهم وإجراء انتخابات نيابية العام الحالي فيه ظلم لهم ولمجلسهم، يعتقد البعض الآخر أن ما يحدث في الشارع أسبوعيا، سيؤثر على استمرارية مجلسهم، وبالتالي فإن "الحل" سيكون خيارا مطروحا بعد إنهاء مشاريع القوانين المطلوبة للسير في عملية الإصلاح، وأبرزها قانونا الهيئة المستقلة والانتخاب.
وعلى ذلك، فإن نوابا وفق ما يصرحون به في غرف مغلقة، يرون أن مفتاح "حل" المجلس بين أيديهم، ولهذا يدفع فريق منهم بأن يأخذ المجلس "كل وقته" في إقرار مشاريع القوانين المطلوبة، سواء كانت ذات صلة بعملية الإصلاح أو غيرها، باعتبار أن "إطالة" عمر مجلسهم يعتمد على ذلك.
في المقابل، فإن فريقا نيابيا آخر يرى أن وجود مشاريع قوانين الإصلاح بين يدي المجلس، فرصة حقيقية لكي يعيد النواب تواصلهم مع كل الجهات المطالبة بالإصلاح، وان يخلق له دور عبر فتح "طاقات" حوار مع جميع الأطياف، والقيام بدور أكثر قربا من الشارع، وأوسع احتكاكا مع شرائحه المختلفة.
الخوف الذي يعبر عنه نواب من حل مجلسهم في حالة إقرار مشاريع القوانين الناظمة لعملية الإصلاح غير مبرر، إذ ما اعتبرنا أن المجلس ركن أساسي من أركان الدولة، وبالتالي فإن هذا الركن عليه الابتعاد عن حسابات الربح والخسارة، والتعامل مع الدولة بمفهومها الشامل.