شراكة في مواجهة المستعمرة

جفرا نيوز - كتب - حمادة فراعنة

«حقيقة نحن نحتل اراضي، وهناك حصار على غزة وتمييز مروع، كل ذلك عزز قراري بعدم المشاركة في الجيش»

بهذه المفردات، وبهذا المضمون لخصت الشابة الإسرائيلية هيلل رابين رفضها الخدمة الإلزامية والتجنيد الإجباري في جيش المستعمرة الإسرائيلية، فالقانون يفرض على الشبان تلبية الواجب الإلزامي في الخدمة العسكرية 24 شهراً للشابات و36 شهراً للشباب بعد وصولهم لعمر 18 سنة.

دوافع رفض هيلل عرضّها لمحاكمات عسكرية قضت بسببها فترات متقطعة بالسجن بعد أن أقرت المحكة أن رفض هيلل يعود لأسباب سياسية وليس لدوافع ضميرية مبدأية، وهذا يعود كما قالت في الإعلام إلى ثلاثة أسباب:

أولاً احتلال أراضي الفلسطينيين لمناطق 67.

ثانياً الحصار الظالم الواقع على أهالي قطاع غزة.

ثالثاً التمييز الواقع على الفلسطينيين كمواطنين إسرائيليين في مناطق 48.

صبية إسرائيلية في عمر الورد تتحدى قوة المستعمرة ونفوذها وأجهزتها وجيشها ومؤسساتها وترفض الخدمة الإلزامية في جيش المستعمرة الاحتلالي، لأسباب ضميرية ودوافع سياسية، تحمل عمق تضامنها مع الشعب العربي الفلسطيني، وتحترم إرادته وتقر بحقوقه في المساواة والاستقلال والكرامة، وهي بذلك تفتح ثغرة مهما بدت صغيرة متواضعة على أهمية اختراق المجتمع الإسرائيلي، وكسب إنحيازات لصالح قضية الشعب الفلسطيني، وعدالة مطالبه المشروعة المجسدة بقراري الأمم المتحدة : قرار التقسيم والدولة 181، وقرار حق العودة 194.

كسب إسرائيليين وإشراكهم في النضال الفلسطيني، يحقق نصف الشوط على طريق انتصار المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، وهزيمة مؤكدة لتفوق المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، مهما كانت العقبات والمتاعب وعدم سهولة الحوار والتلاقي مع الطرف الآخر في منتصف الطريق.

الحزب الشيوعي في مناطق 48 نموذجاً كفاحياً راقياً يُحتذى وهو يجمع بين صفوفه من القومتين العربية والعبرية والهويتين الفلسطينية والإسرائيلية، في مواجهة الصهيونية والعنصرية والاحتلال، ولديه نواب إسرائيليون في البرلمان مشهود لهم عوفر كسيف أحدهم شغل موقع رفيقه السابق دوف حنين عبر القائمة البرلمانية المشتركة.

ولدى بعضهم فكرة جديدة لديها الكثير من النواقص والملاحظات، وعليها الكثير من المأخذ على نوعية التشكيل، ولكنها فكرة تحمل تطلعات واقعية مشروعة إذا نجحت حقاً في ولادة حزب مشترك يرفض الصهيونية برنامجاً وسلوكاً وأداء وتطلعاً، تعكس رغبة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، والقوميتين العربية والعبرية، وأصحاب الديانات من اليهود والمسلمين والمسيحيين والدروز، على أساس المساواة والندية وتحمل مشروعين:

1- إما تقاسم الأرض بدولتين مستقلتين إسرائيلية وفلسطينية، وإما 2- تقاسم السلطة في دولة ديمقراطية واحدة للشعبين وفق نتائج صناديق الاقتراع.

المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي مهما طغى وتكبر وتجبر وتسلط مصيره الفشل والهزيمة لأنه قام على الظلم والاستعمار واضطهاد الشعب الفلسطيني وتدميره وطرد نصفه وسلب أرضه والتطاول على كرامته، ولذلك فهو مصيره كالاستعمار الفرنسي في الجزائر، ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وهي مسألة وقت، حتى يتوفر دي كليرك إسرائيلي، وتتغير موازين القوى، وتجربة هيلل رابين هي مؤشر على ولادة المستقبل النبيل للجيل المقبل.