أحمد سلامة يكتب: طوبى للوفاء ايتها المخابرات

جفرا نيوز- خاص- كتب: احمد سلامة

تظل موسسة المخابرات العامة في الاردن قضية صعبة التناول، سيما ان كان تناول احد اهم رموزها ، تناولا ايجابيا .. ذلك ان ( زمرة الحكواتية ) الذين يصنعون ثقافة للاعلام الوطني عن بعد، وعجز القيادات الاعلامية الفتية من صناعة ( رسالة ردع يقينية ) قد جعلت  ( المخابرات العامة )  وقبلها من هو اسمى منها مكانة ورفعة (موسسة العرش ) مادة قابلة للنقد والتناول السلبي واضحى الذي يأخذ موقفا فكريا او منهجيا او ايمانيا ( بالعرش ) او ( نحو المخابرات ) هدفا يسهل استباحته والتجرؤ عليه وارساله خلف الشمس حتى ممن يدعون ، انهم من ( كسبة الدولة والموالين لها ) ..!

والاردنيون يغريهم التجارب الشخصية ونفخ الذات واعتبار ان الشمس تشرق وتغيب ( فدو من يود الحديث عن تجربته ) ، وحين اقول الاردنيين خشية ان اقع في جهنم ( شتائم جماعة الاعتقاد ) الذين اكرمنا ( رئيس الوزراء ) بعدد منهم تنصيبهم وزراء يدلون الشماغ اثناء شرح خطتهم الوطنية لنا )..! 

هؤلاء الزمر الذين اضحى لهم تمثيلا في مجالس الوزراء وغابت المعايير اللائقة في الاختيارات ( ولا اخص حكومة بعينها) ، بل ان كل حكومة قد اشركت جماعة الاعتقاد وحزب الهمبرغر وحزب السوشال ميديا في تشكيل الحكومات حتى جنرالات جيش سابقين شكلوا حكومة مرتين في العهد العبدلي المثنى، قد راحوا صوب حزب المعارضة، وهذا في ظني عنصر قوة لدولتنا .

هذه المقدمة على طريقة الخال الاستاذ المرحوم ضيفالله الحمود الذي كان يحكي الف قصة قبل ان يصل الى مبتغاه 
وهو اسلوب ذائع الصيت في الكتابة الادبية ( ادب المقامات احتو ى بعض ذلك ، رسالة الغفران ، وحتى السير كتبت على مثل هذا النحو !!! .....

امس قرات على الموقع الأخباري المهني "جفرا نيوز" مقالة لضابط مخابرات متقاعد  السيد بسام باشا النسور مر  فيه على طيف من اطياف السيف الاردني "ابو مازن رحمه الله / مصطفى القيسي", والحق .. ان الاخ بسام النسور  لم التقيه في حياتي قط ولم اتقاطع معه طوال عملي خارج الدولة او في قلبها الا مرة واحدة ( ذهبت معاتبا للمرحوم الحبيب رفيق العمر فيصل الشوبكي) على موقف بدر من احد كتاب الخواطر باهظي الاجور واحد نجوم المرحلة الاعلامية الراهنة.. ولم يزل .. على مشروع عمل كنت انفذه في فترة الربيع العربي ل"لملمة" بعض اشياء في الوطن، كنا جنودا تركنا عملنا خارج الوطن وعدنا  لنؤدي مهمة وواجب مقدس.. قال لي فيصل باشا بطريقته الاخوية الفذة: "انسى الموضوع وهاتف احد الضباط في الامر ومان ذلك الضابط هو بسام باشا النسور" ولقد حسم الامر في اليوم التالي ..
                 *
وجدت ما كتبه عن الباشا الذي لم يمت مثل كل الدين استشهدوا على اعتاب عزة الوطن واول من دشن ذلك 
شهيد الاقصى العظيم عبدالله باني عزتنا ووطننا ، ومن بعده كل من اتى الشهادة  تلبية لنداءه، فهو صاحب السبق وسيده، قبل ابراهيم هاشم رحمه الله اول شهيد في كوكبة شهداء كرسي الرئاسة..
             *
طير قلبي فرحا "بسام النسور"بموقفه الجسور النبيل في ثناءه على قائد امني حفر بدمه على حائط الوطن كلمة ( سيف )، واسعدني ان المتقاعدين حين يمسكون على مهنيتهم ووطنيتهم فانهم يبرون بقسمهم ويرفعون صيت تاريخهم الشخصي !!! 
           *

 اكتب وفاءا لحب ابدي جمعني بالباشا مصطفى القيسي الانسان الذي عرفت طفولته في قمة فروسيته، وادركتني قسوة مواقفه ونحن اقرب الاصدقاء والحلفاء ..واكتب.. احتراما لذاكرة ضابط متقاعد احترم فيه نبل وفاءه هو بسام النسور "الباشا"
الذي اتمنى بكل روحي ان يكون نموذجا واتجاها عاما في حياة المتقاعدين فينا مدنيين وعسكريين ..
             *

مرة في احدى حواراتي الاخوية المتواصلة مع الغالي سمير الرفاعي، اضاف الى فهمي الوطني عنوانا جديدا حين قال لي: "القسم الذي يوديه المرء ، مخلصا للملك او خادما للأمة او محافظا على الدستور اخلاقيا 
لا علاقة له بالوظيفة التي يشغلها بل هو قسم الزامي له ما دام حيا"..
وهذا كلام تاريخي في معنى القسم !!!
                 *

     اكتب عن ابو مازن ليس لرفع شان لاحد ولا سعيا لنيل مكسب من احد لأن الكتابة رسالة واحد يحمل سيفا واخر ترسا وثالث قلما اي هناك تكليف لمن قبل ان يكون جنديا حتى الممات ..اكتب عن ابو مازن ولن اكسره كرمال اللغة وحروف الجر وسيظل مرفوعا فهو رجل كسر الاعداء وواجبنا انا نرفعه فوق اكتافنا وهو عند ربه..
               *

اريد ان اروي بعض قصص لجيل لم يعش تلك المرحلة واضحت ( سردية الوطن كلها حكرا على مجموعة خارج الوطن ، ومع الاحترام والتقدير لجهود المخلص منهم في النقد وغير الذي يبتغي مصلحة سخصية ، فان السردية الوطنية لها اكثر من حافة ولها اكثر من مدخل ) ..ولعلي لا ابالغ ان قلت مناشدا من يقرا ويكتب في اطارات الدولة وقد صاروا قلة 
ان ترك ( الحكواتية بمعاداتهم مرة واستمالتهم الف مرة ) لسرد الحكاية الاردنية وحدهم 
ليس خطاهم ولا جريمتهم ...بل هو خطا دولة تمزق اوراقها وتلقي بعناصر قوتها على قارعة الطريق .....وتترك المجال لسردية المعارضة وحدها هي السائدة..اجازف بالقول ان ذلك يقارب الاثم 
              *

ان دولة بكل اطاراتها تتفرج على موت صحيفتي الوطن ( الراي والدستور ) مثل موت الاشجار التي تموت واقفة.. وتترك السردية الوطنية ، للمعارضة القادمة علينا من الخارج..لا يفهم الا في باب اناس استمرءوا فكرة الانتحار ...انا شخصيا 
ضد فكر ( فوكو ) ذلك المفكر الفرنسي الذي له اتباعه لسبب بسيط واحد ( لانه مات بالايدز ) بسبب  الحاحة على ما اسماه ( لذة التجريب ) !!.. ان لذة التجريب بالحياد لا تصنع وطنا ايها الناس.. والصحافة المكتوبة هي ذاكرة البشرية ولعبتها المشتهاة.. ان علم الرذاذ علم هام لكننا كنا نخوض دوما معاركنا الاعلامية في ساحات متقدمة ولا نسمح للخصوم اقتحام عتباتنا..
لقد قهرنا اعلام عبد الناصر بحنجرة صلاح ابوزيد الذهبية وتعليقات امين ابو الشعر وتحالفتا مع غسان تويني حين اختطف الكبير في الامة ( الحسين ) النهار من براثن النصرية الجائرة علينا
            *
اكتب اليوم مناشدا ابن معلمي واستاذي الذي دفع به القدر وارادة جلالة الملك ان يكون رئيسا للوزراء في هذا الظرف الا يسجل تلى نفسه خيانة مبادىء ابيه التي تربينا عليها جيلا باكمله( ان الصحافة للوطن والملك وليست دكانا لأحد ) 
لقد  دفع "هاني الخصاونة" ذاك القومي الشهم بالصحافة الى مرحلة تاريخانية عام ١٩٨٩ حين انتزعها ملكية خاصة وجعل منها ملكية للوطن ...فهل يكون رئيس الوزراء على الاقل وفيا لما فعله ابوه ويحمي الصحافة من الموت!.. ان الامر سهل على دولة دفعت الملايين لتصنع محطة تلفزيون وفي النتيجة كانت قناة رديفة للتلفزيون الوطني!.. احرى بها ان تضخ ملايين لانقاذ منصة اهم للاردن من كل منصاته الاخرى ....لماذا تذكرت كل هذا ؟! ذكرني بسام النسور باخلاق الفرسان .. حين ضيق علينا ابو هيثم سميح باشا البطيخي الحياة في زمن صعب .. كنا نتلاقى على صورة دورية معالي الدكتور هاني الخصاونة ومعالي المرحوم حسين مجلي والاستاذ سميح خريس ومعالي الكبير مصطفى باشا القيسي عادة ما كان يكرمني يمر علي واكون في معيته ونتجه صباحا الى تلك الشقة المتواضعة والثرية بالاخلاق في ضاحية الحسين، منزل ذلك المحترم اليعربي النظيف محمد السقاف.. ولك ان تتخيل الخلفيات للرجال ....حين توفيت المرحومة ام خالد كنا على القبر نحيط برفيقها الذي اخذ منه موت شريكته روحه ...كان مصطفى القيسي يسند ابو خالد ياليمين وهاني الخصاونه يسنده بالشمال ونحن من خلفهم..كان الاردن.. واحة من حب ذات مرة سألت ابو مازن رحمه الله سوالا فكريا حول التلاقي في الكبر بين الرجال قال لي: ليس مهما ما تكون عليه من عقيدة المهم ما تكون عليه من اخلاص لوطنك.. كان ابو مازن الأمني العتيد قد اشاع في الاردن تلبية نداء الحسين فينا (الاسرة الواحدة ) الدفء الذي كان يفصل بين رصاصته ودمعته هو سر شخصيته..كان مصطفى باشا مدرسة خالدة في المحبة.. وخالدة في المواجهة.. وخالدة في سرعة اتخاذ القرار..اننا في امس الحاجة اليوم 
الى استرداد ثقافة ( جلسات الصبح ) مصاطب الحب والوعي في عمان،حين ننتهي من مصيبة الكورونا..
كان فارس النابلسي رحمه الله 

له مصطبته التي تجمع الدغمي بممدوح العبادي وتدرب علي ابو الراغب ليصير رئيسا لاحقا.. ومصطبة الكايدية ( محمود الكايد ) كانت مدرسة تجهيز اعلامية مرموقة..ومصطبة مصطفى القيسي في الشميساني أول التاهيل..ومدرسة محمد السقاف الذي نظم التنوين وكانت المليارات تحت ابطه وودع الحياة من شقة تحترم لانه محترم.. كانت جمعته تضم الامني والاعلامي والاشراف والقومي والفقير والامير والخفير..
             
*

نحتاج ان يعاد ل الراي صالونها المرموق نحتاج ان تكون الدستور صحيفة الوطن حين كانت كل الصحافة ضد الوطن..
نحتاج لاسترداد جمعة حماد ومحمد الجيلاني وابراهيم سكجها ومحمود الشريف وحسن التل ونايف مخادمة ومحمد ابو غوش 
فالصحافة لا تحتمل الحسابات الضيقة الصحافة ابداع فانقذوها ودعوها للمبدعين الصالحين رحم الله 
مصطفى باشا الذي كان بمثابة الاب والاخ والحبيب كان ابو مازن كل الحب وشكرا للذين سمتهم الوفاء 

 ( اخر احتفال اقامه احمد سلامة ابو رفعت  تكريما للكبير في دبين ودعا اليه كل جنرالاته في معيته )