مش”مجرد معلومات”

جفرا نيوز- كتب حسني عايش

 ما أقدمه لك في هذه المقالة «مش» مجرد معلومات نتداخل بها في المناسبة هذه أو تلك، وإنما قضايا في غاية الأهمية في هذا العصر الرقمي.

في مسح جديد لـ: يوروستات (Eurostat) تبين أن نسبة قراءة الكتب في أوروبا انخفضت بمقدار 20 % بين السكان في الآونة الأخيرة. وكذلك عدد الدقائق التي يقضيها القارئ في القراءة. صارت تتراوح بين دقيقتين إلى ثلاث عشرة دقيقة يومياً ، تقابلها نصف دقيقة في بلاد العرب.

في بلاد المسلمين: العربية وغير العربية يستولي المحافظون/ الرجعيون على منابر التلفزيون، وينفثون من خلاله سموم أفكارهم للصغار والشباب، ويعززونها عند الراشدين أو المسنين المتكونين بها. وهكذا لا يستطيع المستنير أو الناقد الفكري تنوير المجتمع بهذه الوسيلة شبه المحرّمة عليه. وحتى إذا كان هناك برنامج مستنير فإن ما يتاح له من وقت لمداخلة ما يكون قصيراً، ويقطعه مدير البرنامج أو أحد المشاركين المغلقي العقول كي لا يُكمل كلامه إن شم فيه رائحة ما يغضب، فلا تصل مداخلته بعيداً. لكن الأمر يتغير تماماً في أقل من جيل كما يقول المفكر الايطالي الاستقصائي الحر والمحاضر ماسيمو بوليدورو (Ski,jan-feb,2019) ويعني بذلك أن الزمن الذي كانت تتحكم الحكومات أو الاحتكارات به في تكوين الاتجاهات والمواقف عند الناس (الرأي العام) قد ولى في عصر وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية، فالناس اليوم، وبخاصة الشباب الذين تحرروا من سيطرتهما على التلفزيون في الماضي صاروا يشاهدونه اليوم أقل من قبل. صار الأطفال أو الصغار والشباب الهدف الرئيس أو المتلقي الرئيس لما في الوسائل الجديدة من محتوى. وبه صار بإمكان المفكرين الأحرار والمفكرين الناقدين مخاطبتهم بعيداً عن الراشدين أو المسنين الذين تكونوا وأصبح تغييرهم صعبا.

ولما كان الأطفال والشباب في حالة صيرورة أو تكوّن، فإنهم إذا أعطوا الفرصة سيتعلمون التفكير الناقد، والتحليلي، والإبداعي، وسيملكون في النهاية عقولاً واعية ومفكرة وناقدة لا يستطيع القراصنة اقتحامها أو السيطرة عليها.

لقد تم الاتفاق بين حركة التنوير الايطالية (Skeptic group) ووزارة التربية والتعليم هناك على قيام الحركة بتقديم مساقات للمعلمين والمعلمات والتلاميذ والتلميذات في المدارس تدمج أدوات المنهج العلمي فيه مع أدوات الفكر الناقد.

لكن ماسيمو يرى «أنه توجد طرق أفضل من ذلك للوصول إلى الأطفال والشباب اليوم، وهي طريق أون لاين» (On line) لكن على أي خط؟ على فيسبوك مثلا؟ يجيب ماسيمو لا. لقد صار فيسبوك ملجأً للآباء والأجداد. ابحث عن الأطفال والشباب في انستجرام ويوتيوب، فالمشاركون في الثاني يزيدون عن بليون ونصف بليون، وكل منهم يبحث عن شيء ما يرغب فيه ولا يجده في أي مكان آخر.

إن كثيراً منهم يبحث عن الساخر والمسلي أو عن العروض التلفزيونية، أو عن شيء جديد يتعلمه ويعلمه. كما تنتشر مئات آلاف الفيديوهات فيه تتحول بها هوايات المنشئين لها فيما بعد إلى مهن، فهذا يصبح فناناً، وذاك معداً للفيديوهات، وثالث رحالة، أو طباخاً. .. له ملايين الأتباع.

الشيء الذي يميز يوتيوب أنه ليس وسيلة اجتماعية مثل فيسبوك وتويتر، حيث أي شيء تنشره سرعان ما يغرق في المحيط. يوتيوب محرّك بحث (Search Engine) وهو ثاني أكبر محرك في العالم بعد جوجل الذي تملكه. إن معنى ذلك أنه عندما يقوم أحد الناس بالبحث عن موضوع معين قد يعثر على فيديو من إنتاجك، أو على أفكارك في المحركين. هل عرفت الآن أنها «مش» مجرد معلومات.

إذا أردت إشعار عدوك بالضعف فتفوق عليه فيما هو متفوق عليك به، وليس فيما أنت متخلف فيه.

نقرأ ونسمع كثيراً أن الإسلاميين يتهمون الغرب بالحقد على الإسلام والمسلمين، وكأن المسلمين ينعمون بمستوى أعظم من الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتقدم العلمي والتكنولوجي والصحي والتعليمي والمعيشي.. مما يتمتع به الغرب الحاقد.
يتوقع المراقب من المريخ حقدهم على أنفسهم من حرمانهم لها من كل هذا وذاك، ومن غرقهم بالجهل والفقر والمرض والاستبداد.

« الإيمان بقوة خارجية جذاب وفعّال وبخاصة عند الناس الذين تنقصهم الثقة في قدراتهم الخاصة للتغيير في أنفسهم بأنفسهم. لا يختلف هذا الإيمان بقوة المؤشر الخارجي عليهم عن استجابتهم للوهم (Placebo) أو التنويم المغناطيسي».