مشروع الموازنة العامة 2021 المزيد من الأعباء ومقترحات للتغيير
جفرا نيوز - كتب د. عدلي قندح
بكل أسف وحسرة نقول إن مشروع الموازنة العامة لسنة 2021 سيلقي بالمزيد من الاعباء على الاقتصاد الاردني بالرغم من عدم وجود ضرائب جديدة كما صرح وزير المالية، فكيف يكون ذلك، وكيف نُحدث التغيير؟
بنظرة متفحصة وسريعة على بنود مشروع الموازنة للعام 2021 نجد ما يلي:
أولا، لا توجد أي نقلة نوعية ظاهرة في أي بند من بنود مشروع موازنة 2021، فعلى سبيل المثال، لم يتصد مشروع الموازنة للارتفاعات المتزايدة في معدلات البطالة والفقر ولا للتراجع منقطع النظير في معدلات النمو الاقتصادي الناجمة على الاغلاقات.
ثانياً، سيفاقم عجز موازنة 2021 من رصيد المديونية في نهاية العام المقبل بما قيمته 2.1 مليار دينار على الأقل.
ثالثا، هناك مزاحمة من الحكومة للقطاع الخاص على الاموال الموجودة في القطاع المصرفي واموال صندوق الضمان الاجتماعي نتيجة للارتفاع المتوقع في قيمة القروض الداخلية، حيث من المقدر أن تقترض الحكومة من البنوك وصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي حوالي 4.7 مليار دينار العام 2021.
رابعاً، هناك ارتفاع في حجم فوائد الدين التي سيتم تسديدها العام 2021 بحوالي 200 مليون دينار لتصل الى 1.5 مليار دينار تقريباً، وهو رقم مرتفع جدا ويشكل حوالي سُبع النفقات العامة وحوالي خُمس الايرادات المحلية المقدرة في مشروع موازنة 2021.
خامسا، كان الأجدى أن يُعد مشروع الموازنة في هذا العام وفقا لبيانات سنة مالية عادية مثل 2019 لا على بيانات سنة استثنائية كالتي نعيشها حالياً.
سادساً، أعد مشروع موازنة 2021 على افتراض بدء عودة النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص تدريجياً مع مطلع العام المقبل 2021 مقارنة مع تراجعه هذا العام نتيجة الجائحة والاغلاقات والتعطل الذي طال واقع غالبية القطاعات الاقتصادية، وهذا افتراض متفائل.
سابعاً، هنالك تراجع في حجم الاستثمارات الرأسمالية الجديدة حيث لم تتجاوز ارقامها 170 مليون دينار، وهذا رقم زهيد للمساهمة من الحكومة في انعاش اقتصاد المملكة. تاسعاً، تشكل النفقات الجارية حوالي 88 % من اجمالي النفقات العامة في مشروع موازنة 2021 وهذا مؤشر لصفة ملازمة للاقتصاد الاردني وهي الريعية وليس الانتاجية.
بقي أن نقول إن هذا هو واقع الاقتصاد الاردني الذي تراكم عبر السنوات وقد لا يمكن تغييره بمشروع موازنة واحدة وبهذه الظروف الصعبة وبموازنة مرهقة بمديونية مرتفعة وحجم قطاع عام كبير يستنزف 88 % من بنود الموازنة على شكل رواتب للجهاز المدني والعسكري والامني والدعم للسلع والمؤسسات الحكومية (الجامعات) والمعونات النقدية المتكررة. فمن أين يجب أن يكون التغيير؟
باعتقادي التغيير يبدأ من الاستثمار، الاستثمار، الاستثمار.
ويكون ذلك من خلال ضخ المزيد من الاستثمارت الجديدة والتوسع في الاستثمارات القائمة، المحلية منها والاجنبية، وهذا يحتاج لتغيير في عقلية وآليات التعامل مع المستثمرين على أنهم ليسوا متهربين أو متجنبين للضرائب وانما التعامل معهم من ذهنية متقدمة تنطلق من أنهم بناة للاقتصاد الوطني ومساهمون رئيسيون في التخفيف من المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الأردني وعلى رأسها أنهم يساهمون في:
أولا، خلق فرص عمل حقيقية وفي التخفيف من مشكلة البطالة.
ثانياً، زيادة معدلات النمو الاقتصادي وبالتالي زيادة الدخل الفردي للمواطن الاردني وتحسين رفاهيته.
ثالثاً، رفد موازنة الدولة بمختلف انواع الايرادات وخاصة الضريبية منها، دخل ومبيعات وجمارك.
رابعاً، جلب العملات الاجنبية وتعزيز مستوى الاحتياطيات الاجنبية والمساهمة في الاستقرار النقدي والمالي.
خامساً، تعزيز وزيادة حجم الودائع في الجهاز المصرفي، وبالتالي توفير السيولة اللازمة للاقراض.
سادسا، استغلال الموارد الطبيعية الانتاجية المتوفرة على أرض المملكة والتي كانت معطلة لسنوات طويلة.
سابعاً، ربط الاقتصاد الاردني بالاقتصاد العالمي عن طريق الاستثمارات والتجارة.
ثامناً، رفد الاقتصاد الاردني بمعايير متقدمة للإدارة الفعالة لعناصر الانتاج.
تاسعاً، نقل التكنولوجيا الحديثة للاقتصاد الاردني. وأخيرا وليس آخراً، زيادة تنافسية الاقتصاد الاردني وخاصة تنافسية الصادرات الوطنية واحلال المستوردات لما لذلك من أثر في زيادة معدلات النمو الاقتصادي التي نحن بأمس الحاجة اليها في هذه الاوقات. بغير ذلك تبقى الفجوة كبيرة بين المشرع والبيروقراطي الحكومي وبين المستثمر والمنتج في القطاع الخاص، والذي يدفع الثمن هو المواطن والاقتصاد بشكل عام.