مصطفى باشا القيسي.. الإستخباري المتيقظ والإنسان الطيب.. "ملف خاص"

جفرا نيوز - كتب - محمود كريشان

تصادف اليوم ذكرى مرور سنة على وفاة مدير المخابرات العامة الأسبق الفريق أول مصطفى باشا القيسي، وقد فجع كُل من عرف الباشا المنتمي الطيب بلوعة رحيله المؤلمة والتي تمثلت سيرته الناصعة كرجل مخابرات محترف ومتميز ومدير الدائرة لأطول الفترات وأصعبها كان خلالها الباشا القيسيرجل الدولة وصندوقها الأسود الذي حمل وزملاء له بمعية المغفور له الحسين بن طلال على عاتقهم أمن وأمان البلد في ظروف صعبة ودقيقة من عُمر الوطن.

ولا شك بأن الكتابة عن الكبار اصحاب الانجازات التاريخية، في ظروف صعبة ودقيقة من عمر هذا البلد، مهمة صعبة تحتاج لمجهود ومعلومات، ولا يمكن للكتابة عن رجال دولة من جيل العطاء والتضحيات ان تنصفهم، لكنها محاولة لايفاء بعض هؤلاء الكواكب المشرقة جزءا من حقهم علينا من أمثال المغفور له بإذن الله مصطفى باشا القيسي ابن الاردن البار وزعيم من زعاماته الوطنية والعسكرية والأمنية الفذة.

اذا .. هو الفريق اول المتقاعد مصطفى القيسي الرجل الإستخباري المتيقظ والانسان الطيب ابن ذيبان الشهامة ومدير المخابرات العامة في نهاية الثمانينيات الى التسعينيات من القرن الماضي، وهو الضابط الالمعي الذي تدرج في الرتب العسكرية بكفاءة، وعن جدارة واستحقاق الى ان ترأس اهم الاجهزة الامنية الاردنية على الاطلاق.

الباشا القيسي القادم من مضارب والده في قرية ذيبان بمحافظة مادبا والذي نشأ في احد اعرق الاحياء العمانية (جبل القلعة) في قلب العاصمة النابض، وقد عرفه العمانيون بعصاميته وتفوقه الدراسي اللافت، واخلاقه الرفيعة، وقد التحق بجهاز المخابرات فور تخرجه من الجامعة، وانخرط في رحلة عطاء طويلة ولم تكن طريقه في العمل مفروشة بالورود والرياحين، بل كانت مليئة بالمخاطر، خاصة في ظروف كان الاردن مستهدفا من جهات خارجية عديدة. ففي احداث الامن الداخلي عام 1970 كان القيسي برتبة رائد ويعمل في اهم شعبة بالدائرة على الاطلاق، وقد كان يتولى مهمة التنسيق مع رئيس الوزراء - وزير الدفاع في تلك الحقبة الحرجة مع الشهيد وصفي التل، حيث كان القيسي يتحدى المخاطر التي كانت تعيشها عمان في تلك الفترة، ويذهب الى (الكمالية) على اطراف صويلح، لمقابلة الرئيس التل الذي كان معجبا بشجاعة الرائد مصطفى القيسي ومهنيته الاستخبارية وما يتمتع به من احتراف أمني لافت.

وتشير المعلومات بأن الضابط الالمعي القيسي هو رئيس عملية احباط مخطط إحتجاز أعضاء الحكومة الأردنية والإستيلاء على مبنى رئاسة الوزراء عام 1973 الذي كان ينوي تنفيذه الارهابي محمد ابو داوود وقد كان رئيس الوزراء (آنذاك) احمد اللوزي، حيث تمكن الضابط القيسي من افشال المخطط واعتقال القائمين على العملية.

الباشا القيسي الذي كان بعد تقاعده وزيرا للدولة يتولى مهام حساسة، يشرف على ملف قضية الفساد الكبرى المعروفة بـ"التسهيلات البنكية"، وفي اثناء القيام بمحاكمة الفاسدين في تلك القضية، كان الباشا القيسي يقف على جبل عرفات طُهرا وزمازم بين يدي الرحمن مؤديا العمرة، معتزا بتاريخه النظيف المشرق، وسجله الناصع، باعتباره عنوان الرفض لكل ما هو شائه، بل انه وكل ما قام بدعوة رفاق السلاح والأصدقاء الى مزرعته في ذيبان تقرأ الأمانة ونظافة القلب واليد في كلمات الباشا عندما يشير بحزم وثقة نحو المزرعة الوادعة ويقول: "هذه ورثتها عن أبوي".. ودوما ايضا عندما يتعرض الوطن لمحنة كان يردد بتقوى وإيمان وثقة الآية الكريمة: "وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ".

بقي ان نقول ان الباشا مصطفى القيسي، كان قد عُيّن مديراً للمخابرات العامّة عام 1989، ومستشاراً لجلالة الملك ومقرّراً لمجلس أمن الدولة برتبة وزير عام 1996، وعضواً في مجلس الأعيان عام 2001، ووزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء عام 2002.

رحم الله فقيد الوطن المرحوم الباشا "أبو مازن" رحمة واسعة، وحمى الله الأردن آمنا مستقرا في ظل الراية الهاشمية المباركة.

kreshan35@yahoo.com