د. أبودية يكشف قصة أخطر إجتماع تحت الشجرة ضم الملك الحسين والشهيد التل وعشرة رجال من كبار مسؤولي الدولة
* أحداث 1970 سبب شعبيته ورسوخ إسمه في أذهان الناس خاصة بعد إستشهاده
*نذير رشيد وصف الموقف بأن الوضع كان مخيفا جدا والبلد في مهب الريح
*دور الجيش والمخابرات في تعبيد طريق وصفي حتى شكل حكومتة القوية
جفرا نيوز - كتب: محمود كريشان
تصادف اليوم السبت الذكرى التاسعة والاربعون لإستشهاد وصفي التل الذي غادرنا أخضر يانعا قبل الاوان، مؤديا ضريبة الشرف والموقف التي دفعها بدمه الارجوان، عندما نالت منه رصاصات موسادية صدئة في القاهرة يوم 28 تشرين الثاني 1971، ليعانق عطر الشهادة وقد أزهر دمه الارجوان شيحا ودحنونا فوق الارض الطيبة، فيما كانت إذاعة عمان التي أسسها وصفي على تقوى الاردن ، تبث رائعة فيروز الغنائية «موطن المجد».. وقلنا لهم فيما بعد، لماذا هذه الأغنية تحديدا؟.. فقالوا ان الشهيد كان يعشق هذه الرائعة الغنائية الوطنية.. لأن الاردن في عرفه موطن المجد.. منذ تلك اللحظة.. أطلق الناس على مواليدهم اسم وصفي تأسيا بفارس الشهادة وعميدها.
وبهذه الذكرى الأليمة تجدث استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاردنية الدكتور سعد ابو دية عن جوانب غير مفصلية هامة تناولت الإجابة على تساؤلات أبرزها: كيف عبّد الجيش والمخابرات الطريق لحكومة قوية برئاسة وصفي..!..
*مهنتي كملك
وفي هذا الجانب قال ابودية انه وفي السنوات الاخيرة زادت الكتابة عن الشهيد وصفي التل، وهذا في نظري يعود لاحداث الأمن الداخلي عام 1970 والمعرفة بأحداث ايلول وما تلاها والتي رسخت أسماء بعض القادة الأردنيين في أذهان الناس، وكان الموقف صعبا، لدرجة ان المغفور له الملك الحسين «رحمه الله» كتب في كتابه «مهنتي كملك» واصفا تطور الاحداث واختطاف طائرات مدنية وتفجيرها في الاردن واحتجاز (55) رهينة، وقد وصف الملك الحسين ذلك بما يلي: واعتبارا من ذلك الوقت ظهرت الازمة فاما نحن او هُم..!
*تحت الشجرة
واضاف ابودية: وفي اليوم الخامس عشر من ايلول إجتمع الملك الحسين مع من وصفهم أقرب المساعدين والمستشارين وذكر إسمين من المدنيين في رأس القائمة وهما: زيد الرفاعي ووصفي التل، ولكن نذير رشيد مدير المخابرات «انئذ» يروي القصة بتفاصيل أكثر إذ ذكر ان اجتماع الملك مع دائرة ضيقة من اولئك الرجال وعددهم (10)، والإجتماع كان تحت شجرة، مما جعل البعض يتفاءل بالرقم والمكان وبيعة صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعددهم عشرة للرسول عليه السلام تحت الشجرة، ووصف نذير باشا رشيد الموقف في لقاء من اللقاءات العديدة، ان الوضع كان مخيفا والبلد في مهب الريح، فيما وضح الملك الحسين ان القوات الاردنية كانت 55 الفا وعندهم 300 دبابة و40 طائرة وعند قوات الفدائيين 50 الفا نصفهم من الجنود الحقيقيين وساندهم 10000 اخرون موجودون في سوريا، ويمكن ان يدعمهم 12 الف جندي سوري وعراقي موجودون في الاردن منذ 1967 وهذه الارقام من كتاب «مهنتي كملك».
*شعبية وصفي.. لماذا؟..
ولفت ابودية قائلا: واعود للقول ان احداث 1970 هي السبب في شعبية وصفي التل وما حصل عليه وصفي من شعبية هو رسوخ الاسم في اذهان الناس وبخاصة بعد استشهاده خارج الوطن.
منذ ذلك الوقت وكما تذكرت ترحم الاردنيون على وصفي اكثر وقد يحتاج البحث عن السبب الحقيقي لجهد مركز يمكن ان الامر ارتبط بالثقة حيث كانت الناس تثق بالحكومة وعلى رأسها الرئيس اكثر ولم يكن المواطن هدفا لتصرف غير مقبول من وزير، وقال لي رجل اعمال خبير ان ثقة الناس بالحكومة مهمة، لان الأمر يرتبط بالمصداقية حتى ولو تحدثت الحكومة عن الطقس يمكن لا يصدق البعض الحكومة.
*من القاتل؟..
وحديث رشيد واضاف ابودية: وعودة للموضوع اقول ان الحديث كثير عن اغتيال «وصفي التل» ويقول لك نذير باشا رشيد ان «ابا اياد» القيادي الفلسطيني «صلاح خلف»، هو وراء الاغتيال لان «وصفي» لم يلتزم معه في موضوع وعده به، بهذا الموضوع اعاد الى خاطري موضوعا في منتهى الاهمية وهو اننا بحاجه للمؤرخ النزيه، وحتى لو لم يكن للأردن مؤرخ رسمي بالنسبة لي كتبت فصلا من كتاب عن احداث السبعين.
*تعبيد الطريق
وبين ابودية ان هناك امرا هاما لا بد ان اذكره وهو دور الجيش والمخابرات العامة في تعبيد الطريق لوصفي التل حتى يشكل الحكومة واحب ان اشير الى ان المخابرات في عام 1970 وما بعده وما قبله انها مع الجيش ومن القلائل الذين صمدوا ويؤكد نذير رشيد انها لم تسلم من بعض ما تعرضت له ايضا من خذلان ولكنها ظلت صامدة ولولاها لإنهار العمود الفقري للبلد، وأعود للتأكيد ان المخابرات والجيش كانا في الميدان وعندما اقتربت المواجهة لإعادة الأمن والإستقرار في البلد عجم الحسين عيدانه ليبحث عن أصلبها عودا وأمرها مكسرا، وكان يريد من تتوفر فيه صفة شرط الكفاية، وقادر على اتخاذ القرار دون تردد، ولقد إختار الحسين بن طلال «رحمه الله» نذير باشا رشيد لهذه المهمة وكانت المهمة صعبة جدا.
واضاف ابودية: لقد جرى حديث لنذير رشيد مع الحسين وفهم نذير انها مهمة صعبة وان الأمر يتطلب ان تكون هناك الصفة المطلوبة في المنفذ وهو شرط الكفاية وان لا يتردد وكانت بعض الدول تتربص بنا الدوائر حتى الداعمين الدوليين تقليديا بداوا مترددين، وتوقع البعض ان الإنهيار حاصل، وتحدث نذير باشا عن بعض من خذل البلد ولكن صمود الذين بقوا في الميدان ساعد كثيرا.
*دور مشرف للمخابرات
واشار ابودية الى انه كان في الاردن قوات عراقية وكان السوريون يترقبون للتدخل وكان الاردن غير مستفيد من مصر لان علاقات جمال عبد الناصر تردت مع منظمة التحرير الفلسطينية، بعد مبادرة «روجرز» وفعلا كانت اياما حالكة السواد لكن العزيمة كانت على اشدها، ولقد ادى الجيش والمخابرات العامة دورهما المشرف وسط هذه الأعاصير، و كانت المخابرات العامة هي سيدة التعامل مع المعلومات والاستفادة منها في القرارات الصائبة، ولا مجال للخطأ في تلك الايام التي عظم فيها المطلوب وقل المساعد. الحسين القائد الشامخ ونوه ابوديه الى انه وتدريجيا وصلنا الى المرحلة التي جعلت الحسين يقول: واصبحت ولي الامر في بلدي وتدريجيا عبد الجيش والمخابرات الطريق لحكومة قوية برئاسة وصفي التل ومن هنا ظهر العمود الثالث الى جانب الجيش والمخابرات، ومن هنا زادت شعبية وصفي عند الجيش ولاحظ ان هذا كله تم على اكتاف ركيزيتين اساسيتين وهما: المخابرات والجيش، ولا ننسى جلالة الملك الحسين «القائد الشامخ وسط الاعاصير» واصبح للحكومة هيبتها وقبل ان اودع القراء اقول ان قوة الدفع ظلت في دم المخلصين وعلى كل حال تحية لكل من قدم خيرا لهذا البلد واستذكر في هذا المقام أخي نذير باشا رشيد في عطائه لهذا البلد في تلك الايام الحالكات.
Kreshan35@yahoo.com