الذكـــــــرى 49 لاستشهاد وصفي التل اليوم
عاش مخلصا لقيادتـه الهاشميـة وعاشقا لوطنـه وأمـتــه العـربـيــة ووحـدتـهـا
جفرا نيوز - كتب - محمود كريشان
تصادف اليوم، الذكرى التاسعة والاربعون لاستشهاد المرحوم وصفي التل رئيس الوزراء الاسبق الذي اغتيل في القاهرة اثناء مشاركته في اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك يوم 28 تشرين الثاني من العام 1971.
والمرحوم التل من ابرز الشخصيات السياسية الاردنية حيث تولى منصب رئيس الوزراء في الاعوام 1962 و1965 و1970، وعرف باخلاصه وولائه لقيادته الهاشمية وعشقه لوطنه وأمته العربية ووحدتها.
وامتاز المرحوم بايمانه بالعمل العربي المشترك والتصدي للاخطار التي واجهت الامة العربية، ودعمه لكفاح الشعب الفلسطيني في سبيل تحرير أرضه ووطنه.
ولد المرحوم التل في العام 1920 وهو ابن الشاعر الاردني المعروف مصطفى وهبي التل, وتلقى دراسته الابتدائية في المملكة ثم انتقل الى الدراسة في الجامعة الاميركية ببيروت.
وتقلد الراحل الكبير العديد من الوظائف والمناصب الرسمية في عمان والقدس واريحا ولندن، وعمل دبلوماسيا في السفارات الاردنية في موسكو وطهران وبغداد.
والشهيد، الذي مر بتجارب الارتباط بمبادئ القومية بمفهومها الأشمل، والوطنية بمفهومها الأدق، أخذ على عاتقه أن يحمل كتفا مع رجال بناء الأردن، فكان نظير البواسل الذين ورثوا مملكة بهذا الثبات والاستقرار، فضلا عن معالجته قضايا بلده بحكمة وحزم وحنكة وشجاعة وعدالة واتزان، عبر استشرافه للمستقبل وتداعياته بوجه عام، إلى جانب اعتماده على أسلوب الثواب والعقاب في إدارته بعدالة متناهية.
وكان التل، جنديا شجاعا يعشق رفاق السلاح، ويعتز ويفاخر ببطولاتهم، ويؤمن بدولة المؤسسات والقانون، ويحترم العرف العشائري الإيجابي الذي يجسد أسمى معاني الرجولة والإباء والحكمة، ليستعين به في حل بعض القضايا والإشكالات، وليكون رديفا لمؤسسات الدولة وصمام الأمن والأمان لاستقرار الوطن وصون منجزاته.
وقال في خطاب الثقة أمام مجلس النواب في حكومته الأخيرة «إن المواطن الذي يعيش في أمن حقيقي، هو وحده القادر على العطاء، وهو الذي يعرف كيف يموت بشجاعة في سبيل بلده وقضيته، أما المواطن الذي يعيش في الرعب والفوضى، فلا يملك شيئا يعطيه لبلده أو قضيته أو حتى لأحد من الناس».
وغادرنا الشهيد أخضر يانعا قبل الاوان، مؤديا ضريبة الشرف والموقف التي دفعها بدمه الارجوان، عندما نالت منه رصاصات موسادية صدئة في القاهرة يوم 28 تشرين الثاني 1971، ليعانق عطر الشهادة وقد أزهر دمه الارجوان شيحا ودحنونا فوق الارض الطيبة، فيما كانت إذاعة عمان التي أسسها وصفي على حب الاردن وثراه، تبث رائعة فيروز الغنائية «موطن المجد».. وقلنا لهم فيما بعد، لماذا هذه الأغنية تحديدا؟.. فقالوا ان الشهيد كان يعشق هذه الرائعة الغنائية الوطنية.. لأن الاردن في عرفه موطن المجد.. منذ تلك اللحظة.. أطلق الناس على مواليدهم اسم وصفي تأسيا بفارس الشهادة وعميدها..
وهنا نتوقف عند ورقة بخط اليد حصل عليها كاتب هذه السطور بخط زوجة التل المرحومة سعدية الجابري حول ضريح وصفي جاء فيها: ان الشخص الذي ساعد في بنائه على الشكل العربي الإسلامي هو الشيخ عمر الهشلمون الذي كان خبيرا في فن الهندسة الإسلامية وعمره تسعون عاما، وكان يرسم على البلاط خطوط القباب والإيوان الصغير والكبير على الأرض وينقلها سلاح الهندسة إلى الموقع، وكان الشيخ عمر الهشلمون حرفيا يعرف صنعته وسر المهنة، وقد ساعدني في عمل الشبابيك التي تسمى الزلاق
التي تدخل شمس الشروق من أحدها وشمس الغروب من الثاني، وعلى دائرها من الأسفل عملنا ثمانية شبابيك مغلقة وقد استعملت في هذا البناء الحجر الأردني من معان والزرقاء، وقد بنيناها من الداخل ومن الخارج بالحجارة فلا يوجد فيها أي قصارة ولا أي خطوط، وقد عمل الحرفيون جهدهم على أن يكون وصل الحجر بعضه مع بعض بدون تكحيل، وبدون إسمنت، وبطريقة لا ترى.
أما بالنسبة للقبب، فقد كانت مهمة صعبة وقد كان عندي بعض الشكوك في حينها، فالقبة على السطح تشكل غرفة لها باب مستقل وقد تيقنت بعد ذلك بوجود مثل هذه القباب في العالم الإسلامي، وفي الداخل ولكي يفصل الضريح عن المحراب استعملنا مشربيات وجدتها في مصر وعددها ستة من الخشب القديم، وللجامع مساحة في الخارج للصلاة، وقد ساعد في البناء الحاج صلاح من الخليل، فقام بعمل هلالين من الحجر بشغل يده وهو شقفة واحدة فوق القبة.