سباق بين قطارين...!
جفرا نيوز- كتب حسين الرواشدة
كتبت في هذه الزاوية. قبل نحو عشرة اعوام عن قصة قطارين: احدهما قطار الاصلاح والآخر قطار «نفاد صبر الناس» لم تكن احتجاجات الشعوب العربية آنذاك قد انطلقت لكن اشاراتها وتحذيراتها كانت واضحة بما يكفي لكل من يراقب أو يتابع ما يجري في بلداننا العربية كلها.
في بعض البلدان وصل قطار «نفاد صبر الناس» الى محطته الاخيرة وفي بلدان اخرى ما زال هذا القطار يتحرك وما زالت سرعته تتصاعد، ومع انني كنت اتمنى ان نستدرك وصوله وان نستبقه من خلال دفع عجلات قطار «التغيير» إلا أن ما يخيفني –حقا- هو ان البعض ما زال «يراهن» على امكانية «اللعب» على القطارين معا وايهام الناس بان بيده «عصا» سحرية تحرك قطار «التغيير» متى شاء وتضبط سرعة قطار «الصبر» متى اراد.
قلت وقتها ان قصة الناس مع الاصلاح لا تختلف كثيرا عن قصة قطارين انطلقا من محطة واحدة: احدهما انطلق سريعا ثم اخذ يبطئ شيئا فشيئا الى ان توقف.. وحين اجتمعت ورشات العمل لإصلاح عطله، وانقسم خبراؤها في تحديد موقع الخلل ، تم الاتفاق على تسليك المسألة لتمكينه من السير مؤقتا.. وهكذا ظل يسير ويتوقف.. ولكن ببطء وبإحساس عام بأنه يحتاج الى اصلاح شامل ليستعيد عافيته.. اما القطار الآخر فقد انطلق من المحطة ذاتها.. وتصاعدت سرعته شيئاً فشيئا ، لكنه حين تعطل زميله اخذت عجالاته تدور على السكة بسرعة مذهلة حتى اصبح البعض يشك بأنه قد فقد السيطرة..
القطار البطيء يشبه تماما مسيرة الاصلاح ودعواته وتجربته التي عرفناها في السنوات الماضية ، والقطار الآخر يشبه نفاد صبر الناس الذين عولوا على وصولهم الى المحطة في الوقت المحدد ، والمثال الذي سقته سلفاً أحسست انه ينطبق تماما على حالتنا.. فمنذ سنوات انطلق قطار الاصلاح في بلادنا ، لكنه ما زال بطيئا ولم يصل الى المحطة المطلوبة ، فيما لا يزال قطار نفاد الصبر لدى الناس يسير بسرعة ملفتة ، لدرجة ان احدنا لا يعرف الى اين سينتهي به المطاف .
لا ادري بالطبع اذا كنا - حتى الآن - مشغولين بأحد الخيارين السابقين ، لكنني اعتقد ان الحكومات كلها قد اختارت العمل على القطار الثاني لمنع اندفاعه ، والتقليل ما امكن من سرعته ، ظناً منها ان تراكمات الاعطال والمخاوف التي اصابت القطار الثاني ، ناهيك عن هواجس تكاليف اصلاحه وزيادة سرعته ، اصبحت فوق قدرتها ، وبالتالي فإنها اضطرت الى التعامل مع قطار نفاد الصبر من خلال معالجات سياسية واجتماعية واقتصادية.. غالبا ما انتهت الى الجدار.. أو في افضل الحالات الى اعطاء انطباع بأن سرعة القطار قد خفت فيما الحقيقة غير ذلك.
تسألني ما العمل ؟ اعتقد يفترض ان يتم في اطارين: احدهما عنوانه «الامل» والآخر «رفع الهمة» ... اقصد ان ايصال الناس الى اليأس قد يدمر كل شيء ، كما ان الاعتماد على الانتظار الطويل مع نفاد الصبر قد يفضي الى ازمات لا تنفع معها الحلول.. ولذلك فان اي حكومة جادة لا بد ان ترفع همة الناس من خلال اصلاح القطار الاول وهو قطار الاصلاح ، ولا بد ايضا ان تحيي فيهم الامل من خلال تقليل مخاوفهم من سرعة القطار الثاني.. بمعنى المزاوجة بين الخيارين: تسريع وتيرة الاصلاح .