في قلوبنا يا أبا عبدالله لم تمت
جفرا نيوز - بقلم الدكتور. محمد يوسف حسن بزبز *
إن العظماء في هذه الدنيا يموتون ، وتبقى أعمالهم التاريخية خالدة تخلدهم خلود الدهر ، والملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه من هؤلاء العظماء الذين سيخلدون ذكراهم في هذه الحياة الدنيا.
ما أروع أن تتحد نفس القائد البطل مع ذات شعبه الحبيب ! وما أجمل أن تكون الأعمال بين الموطنين والقائد قائمة على المحبة والعلم والعمل والمودة والتضحية! وما أحسن وصول المرء إلى قمة المجد ؛ ليحقق من وراء ذلك عزًا عظيمًا وبناءً شامخًا ! وما أعظم المصيبة التي تصل إلى أذن الناس عند فقدان عزيز ، وأي عزيز أغلى من ملك يرى وطنه وشعبه نور عينيه، ونبضات قلبه ، وحلم ليله ، وتفكير نهاره ، ففيه يحيى وعلى أمل تقدمه يسعى ، وقد اتخذ شعاره قوله المشهور ودستوره الحقيقي " فلنبْن هذا البلد ولنخدم هذه الأمة " .
نعم يا أبا عبدالله رحمك الله ، لقد كان البناء في عهدك ، فقد تربعت المستشفيات على أحضان الأردن وهضابها تنظر إلى أبناء الوطن بعين الرعاية ، تحتضن المرضى بالحنان والحب والعطف ، وتقدم لهم العناية الصحية المتميزة ليعود هؤلاء المرضى إلى أسرهم وهم يرفلون بثوب الصحة والعافية فترتسم على وجوههم آيات الشكر والعرفان لله تعالى أولًا ثم للعاملين المخلصين ، كما تعلو الفرحة جباه أسرهم الذين انتظروا عودة المريض إلى منزله ، وهو يدعو ربه أن يحفظ الأردن عزيزًا أبيًا.
أما في حقل من حقول التربية والتعليم فكان دورك الفعال يتناثر أنواره المعرفية فوق ثرى الأردن الغالي ، ترصعه وتزينه لينهل أبناء الوطن صنوف الإيمان والعلم والعمل من معاهد وكليات وجامعات ومدارس لهذا الوطن الغالي ، فقد كان الأمل يراود الملك الحسين طيب الله ثراه أن يرى كل فرد متعلمًا مثقفًا ، فزود المؤسسات التعليمية بأحدث الوسائل التعليمية والأجهزة المتطورة . فكان العطاء عظيمًا وكبيرًا للشعب ، فقد غرست الفضيلة في النفوس وانتزعت الرذيلة من الأذهان ، وشارك أبناء الأردن في نهضة الدول العربية الشقيقة ، فقد مدت الجسور بين الأردن الحبيب والدول العربية الشقيقة ، وكان المعلمون سفراء أمناء على حمل رسالة أمانة العلم يزودون بها إخوانهم حتى علت الراية الهاشمية خفاقة في ربوع الوطن تهتف بحياة الأردن وحياة قائده البطل.
ولقد نهضت الحركة الزراعية والصناعية في هذا الوطن ، ليكون الانتماء عظيمًا قويًا ، وكان العطاء من جنس العمل ، وما كان لهذا الأمر أن يكون ، لولا الإرادة والتصميم والحرص على أن يكون الغد أفضل من الأمس. وكما نالت الرعاية الإنسانية حظها أيضًا من القائد الإنسان، فقد رعى الأسر الفقيرة وفتح أبواب المؤسسات الاجتماعية لدعمها، واهتم بالأيتام الذين فقدوا الحنان ليجدوا في صدر القائد الحنان والحب والعطف ، لأنه أدرك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم بالجنة كهاتين ) وأشار ﷺ بالسبابة والوسطى؛ فتحولت الدموع المنهمرة على الخدود إلى ابتسامات تعلو الوجوه.
إن النهضة شاملة فالبنيان يعانق السماء بشموخه ، والمصانع تتحرك آلاتها ليل نهار ، والسياحة تجذب السائحين من كل أنحاء المعمورة ، والقوات المسلحة الأردنية ترفد الوطن بالعز والمنعة... ولذا نرى أن القلوب تفطرت حزنًا لفراقه ، والدموع انهمرت ورايات الوطن نكست، وقد انطبق على وطننا ؛ قول الشاعر : ناح الأذان وأعول الناقوس ... فالليل أكدر والنهار عبوس.
نعم ... لقد ترجل الفارس البطل الهاشمي الأصل والشرف عن صهوة جواده ليغمد السيف ، ويواري في ثرى الوطن وأي وطن وهو الأردن الغالي الذي أخلص له وأحبه ، وليخلد خلود العظماء بين أبناء شعبه ، الذين يدعون له بالمغفرة والرحمة .
من قلوبنا سلام إلى روحك الطاهرة ، وإن غبت عنا ستبقى ذكراك في قلوبنا ، باني الأردن الحديث، ومُرسي دعائم النهضة الشاملة، برؤيته الثاقبة وحنكته المشهودة وتفاني شعبه والتفافهم حوله.ستبقى فينا ما حيينا ، لن ننساك .
رحم الله الملك و القائد والإنسان أبا عبدالله ( الحسين بن طلال ) طيب الله ثراه ، وأدخله فسيح جناته.
*الدكتور. محمد يوسف حسن بزبز
مدير مدرسة مرج الفرس الأساسية للبنين
سفير جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي