هدوء تشكيل وأداء الحكومة الجديدة

جفرا نيوز -بقلم الدكتور- ابراهيم العابد العبادي

ثلاثة أسابيع مضت منذ تشكل الحكومة الجديدة برئاسة دولة الدكتور بشر الخصاونة، وجاء تشكيلها بطريقة تتسم بالهدوء النسبي قياساً بالحكومات السابقة، رغم ما حاولت العديد من الجهات الإخبارية والإعلامية والصالونات السياسية من تبادله والتسارع في تناقله حول اسماء الداخلين والخارجين من الوزراء وتسويق بعض الأسماء لمآرب شخصية، اما النمط الثاني الذي نستطيع إصباغه على الحكومة رغم قصر الفترة الزمنية للحكم، فيتمثل في هدوء الأداء والذي تستطيع تلّمسه من ديناميكية حركة الحكومة وتعاطيها مع بعض الموضوعات على أرض الواقع، وقد يكون خلف ذلك الهدوء أسباب وعوامل عدة من ابرزها، خلفية العمل الدبلوماسية لدولة الرئيس وعدد من الوزراء، كذلك الصبغة القانونية الاكاديمية للرئيس وعدد كبير من الوزراء. ويضاف الى ذلك جائحة كورونا وتأثيرها والدخول في التنسيق والتحضير لإجراء انتخابات مجلس النواب التاسع عشر، الذي سيصادف اتمام الحكومة لعمر الشهر.

حقيقة جاء التقديم السابق للذهاب أبعد نحو عمق تشكيل الحكومة، فعلى سبيل المثال لم نرى أي مقال يتناول آلية تشكيل الحكومة،ـ كما لم نلحظ أية قراءة تحليلية من أصحاب الاقلام والباحثين في محافل الصالونات السياسية، كما اعتدنا على ذلك في الحكومات السابقة، وهو أمر غريب ومستهجن.. وقد يكون الجميع معذوراً نتيجة عدم القدرة على فهم وتحليل هذه التركيبة التي يمكن وصفها بمصطلح جديد غير مسبوق على ارض الواقع!!؟؟  مصطلح يعبر عن تركيبة يعجز المنطق الاعتيادي على ادراكها او فهمها، تركيبة  تشارك بها مختلف صنوف وانواع وأشكال الحكم والإدارة...ونستطيع جمعها في مصطلح واحد (بيرو -ديمو -تكنو-ديجي -سايبر - ليبرال)، وهذا المصطلح يمثل مجموعة الانظمة المتعارف عليها ( البيروقراطية، والديموقراطية، والتكنوقراط، والديجتال، والسايبر تكنولوجي، والفكر الليبرالي)، فالحكومة الحالية ضمت مختلف مكونات المصطلح، ولن ندخل ضمن هذه المقال في تفسير وتعريف كل منها، نظراً لكون الجميع يعلمها أو اطلع عليها في مراحل الدراسة او عبر الحياة العملية او من خلال تناقل المعلومات عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف توجهاتها وانواعها.

ما يُّهم بالأمر ان يتم الاجابة على سلسلة طويلة من الاسئلة والاستفسارات المتشعبة....منها على سبيل المثال لا الحصر....كيف يكون هناك تناغم عملياتي وتنسيق مشترك بين أطراف هذا الاختلاف النوعي والفكري للحكم والادارة ضمن الفريق الوزاري الواحد في ظل ظروف معقدة ومتطلبات متشعبة واحتياجات وأولويات وطنية؟...، كيف سيتم العمل في ظل مديونية مرهقة وعجز بالموازنة وحاجة الى التمويل الضخم للسداد والانفاق؟...كيف سيتم جذب الاستثمارات وتشجيعها وضمان استدامتها في ظل تحديات ومعوقات عالمية ومحلية موروثة وضعف تنفيذ مشاريع رأسمالية ؟...ما هي الاليات التي سيتم اعتمادها لضمان وتوفير وتحسين مرتكزات المواطن الأساسية "التعليم والصحة والحماية الاجتماعية"؟؟...كيف سيتم التعاطي مع ملفات معقدة ومتداخلة ( الفساد، الترهل الاداري، المشاريع المتعثرة، الفقر والبطالة، الطاقة، الأمن المجتمعي، الضرائب وتأكل الدخول...الخ؟؟ القائمة طويلة تمتد من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب ومن الغرب الى الشرق.... كيف نعود لنستجمع ونٌّعد روح الشباب وريادتهم وصقل خبراتهم وتسليمهم طريق اكمال المسيرة؟.
 
ان استطاعت الحكومة ان تجيب على الاسئلة الماضية، وفق رؤية استراتيجية وخطط برامجية تنفيذية ذات أُطر محددة وموازنات مخصصة ومرصودة ومؤشرات أداء ونتائج منطقية وعملية،.. وبكل مصداقية وشفافية...حينها ستنال ثقة الشارع العام، ثقة المواطن ...التي هي الهدف الأسمى قبل السعي نحو نيل ثقة مجلس النواب التاسع عشر القادم التي ستكون تحصل حاصل مشابه للتعليم عن بُعد...نسأل الله القدير أن يُعين الحكومة على مسؤولياتها وأن يأخذ بيدهم للتعامل مع الحمل والارث الثقيل، والله ولي التوفيق.... وحمى الله الأردن أرض العزم والرباط.