فقدان المبادرة الفلسطينية
جفرا نيوز - حمادة فراعنة - عوامل عديدة أدت إلى التطورات السياسية لدى العالم العربي، أو لدى بعض العواصم العربية نحو تطبيع علاقاتها مع المستعمرة الإسرائيلية، وأول هذه العوامل الدور الأميركي الضاغط، وممارسة كافة أنواع الابتزاز، وإلتقاط وجع العواصم العربية وضعفها، وتوظيف ذلك باتجاه واحد وهو الاستجابة للضغوط وقبول التطبيع، خدمة للمصالح المشتركة الأميركية الإسرائيلية وخاصة 1_ خدمة أغراض ترامب الانتخابية، و 2_خدمة تهرب نتنياهو من المحاكمة في شهر كانون أول ديسمبر المقبل من ثلاث تهم جنائية.
ثانياً قوة المستعمرة الإسرائيلية وتفوقها السياسي والعسكري والاستخباري والتكنولوجي والاقتصادي، وقدرتها على توجيه ضربات، وقوة نفوذها لدى الإدارة الأميركية وتأثيرها على قراراتها نحو العواصم العربية من طرف ونحو إيران من طرف آخر.
ثالثاً الدور الإيراني وتمدده وضيق أفق سياساتها في كيفية التعامل مع العالم العربي، واختراق العالم العربي عبر أحزاب ولاية الفقيه، وتوظيف ذلك أميركياً وإسرائيلياً، وجعل إيران خصماً للعواصم العربية، وعدو يجب تطويقه ووضع الأولوية لمواجهته.
رابعاً الحروب البينية العربية التي استنزفت قدرات العرب وإمكاناتهم وتدمير العراق وسوريا ولبنان واليمن.
خامساً الضعف الفلسطيني نتيجة الانقسام والشرذمة وتفريغ مؤسسات منظمة التحرير من قدراتها الكفاحية، وشل فعاليتها، وضعف الولاية العامة لسلطة الرئيس وحل المجلس التشريعي بقرار غير دستوري.
الفلسطينيون مروا بظروف أسوأ بالخمسينات والستينات، وعانوا من الفقر والعزلة، وواجهوا ذلك بعزيمة ومبادرات ذاتية وحققوا إنجازات تراكمية على عدوهم المتفوق، و لذلك على طريق استعادة دورهم ومكانتهم، عليهم أن يبدأوا من الخطوة الأولى الذاتية، فهي مفتاح الانتصار، وبوابة هزيمة عدوهم الوطني والقومي.
على الفلسطينيين أن يبدأوا من توحيد صفوفهم، وخلق جبهتهم الداخلية المتماسكة، بدون ادعاء بالوطنية لطرف والتخوين لطرف أخر، عليهم أن يسيروا بروح الشراكة والتعاون والعقلية الجبهوية الجامعة، بدون فيتو من طرف على أطراف، عقلية المحاصصة والأنانية وضيق الخيارات التنظيمية الحزبية ضارة، عقلية الادعاء مميتة، عقلية القلعة مؤذية انعزالية، بينما الانفتاح وتوسيع الصدر واستيعاب الآخر تقوية للذات، وقطع الطريق على العدو الذي لا يريد أحداً، ويعمل على تدمير كل ما هو فلسطيني، شعباً وأرضاً ومؤسسات، وغباء من يعتقد أن الفريق الحاكم لدى المستعمرة لديه الاستعداد لقبول أي حضور فلسطيني كشريك أو مستقل أو كيان فاعل له ولديه مقومات.
على الفلسطيني أن يبدأ من الحلقة الأولى، من نفسه، من أرضه، من نضاله، ويتدرج لاستعادة حيويته وتأثيره، ويستفيد من تجربتي مصر والأردن، لا كامب ديفيد شطبت الحقوق الفلسطينية ولا وادي عربة، ولذلك لن تتمكن كل العواصم من إنهاء القضية الفلسطينية كشعب صامد على أرضه، وحقوق ثابتة مهما تقادم الزمن، ومحاولات التغييب.
المشكلة ليست مقتصرة على نفوذ العدو، وخذلان الصديق، المشكلة تكمن في الذات الفلسطينية الممزقة المشتتة، وفشل قياداتها على استلام زمام المبادرة كما سبق لفتح أن فعلت في أوائل الستينيات، والأحزاب القومية واليسارية بعد 1967، وحركة حماس أواخر الثمانينات، روح المبادرة الفلسطينية هي المفقودة، وهي السلاح القوي المجرب الذي يحقق مواصلة الخطوات الحيوية، وتحريك الشارع والشباب والصبايا نحو المستقبل: انتصار فلسطين وهزيمة المستعمرة.