لسان الحكومة


جفرا نيوز - كتب - المحامي علاء مصلح الكايد

لا يُقبل أبداً وعلى أيّ مستوى تنظيميّ صغُرَ أم كبُر أن تتولّى أكثر من جهة التصريح بخصوص مسألة واحدة ، فما بالنا حينما يكون هذا حال الألسنة - ولا أقول اللسان - الحكوميّ فيما يتعلّق بأكثر المسائل حساسيّة وهي الوضع الوبائيّ .

فقد عانت البلاد منذ بداية الجائحة من تنافرٍ في التصريحات وتنازع على المنصات ومع زلنا نشهد ذلك حتى اللحظة دون أن نلقي بالاً لآثار هذا التشويش على كافة الصُّعُد إقتصاديّاً وإجتماعيّاً ونفسيّاً وحتّى طبّيّاً !

إنّنا إذ نعيش حالة من تعدّد المرجعيّات ، وقد خلّفت هذه المسألة أثران غاية في السّلبيّة ، الأول يمسّ المصداقيّة والثقة والثاني مرعبٌ للعامّة .

فمن الطبيعيّ أن يواجه المجتمع اليوم حالة صخبٍ وتشوُّشٍ و قلقٍ من المجهول في ظلّ متغيرات الحالة الوبائية ، وذلك كافٍ وحده دون مؤثّراتٍ إضافيّة لخلق جوٍّ متوتّرٍ يعيق أيّ تقدُّمٍ إلى الأمام ، فكيف يكون الحال إذا كان مصدر التشويش الأساسيّ المضاف هو الماكينة الرسمية الرئيسية والتي يُفترض فيها أن تكون على وتيرةٍ واحدةٍ منسجمة ؟!

ويرى البعض أن في بعض التصريحات توطئة إحتياطية لأسوأ السيناريوهات - لا قدّر الله -
أو بالونات إختبار ومجسّاتٍ لمدى تجاوب الجمهور مع القرارات المحتملة ، وإذا كان ذلك حقيقيٌّ فهو ليس بالمسار الصّائب ، والإعتراض هنا ليس حول الغاية بل الوسيلة فالشفافية والمكاشفة هي الضامن للتجاوب الشعبيّ وقد جرّبنا ذلك في بداية الجائحة .

فكما تحرص الجيوش أثناء الحروب على توحيد خطابها حتى حينما تنقل صورة غير مشجعة عن العمليات الحربية علينا أن نتعاطى بذات الحساسيّة مع الحالة الطارئة المُرعبة التي نعيش ، فالمعنوية هي الهدف وهي نقطة الإنطلاق في آنٍ معاً ، ولا بدّ وأن تتصدّى الحكومة لحالة الهرج والمرج السّائدة لتقطع الطريق على هذا الكمّ المبالغ فيه من التشويش المفتعل بصرف النظر عن سلامة غايات المصرّحين ومقاصدهم .

إن أكثر ما يؤلم هو مخالفة هذا الواقع للطبيعة ، فالمعتاد هو الفوضى في الكواليس والحرص كلّ الحِرص على صورة المنتج النّهائي لدى إخراجه ، أما في واقعنا فتتكامل الجهود وتتناغم على الأرض وتتعاطى الأطراف جميعها مع المسؤوليّات المشتركة بمؤسسيّة بينما نجد إخراج ذلك كله وتقديمه بعيدٌ كلّ البُعد عن صورته الحقيقيّة !

لما تقدّم ، ننتظر تدخّلاً حكوميّاً سريعاً يعالج هذه الحالة ليضبط التصريحات ويمركزها ، فالتشويش لا يخدم أحداً .

والله من وراء القصد

حمى الله الأردن قيادة وشعباً