ثورة الأمل


جفرا نيوز - بقلم مها الصالح - عندما يأتيك وميض لوهلة فظننته برقا أضاء لك ظلمة أيقنت طويلا أنها باقية إلى أن ينقطع النفس، فهذا ما أسميه أمل غير منتظر في وسط زحام المصائب. عندما تتكاتف عليك الآلام وتصيح كالجبل يهز كيانك أينما تحركت وأردت الرحيل إلى ركن هادئ يسمح لك بأن تتنفس هواءً عليلا بعض الشيء لا وجعا عنيدا لا يبرح مكانه. عندما تسرح بعيدا بين خيوط العنكبوت التي تلف عقلك وجسدك وتشعر بأنك في زنزانة جسدك وقضبان السجن تنهش ألقك. عندنا يأتي هذا الوميض بعد طول انتظار كأنك رضخت للسعادة هنيهة ؛لأنك أردتها وأحببتها. وميض تجسد ب "أب روحي" أتاك بلا انتظار، لكن عينيك انتظرتا هذا الأمل التائه الذي ضل الطريق وأتى إليك قاصدا عنوانك بلا تردد.
نسمع كثيرا عن "أب روحي،" لكننا لا ندرك معاني غنية انسابت من هذه الكلمة، الروح عندما تلتقي مع إحساس حقيقي بأنك محاط برعاية إلهية تجسدت بإنسان أراد أن يوصلك لشاطئ بلا أمواج حيث السلام بلا حرب. ما أجمل أن تشعر بأنك ما زلت تتنفس أملا أودعته في لحظة ضعف في موت سريري.  لكل يداية نهاية، لكل معركة إما انتصار أو خسارة،  لكن أن تربح كيانك الذي اعتقدت أنه ضائع في زحمة البشر فهذه هي العودة إلى الحياة. لن أنفث من خلالي كلماتي وجعا، بل رؤية جديدة لفن التعامل مع الخذلان. أن تأتيك العناية الإلهية فهذا انتصار روحي  عبر طريق حقيقي وليس عابر سبيل ضائع أراد أن يوقظك من سباتك الذي يأن وجعا،  هو وحي من السماء ثائر لامس جرحا نازفا ترك أثرا في كل خطوة خطتها نحو الحياة. أن يرجع لك كنزا ثمينا كدت تخسره بسبب الخيبات المتتالية والهزات التي أفقدتك التوازن الداخلي والتفكير السليم.  أن يعطيك زهوا جديدا وبريقا خفت في أماكن كثيرة في قلب بكى وجعا وسهر ليال طوال يشكو جرحا نازفا. أب روحي أم عناية إلهية داوتك في حين أنت الدواء للكثيرين لكن الداء لنفسك. كيف تكون ملهما للبشر وضائعا مع ذاتك؟! سؤال راودني في أحلك الليالي الظلماء التي تكحلت بوهج قمر خافت. نصف القمر المظلم الذي هو أنا والمضيء الذي هو للبشر. ما هذه التضحيات التي لم أكن أدركها إلا عندما أتتني بشارات هؤلاء وأثنتني عن الهروب من العطاء. هذه الدحرجة والانسيابية نحو الأمل العظيم ما هو إلا هدية السماء من خلال إنسان عظيم.
 عندما نكون منغمسين في الحياة بكافة ألوانها قد لا نميز بين ذروة الانتصار أو قمة الخذلان، قد لا نشعر بقيمة ما نعطيه إلا عندما يأتيك إنسان ويقول لك كم غيرت حياتي كلماتك! هذه هي الصدمة الإيجابية التى لولاها  وأنت في ذروة الضعف أن تقويك وترفع العنان إلى السماء. أن تكون ملهما وأنت بأوقات كثيرة تحتاج من يلهمك، لكن تجده من تحليق الآخرين الى السماء بسببك! نعم بسببك وأنت لا تعلم! هذه هي أيضا العناية الإلهية التي تستحق فعلا لا قولا.  العطاء سيل لا ينضب، لكن قد تقل ضربات القلب التي تدفعك إلى بذل المزيد من العطاء الذي يلهم الكثيرين وتجعل لحياتهم منعطفا حقيقيا نحو الانجاز والعزيمة  والإصرار ، حياة لها قيمة، أن تكون أنت قيمة مضافة لا رقما يحصى.
   سواء كنت أنا الملهمة أو أتتني العناية الإلهية فالطريقان محفوفان بالأمل الذي قد نضيعه أو نظنه ضائعا لكنه موجود ويولد من رحم القهر، وكلما أغلقت علينا الأبواب وعم السواد، يظهر الأمل كملاك حارس (يطبطب) علينا ويوقظنا من غفلة الألم الذي يمحوه الأمل دائما وأبدا!  وما أضيق العيش لولا ثورة الأمل..
وشكرا للأب الروحي الذي أرجع لي الروح بعد تخبط وألم وحزن...