الأب أندرو دي كاربنتير أحب السلط ودفع بدمه لأحياء تراثها


جفرا نيوز - بقلم: القس ديفيد الريحاني - رئيس كنيسة جماعات الله الأردنية
" مدينة السلط بلدي والأردن وطني وقد أنعم علي جلالة المغفور له الملك الحسين الجنسية الأردنية التي أحملها  بكل فخر وشرف واعتزاز. أنا أردني بامتياز وعلاقتي مع أهلي أبناء السلط في أعماق قلبي" هذا ما كان يقوله الكاهن الهولندي الأب أندرو دي كاربنتير لكل من التقى به. 
الأب الذي يسمي نفسه "ابن النجار" ويدير مؤسسة بنفس الاسم تبنى السلط بيتاً له والسلط تبنته وحضنته إلى الأمجاد السماوية بين جدرانها التراثية التي كان يرممها بيديه. الأب أندرو توفي مساء الخميس إثر سقوطه عن شرفة منزل تراثي في منطقة الخضر العلوي بالقرب من كنيسة الخضر في مدينة السلط. 
ولد  الأب أندرو في هولندا ودرس  اللاهوت وأيضا أصبح مهندساً معمارياً.  فلم يقف عند تصميم وترميم الأبنية بل انتقل إلى نوعٍ آخر من البناء  مكرساً حياته لتعزيز مكانة لذوي الاحتياجات الخاصة من الصم وضعاف السمع والصم المكفوفين  والمعاقين جسدياً.
قامة متواضعة بشوشة، خدم كمدير لمدرسة الأراضي المقدسة للأطفال الصم المكفوفين في السلط لمدة ٤٠ عاماً كاهناً أنجليكانياً حمل الصليب الخشبي على صدره وتمكن من الوصول إلى ومساعدة الجميع  من الأطفال والبالغين. 
في إحدى اللقاءات معه علقت على اسمه الذي يعني "ابن النجار" فأجابني مبتسماً "نعم اسمي واسم المؤسسة التي أنشاتها لهذه الخدمة الإنسانية "ابن النجار" يشير في المقام الأول إلى معلمنا  يسوع المسيح الذي دعي "ابن النجار"، وصليب المسيح الخشبي هو ما ألهمني لهذا العمل منذ خمسين عاماً وأرسلني إلى خدمة أبنائي  أطفال الأرض المقدسة الأردن، لذا أحمل هذا الرمز الصليب الخشبي على صدري رمز التضحية العظمى.
كاهن وبنّاء معماري كرس حياته في البناء والترميم ليس فقط في ترميم وإعادة الحياة إلى الأماكن التراثية  بل اجتهد في ترميم حياة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
في آخر زيارة له كان يكتب، مع مساعدة المهندس الخلوق مجد قعوار، كتيباً صغيراً عن تاريخ جميع الكنائس التاريخية في مدينة السلط بهدف الاهتمام بها والمحافظة على تاريخها ودورها في بناء الحياة الاجتماعية  الثقافية والتعليمية لأبناء السلط  والعمل على ترميمهما وتأهيلها لأعادة الحياة الخدمية لها ولجذب ودعم السياحة الى مدينة السلط.
أخبرته عن أعمال الترميم التي أقوم بها في كنيسة جماعات الله الأردنية في حي الميدان ورغبتي باستشارته، فعلى الحال وبدون تراجع تطوع بأن يقدم كل المساعدة وخبراته وخصوصًا بعد أن أعلمته أن مقر الكنيسة سيكرس لخدمة الأطفال بالدرجة الأولى ولتقديم خدمات للمجتمع المحلي.
نعزي أنفسنا بانتقال الأب أندرو  الذي أحب الأردن ومدينة السلط. خلال عدة زيارات له منذ فترة قصيرة بصحبة بعض الأصدقاء داود كتاب والمهندس عماد قموه وسلام قموه وماهر أبوليل ونسرين حواتمه، شارك معنا الأب أندرو أعمال الترميم للبيوت التاريخية التي يشرف عليها بنفسه  من أجل المحافظة على تاريخ السلط وتراث المدينة التي أحبها والتي كرس حياته لخدمتها. أتمنى أن روية الأب أندرو لمدينة السلط تستمر.  نعزي أنفسنا كما نقدم تعزياتنا الحارة إلى أهله وجميع أصدقائه وإلى كنيسته الأسقفية العربية الإنجيلية لما قدمت من خدمات أولية مميزة لمدينة السلط والأردن ومنها مثلاً  وليس حصراً أول مستشفى في الأردن ومؤسسة الأراضي المقدسة للصم.  
هنيئاً لك الأحضان الأبدية أخانا وخادمنا الأب أندرو.