تخفيض الضرائب… العصا السحرية في مواجهة الانكماش الاقتصادي

جفرا نيوز - دعا خبراء الحكومة للتخلي عن الاعتماد على الضرائب لتحصيل الإيرادات فالأمر بحسب ما يرون لم يعد مجديا بل أصبح يأتي بنتائج عكسية.

ويجمع خبراء على أن الوقت الراهن هو أفضل وقت لتخفيض الضرائب، إذ تؤكد أبسط القواعد الاقتصادية أن العلاقة عكسية بين منحنى الضرائب والنمو أثناء فترات الانكماش الاقتصادي.

وكلما ارتفعت الضرائب، كما في الحالة الأردنية، أصبحت فرص النمو الاقتصادي أقل بحسب الخبراء، لأن ذلك يعني تراجع معدلات الاستهلاك وتراجع معدلات الانتاج والمبيعات بالمحصلة.

ويشير الخبراء إلى أن استخدام ورقة تخفيض الضرائب حاليا قد يكون بمثابة "العصا السحرية” التي ستؤدي إلى زيادة الايرادات العامة لا نقصانها وبالتالي تقليص الضغط على الموازمة العامة للدولة وزيادة السيولة في الأسواق.

ودعا خبراء الحكومة إلى إعادة النظر بضريبة الدخل وتقليصها بالنسبة لذوي الدخل المتوسط والمنخفض وتطبيقها تصاعديا بشكل اكثر عدالة إضافة إلى تخفيض ضريبة المبيعات بنسب حقيقية غير هامشية لما لها من قدرة على رفع معدلات الطلب وخاصة على القطاعات المراد تنشيطها كالقطاع السياحي وتخفيض الضرائب المفروضة على منتجات الطاقة المختلفة سواء على المواطنين أو الشركات إذ تعد هذه الضرائب من النسب الأعلى عالميا.

وشددوا على تخفيض الرسوم الجمركية المختلفة لا سيما على مدخلات الإنتاج لقطاعي الصناعة والزراعة لما لهذين القطاعين من قدرة على تحقيق فرص تصديرية وتوفير فرص عمل إلى جانب مكافحة التهرب الضريبي والفساد بشكل جاد وحقيقي
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري "دائما ما يؤدي تخفيض الضرائب إلى زيادة القدرة الشرائية للمواطن ويرفع من وتيرة الطلب والإنتاج وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي نعيشها محليا”.


وزاد "اقتصادنا اليوم بحاجة ماسة إلى تخفيض الضرائب المختلفة لتحريره من حالة الركود التي تخيم عليه وتعمقت بشكل أكبر جراء تداعيات أزمة كورونا”.
وبين الحموري أن تخفيض الضرائب سيكون له أثر إيجابي في مختلف المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية اذ سيسهم حدوث التخفيض في إنعاش حركة الأسواق وتشجيع فتح المشاريع الصغيرة والفردية وتوسعها مما يسهم في توفير المزيد من فرص العمل والتخفيف من حدة معدلات البطالة المرتفعة محليا إضافة إلى أحداث تحسن نسبي للمستوى المعيشي للمواطنين وزيادة مستويات الاستقرار النفسي والاجتماعي لديهم
ودعا الحموري الحكومة الى اتخاذ قرار جريء بإعادة النظر بكامل النظام الضريبي من خلال مراجعة معيار ضريبة الدخل لتكون تصاعدية بشكل عادل اجتماعيا إضافة إلى تخفيض جاد وحقيقي لضريبة المبيعات وتوحيدها إذ ان تخفيض ضريبة المبيعات عادة ما يعود بالنفع على الاقتصاد بشكل سريع إذ يرفع من وتيرة الطلب والإنتاج وبالتالي يقلل مستويات الركود في الأسواق إلى جانب مكافحة جادة للتهرب الضريبي إذ إن التطبيق الحقيقي لمكافحة التهرب الضريبي يساعد في رجم فجوة الإيرادات التي قد تحدث في حال تم تخفيض ضريبة المبيعات او ضرائب أخرى.
وتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الأردني بالأسعار الثابتة إلى 1.3 بالمئة خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة مع 2 % خلال الفترة نفسها من 2019، مدفوعا بالتبعات السلبية لتفشي جائحة كورونا منذ آذار(مارس) الماضي.
وأوضح الخبير الاقتصادي محمد البشير أن من الأسباب الرئيسية للانكماش الاقتصادي الحاصل ارتفاع الضرائب المفروضة سواء على المواطنين أو المؤسسات التي تعد من الأعلى عالميا وبشكل مبالغ فيه خاصة الضرائب المفروضة على قطاعي الاتصالات والطاقة اذ تتجاوز 24 % وهذه النسبة المرتفعة من الضرائب تنعكس سلبا على الاقتصاد الوطني وعلى جذب الاستثمارات بل إنها أحيانا تفتح أبواب سلوك التعدي غير الشرعي على الموارد العامة كالتعديات التي تحدث على شبكتي الكهرباء والمياه.
وأكد البشير أن الإقدام على تخفيض الضرائب سيحقق فوائد عدة للاقتصاد الوطني إذ سيزيد من معدلات الاستهلاك المحلي التي بارتفاعها تنعكس إيجابا على مؤشرات النمو إضافة إلى زيادة الفرص التصديرية وتخفيض العجز في الميزان التجاري ويتحقق ذلك من خلال تخفيض الرسوم الضريبية و الجمركية على مختلف مدخلات الإنتاج للقطاعات الصناعية والزراعية المختلفة كما سيكون له انعكاس إيجابي كذلك على المساهمة في التقليل من نسب البطالة من خلال التوسع الذي ستقدم عليه الشركات العاملة في هذه القطاعات.
وزاد ” حتى تتحق هذه الفوائد فإن الحكومة مطالبة بتخفيض ضريبة الدخل بصورة واضحة وبنهج تصاعدي يضمن توزيع عادل لثروات واجراء تخفيض جاد وغير هامشي لضريبة المبيعات بشكل يحقق غاية زيادة معدلات الطلب والإنتاج إلى جانب تخفيض الرسوم الضريبية والجمركية وتوحيدها”.
إلى ذلك، اعتبر الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة أن التخبط وغياب الرؤية الاقتصادية لدى الحكومات المتعاقبة التي أقرت الضرائب المختلفة دون دراسة أدى إلى حدوث تشوهات على شكل الضرائب وغايتها ولم تحقق المرجو منها وأوصلت الاقتصاد الوطني إلى حالة الركود الذي نعانيه منذ سنوات وإلا يمكن معالجة هذا الركود من دون الإقدام على تخفيض جاد وحقيقي لضرائب المختلفة وإعادة النظر بنظامها
وأشار مخامرة إلى أن ظروف وواقع اقتصادنا لا يصلح اخضاعه لهذه الضرائب المرتفعة التي أثبت بأنها تحد من حركة الاقتصاد وتضعف من فرص نموه، مشيرا إلى أن التذرع التي تسوقه الحكومة عند المطالبة بتخفيض الضرائب من خشية تراجع الإيرادات يمكن معالجته من خلال مكافحة التهرب الضريبي وتنظيم وتحديد الإعفاءات المقدمة سواء للمواطنين أو المؤسسات وضبط النفقات الحكومية وترشيدها.
ويرى الخبير الاقتصادي زيان زوانة أن أي تخفيض حقيقي لا شكلي للضرائب سيكون له أثر إيجابي في الاقتصاد الأردني لكنه لن يعالج معضلة الاقتصاد الوطني بشكل تام إذ يحتاج اقتصادنا إلى إصلاح شامل وجذري يطبق من خلال برنامج محدد زمنياً ولمدة لا تقل عن ثلاث سنوات يكون تخفيض ضرائب جزء منها إلى جانب خفض كلف الطاقة والإنتاج على كل القطاعات الاقتصادية وتخفيض أسعار الفائدة وتقديم برامج تمويل طويلة الاجل لمختلف القطاعات الاقتصادية إضافة إلى تخفيض رسوم الاشتراك بالضمان الاجتماعي والرسوم الجمركية المختلفة والحد من ظاهرة التهرب الضريبي .

الغد