موازنة 2021.. الحكومة محاصرة بخيارات صعبة
جفرا نيوز- تجد الحكومة نفسها محاصرة بخيارات صعبة أثناء إعدادها موازنة 2021 التي شرعت برسمها أخيرا في ظل ظروف استثنائية شائكة خلفها "كورونا” بحسب ما يراه خبراء اقتصاديون.
توقعات بانكماش اقتصادي وتراجع في الإيرادات وارتفاع في الدين العام وقفزة كبيرة في نسب البطالة والفقر، تجعل المشهد أكثر تعقيدا أمام الحكومة، ما يحتم عليها وفق خبراء أن تكون أكثر مرونة في إعداد الموازنة لمواجهة التغيرات المفاجئة واتباع نهج الشفافية والمصارحة فيما يتعلق بالإيرادات والإنفاق وعدم المبالغة في التقديرات كما يحصل كل عام.
ويتوقع الخبراء أن يزداد حجم العجز في موازنة العام المقبل، وبالتالي اللجوء لمزيد من المديونية، الأمر الذي سيشكل أعباء اضافية تثقل كاهل الحكومة بفوائد الاقتراض أيضا.
وزير المالية الأسبق محمد أبوحمور قال إن "النمو الاقتصادي مستمر في التراجع ومعدلات البطالة في ازدياد ولدينا مشكلة في قطاعات مهمة كانت تدر إيرادات عالية، السياحة والصادرات والنقل بالاضافة إلى الحوالات”.
وأضاف أبوحمور أن الطلب الكلي يتراجع وبالتالي فإن الإيرادات سوف تقل عما هو مقدر، وفي ظل هذه المعطيات وامتداد الانكماش الاقتصادي فإنه من المتوقع أن تكون الإيرادات أقل عن العام 2020.
في المقابل، يرى أبو حمور أن إجمالي النفقات للعام المقبل سوف تزداد نتيجة ارتفاع النفقات الجارية، وبالتالي سيزداد العجز الأمر الذي سيدفع الحكومة لمزيد من الدين لتتجاوز نسبته في الناتج المحلي 110%.
وتوقع أن تلجأ الحكومة في ظل تلك المعطيات أيضا إلى تأجيل الإنفاق الرأسمالي المكون الرئيسي للنمو وهذا سيؤدي إلى انكماش متعمق بشكل أكبر.
وحول تقديرات الايرادات العامة للعام 2020، توقعت الحكومة أن تبلغ نحو 8.561 مليار دينار مقــارنة مــع 7.825 مليار دينار معاد تقديرها لعام 2019 بزيادة مقدارها 736 مليون دينـــــــار أو ما نسبته 9.4%.
وبلغ العجز بعد المنح في موازنة العام 2019 حوالي 1.215 مليون دينار، وهذا العجز مماثلٌ تقريباً للعجز المتوقع في موازنة العام 2020 والمقدر بنحو 1.247 مليون دينار.
وقدرت النفقات الجارية لعام 2020 بنحو 8.383 مليون دينار مسجلة ارتفاعا بنحو 414 مليون دينار أو ما نسبته 5.2 % عن مستواها المعاد تقديره للعام 2019، وتضمنت موازنة 2020 رصد مبلغ 1.425 مليون دينار للمشاريع الرأسمالية وبزيادة غير مسبوقة بنسبة 33 % مقارنة بالعام الماضي، لترتفع حصتها من النفقات العامة الى نحو 15 % مقابل 12 % في العام 2019.
من جانبه، قال وزير التخطيط الأسبق تيسير الصمادي إن "موازنة العام المقبل ستكون استثنائية وصعبة في ظل الظروف المحيطة”.
وتوقع الصمادي أن تميل الحكومة إلى الإنفاق الرأسمالي مثل كل مرة وتقلله في ظل إنكماش اقتصادي متوقع”.
ورأى أن الحكومة يجب أن تكون أكثر كفاءة في الإنفاق، وهذا يعني تحقيق الأكثر مع إنفاق أقل.
وقال الصمادي "المطلوب من الحكومة مرونة أكثر في اعداد الموازنة وشفافية أعلى وكفاءة في الإنفاق، وتقييم للأثر الذي تركته القرارات والمشاريع التي الإنفاق عليها”.
ولفت إلى ضرورة تحسين التحصيل وخاصة من القطاع غير المنظم والذي يستحوذ على نسبة كبيرة من التشغيل.
وتوقع الصمادي أن ترتفع مستويات الدين العام وفوائده والذي برأيه سيستهلك جزءا كبيرا من الموازنة، الأمر الذي يتطلب من الحكومة جهدا أكبر في الحصول على المساعدات
الخارجية.
مدير عام الموازنة العامة السابق محمد الهزايمة قال "للأسف الشديد… السياسة المالية بعيدة عن الشفافية والصراحة وهذا بذاته يشكل مشكلة”.
وأضاف الهزايمة أن وزير المالية في كل لقاء يتحدث عن تسديد الحكومة نحو 500 مليون دينار للقطاع الخاص ولكن حتى الآن لم نر انعكاس ذلك الرقم في جداول النشرات المالية الشهرية.
ورأى أن موازنة العام المقبل صعبة جدا وأصعب من العام الحالي في ظل الأوضاع الراهنة وخاصة أزمة كورونا والتخبط في القرارات الحكومية إلى جانب عدم وضوح الرؤية.
وتوقع الهزايمة عدم نمو الإيرادات نتيجة ركود القطاعات الأمر الذي سيدفع الحكومة لمزيد من مكافحة التهرب الضريبي.
وأضاف أن الإنفاق سيكون صعبا جدا وخاصة الرأسمالي الذي ستلجأ الحكومة إلى تقليله لصعوبة تقليل الإنفاق الجاري الذي تستحوذ الرواتب على غالبيته.
ولفت الهزايمة إلى أن وعود الحكومة بإعادة الزيادات السنوية والعلاوات خلال العام المقبل سيكلفها نحو 300 مليون دينار بالإضافة إلى تكاليف تعيين كوادر طبية جديدة لمواجهة أزمة كورونا، مشيرا إلى أن كل ذلك سيكلف الحكومة زيادة الإنفاق الجاري وليس تقليله.