إلى الشيخ رائد صلاح

جفرا نيوز - كتب – عبدالهادي راجي المجالي
لقد شاهدتك , وهم يأخذونك للإعتقال يا بن دمي ....وقررت أن أكتب لك ..... أتدري , أنت تذهب لمعتقلك شامخا عظيما وسيدا حرا , لأنك الفلسطيني الخضيب دما ... وغيرك يذهب في سرادب الظلام , حانيا رأسه ...ويحاول أن يخفي ملامحه , لأنه يدرك أن الحياة فيها شيء واحد تخجل منه وهو فلسطين , إن لم تخجل من فلسطين فممن ستخجل ؟ .. لما يبق يا (رائد صلاح) ..غيرنا وغيركم في المشهد , لقد انسحبت الدول وفلسطين أوكلت قضيتها للمدن ..هنالك في فلسطين , أم الفحم تقاتل ..ونابلس , وجنين والخليل والقدس ..وهنا في الأردن الكرك تقاتل والسلط والمفرق وأربد ....ظنوا أنهم حين يزيلون القضية عن أكتاف الدول ..ويعطون وكالتها للمدن ..سيقومون بدفنها حتما , خاب ظنهم فالقضية الان كبرت وكبرت وكبرت ... الكرك يا شيخنا أكبر من دول في المنطقة , أقرأ تاريخها وثوراتها وعمرها ..واقرأ في ثنايا ترابها أنها ما حملت على أرضها يهوديا ولن تحمل , والكرك يا بن دمي يا رائد صلاح ...حين بدأت النكبة , كانت المدينة الوحيدة في الشرق التي رفضت أن تخضع للمنظمات الدولية أو البيروقراط ..لم تقم ببناء مخيم على أرضها لم تصنف الفلسطيني على أنه لاجيء ...بل قالت لترابها ..كن حنونا يا تراب على قدمه , وقالت لترابها أيضا ..كن حانيا عليه حين يموت واحمله كعربي ..أسس في شموخ هذه الأمة أول الفصول ... يا رائد صلاح ..كل قبر لفلسطيني في الكرك وحين يأتي الربيع علينا , تنبت الحشائش على حوافه ..وتتجه للغرب لفلسطين ..وتعاند الطبيعة والشمس , كأني أشعر يا أخي ويا بن دمي ..أن هذه الحشائش ذات يوم ستحمل جثمانه وترده للخليل ..او أني أشعر أن جسد الفلسطيني المسجى في الجنوب سيفيق ذات يوم ويقاتل ..وسيصعد معه التراب أيضا ويقاتل ..,المدى سيقاتل ..... نحن لا نموت لأن فلسطين حية لم تمت , حتى لو تحولت عظامنا لتراب ....ستقف العظام وتقاتل ... يا رائد ....يا صلاح . أنا لست غاضبا من أحد , وأؤمن بالمقادير جيدا ....وتلك ليست عقوبة كما يصورها البعض ذاك تكريم من رب العالمين , أن يرمي على أكتاف الأردني والفلسطيني , جدائل الحبيبية ..وكأن فلسطين في تعبها , هي التي أرادت ذلك ...هي التي أردات لجديلتها أن لا تحمل أو تمشط إلا من (عيالها ) ...فأصابعنا فيها من الطهر ..ما يؤهلها لتكون مشط ظفائر الحبيبة . أعرف يا رائد أن المعتقل متعب ...أعرف أعرف أنك ستمضي وقتك , وأنت تقرأ في كتاب الله ...وكل فجر ستقرأ منه : ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) ..وأعرف يا رائد ..أن شيبات من لحيتك النبيلة ستسقط , على المصحف ...لا تزلها يا أخي ....هي لم تسقط بفعل العمر أو التعب ..ولكنه الطهر ينادي طهرا , وأنت كنت المجاهد المستقيم الصابر العابد لأجل فلسطين ...لا تزل تلك الشيبات واكمل قراءة ما بدأت به ....وتذكر يا بن دمي , أنك حين تسجى في تراب فلسطين الأحن ...الأغر , سيمر طفل من جانبك , وسيقرأ عليك الفاتحة , وسيرتضي دربك ونهجك عقيدة له , وسينتقم من كل من خذلوك وخذلونا ...سيتمثل صوتك وستكون سبابته في التشهد مثل سبابتك , وسيحمل القران في جيبه الأيمن ...كما كنت تفعل , والأهم يا رائد ..أن التراب الفلسطيني ...سيسرق من زيت الزيتونات في أم الفحم ..وسينير لك المستقر الأخير ...تخيل في فلسطين وحدها ..وحدها وليس غيرها , ينير الزيت ..درب المجاهد ودرب الصامد ..ودرب العابد ...في حين أن دروبهم مظلمة جدا . هل سيمنعون عنك القران , أقرأ في سرك ...تماما مثلما تقرأ فلسطين على الشهداء كل يوم في سرها ايات بينات من كتاب الله , وهل سيخففون عنك الوجبات ؟ ...أنت أصلا تحب الصوم ..ليكن هواء فلسطين زادك , افطر على اسمها وصوت الأذان ..وإن لم يسمعوك أذان المغرب ..فتذكره في قلبك ...إن صوت القلب أحن على العبد من أي صوت اخر ... وتذكر في معتقلك , أنك أنت من يعتقلهم , وليسوا هم ...صحيح أنهم يضعون حولك ألف سياج وألف جدار , ولكن قلبك الفلسطيني أرحب ...تذكر أنك تعتقلهم بصوت الايات في صلاتك وأنت تفيق في الصباح للفجر , وتعتقلهم ...لأن الشيب في لحيتك ..أنار لألوف الأطفال الطريق الصحيح في فلسطين ...في حين أن ظلمة (سبطانات بنادقهم) أسست لهم في القادم ألف ثأر وألف معركة ...وألف إرادة للتحرير ....أنت تعتقلهم , لأن لك أما ولدت في فلسطين ..وكفها مثل جذر زيتونة قديمة عمرها ألف عام , وهم لايعيرون للأصل هما ...وينتمون لكف البغض والقتل ..ينتمون لما وراء البحار , وما وراء البحار لم يجلب سوى الأسى والعاصفة .
يا رائد صلاح ... كل ذلك كان مقدمة ... كي أقول لك ..الكرك تحبك وكل مدن الأردن وفلسطين تحبك ...أنت في قلبي ووجداني . Abdelhadi18@yahoo.com