رسالة وارتعاد ولغط
جفرا نيوز - الدكتور ابراهيم العابد العبادي خلال الأيام القليلة الماضية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم المواقع الاخبارية، تم نشر وتبادل رسالة رُفعت الى مقام حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني أبن الحسين حفظه الله ورعاه، مُذيلة بأسماء مائة واربعة شخصيات عامة من اصحاب الدولة والمعالي والباشاوات والعطوفة والوجهاء والأكاديميون، ...وفي هذا المقال لن أدخل في تفاصيل وتفسير وتبرير فحوى ومضمون الرسالة التي قد يكون أطلع عليها الاغلبية....ولكن سيتم التطرق الى ما جرى بعد انكشاف أمر الرسالة ونشرها، هذا هو صلب ومحور المقال. بداية، الرسالة لم تكن ولدة لحظة انتشارها عبر مواقع التواصل، بل كان قد مضى على رفعها للديوان الملكي العامر ما يزيد عن أسبوعين، تم خلالها دعوة احدى الشخصيات الوارد اسمها في الرسالة لمناقشة مضمون ومحتوى الرسالة حسب ما صرح به مصدر إعداد الرسالة على احدى القنوات الفضائية.. وبالتالي تكون عملية تسريب الرسالة أمر ليس عفوي بغض النظر عن الجهة التي افصحت عنها والهدف او الغاية. أما من ناحية مضمون الرسالة ومرتكزاتها، فقد جاءت الرسالة بأسلوب سهل بسيط ولغة دبلوماسية رشيقة، قاد نحو عرض مرتكزات على شكل مطالب سبق وان أثير بعضها مراراً وتكراراً امام جهات رسمية مختلفة...حيث تضمنت الرسالة باختصار المحاور التالية: ((غياب الحوار السياسي والمجتمعي خلق فجوات بين الدولة والمجتمع ابرز ملامحه حراك المعلمين، التأخر في تقدیم وصفة للاحتواء سيجعل الوطن أمام ُكلف سیاسیة واجتماعية واقتصادية باھضة، جذور الأزمة الحالیة سیاسیة ذات أوجه اقتصادیة واجتماعیة وطبقیة أبرز مظاھرھا حراك نقابة المعلمین، اللجوء إلى الحل الأمني الخشن وغیاب المبادرات الاجتماعیة أو الاقتصادیة أمر غیر مألوف أردنیاً عبر حكم الھاشمیین الممتد القائم على التسامح والاحتواء، السعي للحفاظ على صورة الأردن باعتباره دولة تحترم معاییر الالتزام بالحقوق والحریات العامة ومنھا حریة التعبیر والعمل النقابي، وأخيراً، استغلال الاستحقاق الدستوري بإجراء انتخابات نیابیة حرة نزیھة، تزيل مسببات الاحتقان))...ومقابل هذه المرتكزات تضمت الرسالة توصيات حلول تمثلت بالتالية (إطلاق حوار وطني توافقي على أولويات المرحلة المقبلة مماثل لمخرج سنة 1989، التأكيد على حالة التسامح والتعايش لتصبغ علاقة الدولة والمجتمع الأردني، واستيعاب الرأي والرأي الآخر ضمن سیادة العدل والقانون، والمبادرة للإفراج عن جمیع المعتقلین، ووقف كل مظاھر التجییش الإعلامي السلبي، إعادة عمل نقابة المعلمین إلى مساره المھني وفق احكام الدستور والقانون، صیانة الاستقرار السیاسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني عملية تشاركیة متكاملة بین الدولة والمجتمع وفق رؤیة متكاملة، ضرورة استعادة الدور الریادي للأردن كصانع للتوافق العربي والإسلامي ومركز من مراكز التوازن في المنطقة). في الجزء السابق من المقال وحسب العنوان تم تناول الرسالة، اما الإشكال المتمثل في "الارتعاد واللغط" الذي ظهر جلياً واضحاً في ارتعاش الاقلام وردود الافعال...لتبلغ حد ترتعد فيه الفرائص... وتسابق العديد من اصحاب الذوات الواردة أسماءهم في الرسالة للتنصل من مضمون ومحتوى الرسالة وعدم المعرفة او الحلفان بأغلظ الايمان بعدم الاطلاع وتغيير النص....الخ، وكذلك عدم التوقيع...رغم التأكيد المشار اليه في بداية المقال... بل أن البعض سارع لإعلان انسحابه والدعوة للانسحاب... لينطبق قول معاوية بن سفيان.... شجاع إذا ما أمكنتني فرصة ... فإن لم تكن لي فرصة فجبان....بل ذهب البعض ليشير ان مضمون الرسالة يتفق مع المطالب التي اثارها في اكثر من موقع...لكنها في ذات الوقت تحمل نقاط وأفكار يختلف فيها...كما هناك عدم وضوح للهدف الذي يرغب الموقعون في تمريره الى صاحب القرار "جلالة الملك"، كما اشار البعض ان ما وردهم مختلف عما ورد في الخبر المنشور، طالبين شطب البيان الذي لا صلة لهم به. ما نستخلصه من هذه الواقع تحديداً، ويؤكد ويثبت وجهات نظر الاغلبية عبر الزمن، أن هناك فئة واسعة من الاشخاص الذين شغلوا مواقع قيادية متقدمة وبلغوا من العمر عتيا ومن الطامعين في تحقيق مآرب ذاتية...مصرون على عدم مواجهة الحقيقة، وعلى المناورة والمراوغة، وعلى تغليب مصالحهم الشخصية على المصالح الوطنية... فكيف نتوقع من جلالة الملك حفظه الله أن يثق بهم وبطرحهم وبتوصياتهم وهم يتسارعون للتنصل من مسؤولياتهم...وكيف لنا ابناء الشعب أن نثق بقراراتهم ...كيف لنا أن نأمن جانبهم او نصدق اقوالهم ونحن نرى افعالهم.... كيف لنا أن نجسر الفجوة بيننا كشعب وبينهم كحكومة...كيف لنا أن نردم ثغرات عدم الثقة بيننا وبينهم...كيف لنا الكثير والكثير مما يضيق به الصدر .... حسبنا الله ونعم الوكيل....نسأل الله أن يحفظ الاردن بلد الرباط والمرابطين.