أثر "القيود الراكدة" على العملية الإنتخابية
جفرا نيوز - د. نواف عواد بني عطية
الجداول الانتخابية هي عبارة عن تلك القوائم المرتبة أبجدياً بصورة رسمية للمواطنين كافة الذين تتوافر فيهم عند لحظة تحريرها الشروط الخاصة بعضوية هيئة الناخبين وممارسة الحق في التصويت ، ويعتبر عرض جداول الناخبين إحدى المراحل المهمة التي تمر فيها العملية الانتخابية ، حيث تطلب الهيئة المستقلة للإنتخاب من دائرة الأحوال المدنية إعداد جداول أولية بأسماء الناخبين ، وذلك حسب الدوائر الإنتخابية المحددة بمقتضى أحكام قانون الإنتخاب، تليها مرحلة نشر الجداول الأولية وفتح باب الإعتراض ، حيث يتم عرضها على الموقع الإلكتروني الخاص بالهيئة ، ( مدة 14 يومًا المادة 4/ ز من قانون الانتخاب رقم 6 لسنة 2016) ؛ ليتسنى للمواطنين ممارسة حقهم القانوني بالإعتراض عليها قبل تنقيحها لتصبح جداول نهائية تجرى على أساسها الإنتخابات النيابية ، وهذا مطلب قانوني لا خلاف عليه !!. لكن المشكلة تظهر أن هناك قيود واسماء لاشخاص لم ينتخبوا ولم يمارسوا حقهم الإنتخابي لعدد من الأسباب يمكن اجمالها على النحو التالي :
1 – مسجل في القيود المدنية ويحمل رقم وطني ، ولكن ليس لديهم بطاقة أحوال مدنية أو لم يستصدروها ، أو قد يكون فقدها قبل التصويت ولم يسعفه الوقت بإستخراج بدل فاقد ، إلا أنه غالبًا ما تتساهل لجنة الإنتخاب بتوجيه من السلطات العليا بإعتماد أي إثبات آخر غير بطاقة الأحوال لتسيير العملية الإنتخابية
2 – أشخاص لم تُحدث بياناتهم وغير معروف إن كانوا على قيد الحياة ، أو لم يصدر لهم شهادة وفاة ؛ لذلك تتفاجأ أحيانًا بأن الشخص متوفي ولا يزال اسمه في سجلات الناخبين ، وهنا يقع التزام على ذوي المتوفي بإستخراج شهادة وفاة له . كما أنه لا أحد يستطيع إزالة اسم أي شخص من كشوفات الناخبين إلّا في حال تبليغ رسمي من عائلة أحد المتوفيين بشهادة وفاة، أما تبليغ الوفاة الذي يتحصل عليه ذوو المتوفى من المستشفى لغايات الدفن غير معتمدة لإزالة الاسم من كشوفات الناخبين وهو ما صرح به الدكتور خالد الكلالدة رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب ، مع أن المادة (4/د) تنص على خلاف ذلك لأن شطب اسم المتوفى يقع على عاتق دائرة الأحوال المدنية " د-على الدائرة شطب اسماء الأشخاص المتوفين من جداول الناخبين"
3 – هناك من هم خارج المملكة ومسجلين في دائرة الاحوال المدنية ولا يستطيعوا التصويت اما بسبب ظروف عملهم ، أو انه استجد عليهم ظرف طارىء لم يكن توقعه أو دفعه كما هو الحال في مرض كورونا (covid 19)
4 – من بلغ عمره اكثر من 100 عام ، وهؤلاء ربما ظروفهم الصحية أو العقلية لا تنجدهم في الإختيار السليم لمرشحهم ، وربما ينطبق عليهم المادة (3/جـــ ) من من قانون الإنتخاب لمجلس النواب لسنة 2016 تحت بند المحرومين من التصويت " المحجور عليهم " ؛ لأن الدساتير والقوانين الانتخابية تشترط أن يكون الناخب متمتعًا بحقوقه المدنية، فيحرم من الإنتخاب المجانين والمحجور عليهم ؛ لأن هؤلاء تنقصهم قوة التمييز والوعي والإدراك بضرورة ممارسة شؤون السلطة السياسية.
وتتضح الأهمية الفائقة لإعداد جداول الانتخابات وتأثيرها المباشر في حسن أداء العملية الانتخابية وتحقيقها لأهدافها، كونها أساسًا للنظام النيابي السليم ومن ثم ركيزة لصحة التمثيل النيابي في البرلمانات وتعبير النواب عن الإرادة الحقيقية للأمة، فإذا ما تسرب الخلل أو العبث إلى تلك الجداول كانت النتيجة الحتمية لذلك هي عدم التعبير الصحيح عن إرادة الأمة، ومن هنا جاءت الأهمية البالغة لدور الإدارة في العملية الانتخابية باعتبارها الأمينة على سلامة القيد في الجداول لكل من انطبقت عليه شروط أعضاء هيئة الناخبين وحرمان الذين صدرت في حقهم قرارات من المحاكم في الأحوال المنصوص عليها في قانون الانتخاب
ويكمن أثر هذه القيود الراكدة على العملية الإنتخابية أن بقاءها يؤثر سلبًا على مصداقية العملية الانتخابية وتكون مجالًا للشك وللمشككين خصوصًا في حالة وجود اسم لشخص متوفي ، ايضًا قد تؤثر على عملية سير العمل لا سيما وهذه القاعدة البيانية تعتمدها الوزارات وفقًا لبيانات دائرة الأحوال المدنية ، ايضًا إذا ما ازلنا اسماء هذه الأشخاص من حسبة المشاركة العامة للانتخاب سنجد بكل تأكيد ارتفاع نسبة المشاركين في العملية الانتخابية . وتغدو المشكلة أكبر اذا علمنا أن هؤلاء الأشخاص لن يصوتوا ما لم يصوبوا أوضاعهم ، كما ان جداول الناخبين تعتبر حجة قانونية على الجميع.
لذا هذه دعوة الى وجوب مشاركة المواطنين وأجهزة الدولة ومؤسساتها في مواجهة هذه المشكلة والتصدي لها بالتعاون والتكاتف وتذليل الصعاب
حمى الله وطننا الغالي من كل سوء ...