أعيدوا لنا صافرة الإنذار !


جفرا نيوز - إعداد: الدكتور عادل محمد القطاونة.
ما بين مُشكك ومُؤكد، مُلتزم ومُخالف، مُستكبر ومُستهتر، وما بين منطقي وهوائي، مزاجي وأناني، وما بينَ تصريحٍ إعلامي مفهوم وآخر ملغوم، موقعٍ اخباري معروف وموقعٍ محفوف، وما بين إعلامي محترف وإعلامي منجرف، ناطقٍ إعلامي مٌجتهد وآخر مُستبد، موضوعٍ إعلامي دَسم وآخر هَرِم، وما بين انتقائيٍ للمواضيع وانتقاديٍ للجميع، إيجابيٍ بالأفكار وسلبيٍ بالإصرار؛ وما بين خطأ فردي وآخر حكومي؛ يتساءلُ البعض عن فحوى التصريحات وجدوى التلميحات، حقيقةِ البيانات وخطيئة الإجتهادات، فضيلةِ الكلمات ورعونة التشكيكات!
لقد باتَ الحديثُ عن جائحة كورونا في جانبٍ منه مثاراً للجدل والفشل، أضاف إليه بعض الإعلام المبني على مواقع التواصل الإجتماعي جانباً من الكلل والملل، فانغمست المصداقية في إناء الأنانية، الموضوعية مع زوايا الكراهية، والإحترافية تلاشت مع الإتكالية فغدى الإعلامُ مُبهماً والخبرُ تائهاً والمواطنُ حائراً؛ استوجب كل ذلك زيادةً في برامج التوعية عن المرض، ويستوجبُ اليوم عرضاً لبعض الحالات المرضية الطوعية وعبر برامج تلفزيونية تزيد من نسبة الحقيقة المرضية وتقلل من نسبة المؤامرةِ الكونية!
إن الموازنةَ ما بين التنبيهات والعقوبات، التحذيرات والإرشادات، الغرامات والإغلاقات، بات اليوم موضوعاً مقلقاً للمواطن وللحكومة، يستوجب ذلك زيادةً في التحذير السمعي والمرئي، وتقليلاً في العقاب المالي والإغلاق المكاني، فعلى سبيل المثال لا الحصر كانت صافرة الإنذار تلعب دوراً تحذيرياً له دلالاته وإشاراته، بعيداً عن المتابعات الحكومية والمبالغ النقدية للمخالفات الفردية!
تشيرُ الإحصائيات الرسميةُ الى أن عدد المصابين بفيروس كورونا حول العالم قد تجاوز ال23 مليون مصاب، ويتوقع أن يلامس الرقم ال50 مليون مع نهاية العام 2020، محلياً فقد وصل العدد الى 1498 مصاب ويتوقع أن يلامس العدد حاجز ال 3000 مصاب مع نهاية العام 2020، وما بين الحديث من متعلمٍ وغير متعلم، من واقعيٍ وافتراضي، ومع كثرةٌ الاجتهادات وتفشي الإشاعات وما بين الأخبار الكاذبة والإشاعات العابرة، ومع قلب الحقائق وتزوير الوثائق، إجتذاب الأضواء وتحقيقِ الإسترضاء، بات العالم بحاجة إلى مصداقية أكبر وموضوعية أكثر في الحديث عن الدواء والشفاء، في العقار والدمار، في المديونية والخطط الإقتصادية !
لقد ساهمت بعضُ الأقلام الموتورة والكتابات المأجورة في ضعف الدلالات الموضوعية للأخبار الحكومية، وتهميش الإشاراتِ الصحية والطبية، بعيداً عن توخي الدقة في المفاهيم والتفاصيل سواءً الكلامي أو الرقمي منها؛ أدى ذلك إلى صعوبة في الخروج بنموذج فكري متكامل يحاكي الواقع ويخاطب المستقبل وصولاً للغة مشتركة لدولة قوية اقتصادياً ومنيعة صحياً، بعيداً عن الإجتهادات والإساءات الموجهة لقطاع على حساب قطاع أو لوزراة على حساب وزراة.
أخيراً وليس آخراً، فإن من الأهمية اليوم أن يكون هنالك توحيد للغات ما بين لغة اقتصادية ولغة صحية عبر شراكة حقيقية ما بين القطاع الخاص والعام، وعبر محاكاة ذكية بين أصحاب القرار الإقتصادي والحكومي للخروج بقرارات متوازنة تجمع ما بين الملف الصحي والملف الاقتصادي الإجتماعي؛ قرارات توازن ما بين القاعات المغلقة والمزارع المشبعة، ما بين السيولة المفقودة والبضائع الموجودة، ما بين الإنفاق المعيشي والمردود الضريبي، ما بين التعليم الإلكتروني والعائد الأكاديمي، ما بين الجمعيات الخيرية الفاعلة والمبادرات الشبابية النادرة، ما بين صافرات الإنذار وإغلاقات المكان، وصولاً لنموذج وطني تقدمي يجعل المواطن شريكاً في الإصلاح الصحي والإقتصادي الحكومي!