المشهد الانتخابي عقدة الرغبة الفردية ونظرية المؤامرة وغياب الشباب مستمره في الكرك
جفرا نيوز- كتب: الصحفي خلدون الحباشنه
يتسابق كثيرون لاعلان رغبتهم في التمثيل النيابي وهذا حق دستوري لاي مواطن اردني ، قانون الانتخاب نفسه يعزز التوجهات الفردية ويمنحها قوة كبيرة لتتزايد وان كان ذلك ضمن كتل نيابية ، لا احد ينكر نزوع الاردني عموما الى ما يسمى في علوم الاجتماع والسياسة بحب الرياسة والزعامة وهو سلوك بشري عام لكنه ينقلب الى فوضى عارمة في حالتنا اذا ما دققنا في المشهد الذي يتخلله ترشيحات وفق فرز عشائري داخلي او وفق اعتبارات الدور بحسب حجم وكتلة الاصوات ، واحيانا يجري الخروج على هذه الاعتبارات لغايات شخصيه ذاتية منطلقها الاساس مناكفات داخلية ، في كل موسم انتخابي سواء كان برلمانيا او للمجالس البلدية يجري تغييب ثقافي اجتماعي لاعتبارات الكفاءة والقدرة والتمكن لمصلحة واقع يتسم بالتنافس المحموم على اسس فرديه بلا خطة او مشروع وهو ما يفسر غياب المجهود التنموي والتمثيل السياسي المتزن الذي يراعي الاعتدال والتوسط بين الموقف الوطني و الاعتبارات المحلية للقواعد الانتخابية ، يجري التغطية على الفشل المجتمعي في ولادة نماذج تعي خطورة التمثيل عبر الزج باسماء كبيره على انها تتدخل في صياغة المشهد الانتخابي فقط لاعتبارات كونها ذات مكانة سياسية او مالية ويجري تحميل هذه الاسماء تبعات فشل هو في الاساس فشل مزمن في الوعي وفي طبيعة الفهم العام لحق التمثيل نفسه ، شماعة المال السياسي تتردد من حين الى اخر وتجري المراوحة بينه وبين شخصيات من اوزان ثقيلة على انها هي من تصوغ المشهد .
الحقيقة ان المدينة التي تشكل بؤرة وعي سياسي نظريا يبنى المشهد الانتخابي فيها على قاعدة العواطف العشائرية والقبلية التي لا يملك لا المال السياسي ولا حتى الشخصيات الكبيرة زحزحة هذه العواطف من مكانها امام اعتداد الكركي باسم عشيرته وصناديق الاقتراع عند فرزها لكل من يتابع تضخ زخما تصويتيا مناطقيا هو في الاساس انعكاس لواقع جغرافي يعكس ايضا الواجهات العشائرية ديموغرافيا ، وان كان هناك افلات من هذه القاعدة فهو فردي غير قابل لتأثير في المشهد العام .
نظرية المؤامرة هي مقاربة تفقد مبرراتها امام هوس الرغبه الذي يجتاح الجميع ، وكأن البعض منا ينتظر احدا ليطلب منه الترشح للانتخابات في مقابل حقيقة يعرفها الجميع ان الجميع يرى نفسه مؤهلا في ظل غياب روح الايثار وتقديم من يملك التأهيل اللازم ، الدور الحزبي المنظم هو ايضا تحت سطوة الفرز العشائري باستناء تيار حزبي واحد ان قرر خوض الانتخابات فهو الوحيد الذي يتلقى زخما تصويتيا يتوزع على كافة المناطق وهو تيار الاخوان المسلمين .
الدور الشبابي غائب تماما ، ولقاءات التحشيد الانتخابي سابقا كلها تنطلق من حمى اسم العشيرة التي تبحث دوما في كشوفات الاقتراع عن عدد وحجم وكتلة على حساب الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي افرز في السابق نوابا لا يلتقون قواعدهم ولو مرة واحدة طيلة اربع سنوات ويتصرفون تحت القبة بوازع شخصي اساسه مصلحة عائلته الصغيره ثم اقاربه بعد مصلحته الشخصية في حين ان الدور الاساسي هو في ادارة موقف وطني عام في التشريع والرقابة لا يهمل ايضا جوانب التنمية الاقتصادية والمطالبات المحقة للمحافظات في احداث التغيير الايجابي اقتصاديا .
انتاج نائب يعي دوره الوطني يحتاج الى قواعد انتخابية متحررة من عقد الذات والعقل الجمعي الذي تستولي عليه رغبة في تمثيل قائم على المناطقية ، ليس جديدا الزج باسماء كبيره في اتون هذا الصراع مع ان الجميع يعرف ان الحجم العائلي لعشائر بعينها في الكرك على اساس عشائري قادر على ايصال نائبين قياسا على قواعد الفرز العشائري وهو ما ينسحب على عشائر الطراونة والصرايرة والمجالية والغساسنة والمعايطة وغيرهم قياسا على الكتلة العشائرية التصويتية لاعتبارات العدد الكلي ولكن تيارا انتخابيا يظهر في كل مرحلة انتخابية ياخذ الامور باتجاه رفض هذه الحقائق الميدانية و يبدا باختراق قواعد اللعبة العشائرية نفسها ويمارس سياسة الضرب تحت الحزام فقط لغايات التأثير في انقسامات الكتل العشائرية بحيث يصبح ثراء احد ابناء هذه العشائر او مركزه الاقتصادي او السياسي مدخلا للاساءة والتشهير مع انه ما بعد الانتخابات وما قبلها يكون ابن الكرك البار او قامة وطنية ليس عليها غبار ، وهذا توظيف غير اخلاقي على الاطلاق هو في الحقيقة ما يؤثر على توجهات الكثيرين من ابناء المحافظة سواء كانوا رجال اعمال او غيرهم في ولوج واقع المحافظة وقضاياها .
هذه قراءة للواقع لا اكثر مع ان الامال والطموحات تختلف وتنعقد على وعي وطني عام يتجاوز هذه التفاصيل الدقيقه لبلوغ مرحلة الانعتاق على الاقل من موسم الذم والقدح والتشهير ، ومهرجانات النصر الزائف وشعارات الخاوة التي تتلوها بعد كل استحقاق انتخابي سرعان ما نكتشف انه اجترار نمطي لبؤس متمترس غير قادر على معالجة متطلبات مرحلة .
نحن مطالبون اليوم بالتصرف وفق قواعد اخلاقية ان لم نكن قادرين على الفهم العلمي للامور علينا ان لا نسقط في التاويل غير المنطقي للاحداث ، حماية لنسيج الوطني والاجتماعي المفكك اساسا ، واذا اردنا تمثيلا نيابيا حقيقيا يحقق الطموحات علينا ان نعود الى صوابنا السياسي والاجتماعي والثقافي والوطني لانجاز تمثيل يليق ، ولنترك من نجح في اداء مهامه في قطاعات اخرئ خارج حلبة الصراع لذي يشارك في اذكائه ميدانيا وعلى وسائل التواصل الاجتماعي من هب ودب ليستمر الناجح في نجاحه ان كنا غير قادرين في ميداننا الشعبي الانتخابي الا على اجترار الفشل وجلد ذواتنا في كل مره .
على الشباب ان يتولى مسؤولياته وادارة الموقف بوعي والا فان الامور لن تتغير خلال الانتخابات القادمة وستستمر نزعة الركون الى ذات النتيجة .
خريطة التحالفات العشائرية تاريخيه في الكرك لايمكن تغييرها بسهولة والارتباطات المناطقية داخل القصبة تحديدا محكومة لهذه التحالفات ، بينما في الالوية لا يزال الثقل الرئيس يصب في خانة الحجم والكتلة في ظل غياب وعي جمعي عام خاصة داخل القطاع الشبابي الذي يعاني عقدة كبيرة في الاعلان عن نفسه ، لا بل ينسحب بشكل ملفت للانتباه لصالح تيار المخضرمين نيابيا وان كان المحرك الاساس للحراك الانتخابي في الكرك هو الطموح الفردي والرغبة اما في ولوج القبه لاول مره او في العودة اليها .