لماذا تشتعل مواقع التواصل الاجتماعي غضبا على وزراء حكومة الرزاز؟

جفرا نيوز- كتب ماهر ابو طير 
 الذي يحلل وسائل التواصل الاجتماعي، يذهل من شدة الحنق على كثرة من وزراء حكومة الرزاز الحالية، وسواء كان هذا الحنق طبيعيا، أم ظالما، فهو يؤشر على ظواهر كثيرة
التعليقات كلها تستهدف أي خطأ للوزراء، بحيث تنهمر كل التعليقات لعدة أيام ضد هذا الوزير أو ذلك، احدهم لمجرد انه أطلق غمزة على الهواء، والثاني لأنه ارتدى كمامة من ذات لون ربطته، والثالث لأنه يهز أكتافه كثيرا، والرابع لأنه قال ان الباقي تفاصيل، وهكذا بات لكل وزير ملف، ولكل وزير قصة، تؤشر على حجم السخط الشعبي من كل المنظومة التي نراها، رغم أن بعضهم نجح في هذه الازمة، ولا يجوز انتقاصه بطريقة غير مهنية
هذا يعني ان اغلب الوزراء الذين دخلوا دوامة كورونا، لم يخرجوا منها احياء، بل ان اغلبهم باتوا شهداء اليوم، او جرحى، وقد انقلب الرأي العام الذي كان بدايات الازمة يهلل ويصفق بشكل عاطفي، لكل وزير ومسؤول في الحكومة، الى درجة انتاج الفيديوهات وتركيب الأغاني العاطفية على صور الوزراء، نحو التنمر ضد اغلبهم، بسبب خطأ هنا او هناك، دون أي تذكر لحجم المديح الذي تم استمطاره بحق وزراء الازمة تحديدا.
هذا يعني امرين، أولهما ان الروح المعنوية للناس منخفضة جدا، وتطغى عليهم السلبية، والغضب، بعد ان لمسوا حجم الاضرار التي تنزلت عليهم، فقد ولت العاطفة، وبدأ الناس بإحصاء خسائرهم الشخصية، من وباء كورونا، ولأن الفيروس ليس رجلا، يمكن رجمه، كان الحل التعبير عن الغضب في وجه وزراء الازمة، وثانيهما ان هناك أخطاء وقعت، تسمعها من الخبراء الأكثر معرفة منا، فأغلب هؤلاء يعتقدون مثلا ان إدارة الملف الاقتصادي لم تكن موفقة، وأن لا خطة للتعامل مع تداعيات ذلك على العام 2021، واننا بتنا في بلد مقطوع عن العالم، وكأننا جزيرة عائمة وحدنا، بسبب اغلاق المطار، فوق عودة الوباء بسبب الثغرات على المعابر البرية المفتوحة، والمخاوف من الأثر الأخطر المتعلق بتراجع حوالات المغتربين، وتعمق مشكلة البطالة، ولجوء المؤسسات لتخفيف اعداد الموظفين، وغير ذلك.
هل يمكن لمركز القرار ان يواصل رحلته بذات الفريق الذي احترق رصيده في هذه الازمة، هذا سؤال مهم، ويأتيك الجواب ممن يقول ان تبديل الوزراء بوزراء جدد عبر اقالة كل الحكومة او اجراء تعديل وزاري، ليس عدلا، وكأننا نعاقبهم على تعبهم، فيما الازمات ذاتها لن تتغير، وهذا رأي جناح يمين اليمين في مركز القرار في عمان، فيما الرأي الاخر يتبنى مبدأ الازاحة النفسية، أي تخفيف الاحتقان، شكلا على الأقل، عبر مناقلات حكومية، أيا كان مسماها، تغييرا حكوميا، او تعديلا، من اجل تغيير الوجوه، نحو وجوه جديدة ليس عليها مآخذ شعبية، وقابلة للحياة لفترة قبل ان تلحق غيرها فهذه النار لا تشبع من الحطب.
ما يمكن قوله اليوم، اننا لسنا امام جو إيجابي، ولا قراءة موضوعية على المستوى الشعبي، لمن عمل وتعب، ولمن أخطأ وتعثر، فالجو عموما تطغى عليه السلبية والتشاؤم والخوف من المستقبل، وهو جو بحاجة الى معالجة، إما عبر إجراءات حقيقية فاعلة تترك أثرا، وهذا هو المفترض، وإما عبر الوصفة التي يتم الهروب اليها دوما، أي تغيير الوجوه، وبقاء ذات السياسات، وجدولة الازمات، وهي وصفة اوردتنا المهالك، كونها تشتري الوقت فقط.
ما يقال لعمان الرسمية، هنا، ان الاختباء خلف الكلام حول ان ازمة كورونا عالمية، وطحنت شعوب العالم، واننا مثل غيرنا، امر غير كاف، وعلينا التنبه الى الحالة المعنوية للناس، وقراءة المؤشرات بطريقة عميقة، لا تستخف بمشاعر العموم، ولا مخاوفهم، وتجد لنا مساحة مضيئة، في هذه العتمة التي تضرب المشرق، والمغرب أيضا، ان استطعنا الى ذلك سبيلا.