كيف ماشية هالبلد ؟!

جفرا نيوز- كتب ابراهيم عبدالمجيد القيسي


هذا السؤال متداول بغزارة بين الناس، ويقض مضجع كل شخص وطني يخشى على بلده، وبما أننا لدينا الف تحد داخلي وخارجي، فقد أصبح السؤال حاضرا في الذهن والضمير، ولا أحاول الإجابة عليه هنا، علما أن ثمة طرفة تقول أن أحد الاستراتيجيين الأجانب، قد نطق بالشهادتين (أسلم يعني)، حين حاول الإجابة عن هذا السؤال، لأنه أدرك أن (فيه رب عظيم)، هو وحده «اللي ممشي هالبلد».. وهو خير الحافظين.
أتناول الموضوع الرقابي الرسمي على الغذاء والدواء، فهو ورغم أهميته إلا أنه يعاني كغيره من المؤسسات الرقابية، من قلة الكوادر والاهتمام، وهي قلة اهتمام من قبل الجميع وليس من قبل الدولة.
المؤسسة العامة للغذاء والدواء، تعرضت للنقد الشديد في الأيام الماضية، على خلفية حادثة التسمم التي نجمت عن سوء تخزين لحوم دواجن «محلية» في مشاغل او معامل بعين الباشا التابعة لمحافظة البلقاء، ورغم أن الحقيقة تقول أن لا تقصير بل لا علاقة للمؤسسة العامة للغذاء والدواء ولا مسؤولية تقع عليها، إلا أن القضية أظهرت لنا حجم الإنكار لمثل هذه المؤسسة، التي تعدّ بيت خبرة في الرقابة على الغذاء والدواء، تتميز عن مثيلاتها «إن وجدت» في المنطقة، وهي مؤسسة نالت إشادات عالمية عن عملها، حيث سبق وأن كانت السباقة في اكتشاف مشاكل في سلع عالمية تعاني خللا أو أمراضا، وهذا ما أكده لي ذات يوم مديرها العام السابق د هايل العبيدات.
قلة الكوادر؛ ليست هي فقط ما تعاني من هذه المؤسسة، فهي ورغم قلة كوادرها، تقوم بعملها الكبير من رقابة حثيثة لكل الغذاء والدواء داخل الحدود أو الداخل الى البلاد، وتقوم بالدور نفسه على الغذاء والدواء الخارجين للتصدير عبر الحدود، وثمة عمل مهني علمي مختص، يجري بلا توقف، وهو يؤمن لنا غذاء ودواء مأمونين، وصالحين للاستهلاك الأردني، علما أنها تتابع الغذاء والدواء من بداية تصنيعهما أو تحضيرهما مرورا بتخزينهما الى نقلهما حتى يصلان الى المواطن ومائدته. في عين الباشا لا دور للمؤسسة العامة للغذاء والدواء، ومن الصعب ان نذكر المناطق التي لا تقوم هذه المؤسسة بعملها فيها، بل نذكر أن المؤسسة تقوم بالرقابة والتفتيش على الغذاء في 4 محافظات فقط، وهي العاصمة والزرقاء وإربد والكرك «ما بعرف ليش حطّوا الكرك مع هذه المدن الكبيرة!»، بينما هناك مذكرات تفاهم بين المؤسسة ووزارة الصحة بأن تقوم بالرقابة في المناطق الكثيرة المتبقية، وهذا واحد من آثار قلة الكوادر، التي لو تم استحداثها فهي تحتاج الى تدريب وتأهيل حتى تصبح على ذات المستوى المهني والفني للكادر الحالي الذي يقوم بأعمال وأعباء العمل.
الطامة الكبرى تكمن في تغييب أثر ودور وأهمية وتاريخ وجهود هذه المؤسسة، فهي ثقافة رقابية كاملة، تغيب عن الذهنية العامة، ولس اسهل من شيطنة هذه المؤسسة العلمية المهنية، أمام ربع خبر عن تسمم أو إهمال ما، يتعلق بالغذاء والدواء، أو باستيرادهما وتصديرهما، كل الشعب عندئذ، مدعوما بوسائل اعلام «مجرمة» يحارب المؤسسة والبلد، ويوحي للداخل والخارج بأن غذاءنا ودواءنا نفاية، وتتصاعد وتيرة الإشاعات التي يقف خلفها مستفيدون أو فسدة مارقون، يودّ أحدهم بل كلهم اختفاء الرقابة، حتى يغرقوا البلاد بنفاية المصانع والمزارع العالمية.
اللجنة الحكومية التي تم تشكيلها برئاسة وزير التعليم العالي، لن تفتش عن الغذاء المسموم بالطبع، بل يجب عليها أن تقوم بتقييم الوضع الرقابي على الغذاء والدواء، وتقدم وجهة نظرها وتوصياتها لتطوير هذه الذراع العلمية المهنية الرقابية، فنحن أحوج ما نكون لمزيد من أمن على غذائنا ودوائنا لا سيما والبلاد تتوجه الى مزيد من انتاج وتصنيع للغذاء والدواء.
شو غداكو اليوم؟.