الأردن أمام سيناريو كورونا 2

جفرا نيوز - كتب - ماهر ابو طير 
خلال يومين فقط، انقلبت الطاقة العصبية في البلد، وأصبحت قلقة جدا، فوق ما فيها من توتر، والسبب عودة حالات كورونا بهذه الطريقة، والخوف من حظر شامل جديد.
غير أن هذا المشهد، كان متوقعا، إذ أن دولا كثيرة انفجر الوباء فيها للمرة الثانية، وباتت تحت وطأة موجة جديدة، لكننا في الأردن، وقد استرخت اعصابنا من قصة الوباء، والحظر الشامل، سنجد انفسنا بعد قليل، أمام سيناريوهات متعددة، بسبب الخطر الذي نراه.
المشكلة الأسوأ تكمن في فقدان الثقة، فكثرة تريد ان تقول ان الحكومة توظف الوباء لاعتبارات سياسية، من اجل كبح تجمعات المعلمين، وهذا التشكيك ينبع من فقدان الثقة، لكنه ايضا لا ينفي تفشي الوباء مجددا، ومن الغريب حقا، ان نكون من أكثر شعوب الشرق الأوسط تعليما، وعلى صلة بوسائل الإعلام العربية والغربية وشبكة الإنترنت، ونرى كيف غرقت دول ثانية بسبب عودة الوباء مجددا، ونقرأ يوميا أرقام الضحايا، والمرضى، لكننا في الحالة الأردنية لا نريد تصديق عودة الوباء، وكأننا نختلف عن شعوب العالم، أو اننا وحدنا الأكثر تميزا في هذا الكوكب، فوق السطحية التي نراها في البعض إذ يقولون ان كورونا كذبة، ومجرد مؤامرة.
حتى لو كانت مؤامرة، فقد القت بسيوفها فوق اعناق البشر في العالم، فالمهم هو النتيجة، أي ضرر الدول والشعوب على كل الأصعدة، وعدم خلاصها حتى الآن.
الكل يريد أن نتعافى ونخرج من هذه المحنة، والخبراء يعتقدون ان هناك حالات أخرى لم يتم الوصول اليها، بسبب عدم ظهور الأعراض، ولهذا فأن الكلام عن التوظيف السياسي لوباء كورونا، يتوجب مراجعته بهدوء وعقل، إذ لو افترضنا صحة هذه النظرية، أي نظرية التوظيف السياسي، فأن هذا لا ينفي عودة الوباء على ارض الواقع، بهذه الطريقة التي نراها، أي اننا في كل الحالات أمام تجدد للوباء، بما يعنيه ذلك من مخاطر صحية واقتصادية.
الازمة الأكبر التي نراها على وجوه الناس، تتعلق بالمخاوف من عودة الحظر الشامل، بذات الطريقة الأولى، وهي طريقة منهكة دفع الناس ثمنها، من أرزاقهم ومعنوياتهم، لا أعادها الله من أيام، لكن الحل ليس بالتعبير عن الضيق فقط من احتمال عودة الحظر الشامل، بل عبر الوقاية من الوباء، بالطرق المعروفة، أي الكمامات وكفوف الأيدي، وكلفتها زهيدة جدا، ولست أعرف ما الذي يمنع الناس من استخدامها، وهم يرون بأنفسهم كيف ان شعوبا لديها أنظمة صحية أفضل من التي عندنا بكثير، وقد تفشى فيها الوباء، وقتل الآلاف فيها.
الحظر الشامل كارثة لا نريدها، واعتقد ان الجهات الرسمية لن تذهب الى هذا السيناريو لكلفته الكبيرة على الخزينة والناس، ولربما يتم التدرج أولا، عبر حظر وإغلاق بعض المناطق، أو المدن في المرحلة الأولى، إضافة الى إجراءات متدرجة محتملة، فيما الحظر الشامل سيكون خيارا أخيرا، لن يمكن تجنبه حتى النهاية، إذا زاد عدد الحالات وتفشى الوباء داخليا، بطريقة تخرج عن السيطرة، وهو أمر لا نتمناه ابدا، ولا يمكن التعامل مع كلفته هذه المرة، وقد تحتاج عمان إلى يومين إضافيين حتى تتضح الصورة، وإلى أين نذهب جميعا في ظل هذه الظروف.
الأسئلة هنا كثيرة، حول ملف التعليم في المدارس والجامعات، إذا عاد الوباء بقوة، وملف الانتخابات النيابية، وملف المطار، وملف الخدمات الحكومية، وملف القطاع الخاص، وعلينا ان نستذكر المعاناة التي مررنا بها، كي نعمل معا، من اجل منع سيناريو الحظر الشامل، عبر قيام كل واحد فينا بتجنب الاختلاط قدر الإمكان، واتخاذ إجراءات على المستوى الفردي والعائلي، من أجل حماية انفسنا، والا سنجد انفسنا أمام وضع جديد خطير للغاية.
عودة الوباء الى الأردن، ليست غريبة، فقد عاد الى دول كثيرة، لكن هذه المرة ستكون العودة اكثر قسوة، ما لم نساعد انفسنا بمنع عودة الوباء بكل الطرق الممكنة، فيما خيار الحظر الشامل يبقى انتحاريا وغير منتج، ويمكن تجنبه منذ هذه الأيام، اذا تعاون الكل.
لقد تعبنا جميعا، هذه هي الخلاصة التي لا يختلف عليها أحد في عام السعد هذا.