مقبلون على الانتخابات

جفرا نيوز - حمادة فراعنة

في سوريا البلد العربي المجاور جرت الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب يوم 19 تموز 2020، رغم انتشار الوباء المعدي والحرب الأهلية وعدم سيطرة الدولة على كافة أراضيها، ولكنها أعطت الأولوية للاستحقاق الدستوري ، نظراً لحاجتها تجديد شرعية مؤسسات النظام مهما بدت شكلية أو إجرائية، ولكنها تمت، وهي مؤشر محرج لبلدان تجتاحها الكورونا ولديها التزامات دستورية واجبة لا تقل أهمية عن حماية شعبها من انتشار الوباء اللعين.
سوريا ليست الوحيدة التي تحدت الوباء، ففي غينيا بيساو جرت الانتخابات الرئاسية في شهر كانون ثاني، و توجو في شهر شباط، وانتخابات تشريعية في الكاميرون ومالي وغينيا بيساو، وفي كوريا الجنوبية تمت في نيسان 2020، وهكذا نجد أن الوباء لم يحل دون إجراء الانتخابات، مع التأكيد أنها تمت في ظل إجراءات احترازية مانعة وفرت الأمن والحماية للمقترعين.
مقابل ذلك جنحت بعض الدول إلى تأجيل الانتخابات إلى أجل غير محدد، كما حصل في بولندا وفنزويلا وأثيوبيا للانتخابات التشريعية، وبريطانيا أجلت الانتخابات البلدية، أما في إيران وفرنسا فقد جرت جولة تشريعية أولى وتم تأجيل التكميلية الثانية.
عندنا حسم رأس الدولة جلالة الملك النقاش والشطط لدى بعض الأردنيين وأصدر تعليماته بإجراء الانتخابات النيابية التزاماً بالاستحقاق الدستوري وتنفيذاً للمواعيد المرعية، ويبدو أن البعض تغيب عنهم أهمية الاستحقاق الدستوري والتزام رأس الدولة بالمعايير الدستورية التي تستوجب احترام المعادلة القائمة بين الحقوق والواجبات، وأي خلل في المعادلة ستؤدي إلى الامتعاض والفوضى وغياب الالتزامات من طرف نحو طرف، في دولة نجحت، وتتباهى في إنجاز الاستقرار لمؤسسات الدولة وفق الدستور والقانون وتفاهمات الأطراف المتعارضة، باستثناء قوى التطرف التي لا تجد أي تعاطف من قبل غالبية الأردنيين لأنها تخرج عن المألوف وتتجاوز الخطوط الحمراء.
الدولة الأردنية، لها خصوصياتها الوطنية مثلما لديها التزامات دولية لا تخجل من الاستجابة لها والقبول بمعاييرها طالما لا تتعارض مع الخصوصية والثوابت والمصالح الوطنية الأردنية، ولذلك إضافة إلى عامل الاستحقاق الدستوري في إجراء الانتخابات النيابية هنالك عوامل ضاغطة يقف في طليعتها الالتزامات الدولية التي تمنح الدولة مكانة مقارنة مع بلدان مماثلة تفتقد للمعايير الدستورية وحقوق المواطنة.
أما ثالث العوامل الضاغط باتجاه الانتخابات فهي الحرص على توسيع قاعدة المشاركة وتبديل رموز شرائح التمثيل التي تشكل القاعدة الاجتماعية للحكم، فالانتخابات العامة لهذه الشرائح أدوات لتجديد وضخ دماء جديدة للظهور والفرز والصعود والتفوق الاجتماعي عبر الانتخابات البلدية مروراً بانتخابات مجالس المحافظات صعوداً نحو الانتخابات النيابية، على خلاف انتخابات النقابات المهنية التي تفرض القيادات المهنية والسياسية الأقرب إلى العمل الحزبي الاحترافي.
أما العامل الأخير لأهمية الانتخابات النيابية فهو تحريك السوق وضخ المال من قبل المرشحين، فالمال هو أحد شروط النجاح إلى جانب العنصر العائلي والقدرات الذاتية والحضور الاجتماعي، ففي ظل الأزمة الاقتصادية وشح الموارد، سيتحرك السوق من خلال كلفة مصاريف التشغيل للمريدين والمهرجانات والإطعام والإعلام الدعائي وغيرها من المصاريف الواجبة لتغطية الحملة الانتخابية.