سنة كبيسة...بامتياز !!
جفرا نيوز - بقلم: د.ابراهيم العابد العبادي
في هذا المقال لن يكون الهدف الأحداث المرتبطة بمصطلح السنة الكبيسة الاعتيادية التي يعلمها الغالبية وترتكز حول تطور مفهومها انطلاقًا من التقويم السومري مرورًا بقدماء المصريين الى التقويم الرومي أو اليولياني وصولا الى التقويم الشمسي او الغريغوري وعلاقة يوليوس قيصر بذلك وأخيرًا الى مشروع اثنان من أساتذة جامعة جونز هوبكنز الأميركية( هانكي وهنري ) المنشور في واشنطن بوست، والذي اعلن عنه في بدايةهذا العام 2020، اذ يبلغ طول التقويم الزمني المقترح 364 يوما ويتميز بالاتساق، وبحيث تبدأ السنة حسب المقترح دائما يوم اثنين، كما أن عيد ميلادك مثلا دائما في اليوم نفسه من الأسبوع.
أساسًا وجدت القاعدة بهدف التخلص من تكرار السنة الكبيسة مرة كل 4 سنوات، اذ يتم إضافة يوم إلى أيام شهر شباط/ فبراير الـ 28 ليصبح 29 يوما، ...بكل الحالات، صممت الأيام الكبيسة لتعويض الوقت الزائد إذ تكمل الأرض دورانها حول الشمس بطول مدار يبلغ 584 مليون ميل (أي حوالي 939.857 مليون كم) في 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية.
التقديم اعلاه جاء للتذكير بموضوع السنة الكبيسة واعطاء فرصة للراغبين في استقصاء الأمر ومن ثم الاستزادة بمعلومات اكثر تفصيلا من مصادرها المتعددة...وكذلك اظهار الاختلاف عن هدف المقال... فالسنة الكبيسة يقابلها سنة الالتباس (بالإنجليزية: The Year of Confusion... وهذا المعنى باللغتين العربية والانجليزية يدوران في فلك معاني متعددة تجعلك تشعر بالضيق والاختناق والضجر...مثل ( كبس، مكبوس،طم، ردم، ضغط، هجم، اخفى...الخ، ويمكن التأكد من ذلك بالمعاجم والقواميس.
في العديد من دول العالم وخاصة النامية منها يعاني السكان من تكرار او ازدواجية السنة الكبيسة نتيجة للسياسات المعتمدة والقرارات والاجراءات المتخذة اعتباطا ودون سند علمي منطقي او قانوني عادل، فمثلا في الاردن ومع الاعلان الحكومي عن اجراء الانتخابات النيابية في شهر تشرين الثاني القادم... سيعيش سكان الاردن حدث مهم بتكرار السنة الكبيسة للعام الحالي 2020...الأول فلكيا يوم 29شباط عطفًا على ما اشير اليه سابقًا..والثاني سياسيا يوم 10تشرين الثاني باجراء الانتخابات واعادة الاقتراع لانتاج مجلس لارب سنوات قادمة، منتخب صوريا او رمزيًا بغالبية اعضاءه الا من رحم ربي...اذ سيعاد أعضاء المال السياسي او المال الاسود والكوتات والاقليمية الضيقة والعنصرية المقيته والمحسوبين على العشائرية وهي براءة منهم براءة الذئب من دم يوسف،باستثناء شيوخ الديجتل، وبعض المتنمرين وبعض ممتهني ومحتكري الاحزاب الضعيفة والهشة والمتملقين والسحيجة والمطبلين ... وغيرهم عبر وسائل وآليات اعادة تشكيل مجلس اقل ما يقال بحقه انه لا يمثل الاردن الحقيقي... فكيف يكون مجلسًا نيابيا ممثلا للامة وهو لا يقوم بوظائفه الدستورية بحدها الأدنى...كيف يكون نائبا غير ممثل للمواطنين امام السلطة التنفيذية، ولا ينطق بهمومهم وطلباتهم الا نظريا امام الكميرات والصحافيين والاعلام ودون مبالاة او متابعة ان نفذت الحكومة هذه المطالب او اسقطتها من حساباتها بارضاء واسكات سعادة النائب لغض الطرف او نسيان الأمر...كيف يغلق هاتفه او يغير الرقم او يتنكر للمواطنين او يجعل احد اعوانه وموظفي مكتبه او ما يطلق عليهم مسمى ( حملة المحمول) للرد على الهاتف والتذرع بأوهن الاسباب والمبررات واعطاء الوعود المعسولة ... رغم ان من وظائف النائب أن يكون حلقة وصل بين المواطن والحكومة...لكن الواقع الذي يتكرر مع كل دوره ومنذ عقود يثبت أن غالبية النواب هم تيار للقطع والحجب والمنع بين المواطن والحكومة... بل يبرر الافعال والأقوال التي تنال من كيان المواطن وتمعن في جلده وافقاره وحرمانه...اما الطامة الكبرى فتتمثل بكون غالبية النواب غير مؤهلين للعمل والخدمة كنواب عن الشعب تناط بهم وظيفتين أساسيتين هما (التشريع والرقابة).... ويمضي غالبيتهم فترته النيابية لا يعرف او يمارس اساسيات هذه الوظائف...بل ينشغل بمصالحه الشخصية الضيقة وابرام العقود وخدمة ندمائه وشركاه في مجالس الصالونات السياسية وغير السياسية...وجلسات الأنس والسمر والسحر...والسفر والترحال على حساب الوطن.
المشكلة اننا نعيش السنة الكبيسة ضمن التقويم لمرة واحدة دون أن نشعر بها...لكننا نعيش تجربة العمر الكامل لمجلس النواب لاربع سنوات شمسية جميع ايامها كبيسة وعويصة...وتهب علينا العواصف من كل صوب ...لن اتحدث عن نقابة المعلمين والدجاج الفاسد واسياخ الشورما والتسمم ...وغيرها الكثير ...وللاسف تتكرر وتتكرر ذات الاسطوانة ... دون أن يتحقق مفهوم ومقولة (كثر التكرار يعلم الشطار)...فهل نتوقع اختلاف في عضوية مجلس الكبيس القادم...أشك بالأمر...معولا على الجيل الجديد من الشباب ان يمعن ويحسن الاختيار بما يحقق الرفعة للوطن والمواطن ...وأن لا تخدعه الوعود البراقة المزيفة...حمى الله الاردن بلد الرباط والمرابطين...