دعوة إلى الشد العكسي

جفرا نيوز - كتب - علاء مصلح الكايد 
يعيد التاريخ نفسه منذ عقود ، إذ تضيع الفرصة التاريخية المتمثلة بالإنتخابات النيابيّة ونبقى نندب الحظّ لسنواتٍ أربع ثمّ نعيد الكَرّة وهكذا دواليك .
والحقيقة أن الإختيار الإراديّ وليس الحظّ هو العامل المؤثّر في هذه العمليّة النمطيّة ونتائجها التقليديّة ، وقد شبّينا على ذلك ولا نرغب أن نشيب عليه !
فنحن الآن بحاجة للوقوف مع الوطن ، أي مع مصلحتنا المشتركة ومستقبلنا القادم الذي سيكون الأكثر تحدّياً على الصُّعُد كافة ، سياسيّاً وإقتصادياً وإجتماعياً .
إننا نتحدث اليوم عن جيلين ، أحدهما مُحبطٌ لم يستطع أن يغيّر الأدوات سعياً لتغيير النتيجة ، وآخر ينظر إلى المسألة بعيون أسلافه حتى أوشك أن يسيطر اليأس على معظمه .
وأُخفي مفتاح التغيير بحججٍ وأسبابٍ شتّى ، منها الشكوى من القانون والتذمر من سيطرة رؤوس الأموال والخوف من نفوذ التكتلات الجهويّة والإمتعاض من إستئثار فئة بالمقاعد الحزبيّة ، لكنّها كلّها بائدة ضعيفة أمام الإرادة الحقيقية الصادقة نحو التغيير ، وهذا دور الشباب إذا ما قرّروا التحلّل من القيود التقليدية وقلبوا الطاولة كي تتبدّل قواعد اللعبة على الأرض مؤسِّسين لقاعدة أكثر صلابة وموضوعية ومنفعة ، أن يقودوا لا يُقادوا .
وقد لا يحتاج الأمر لأكثر من مطالعة جدول تحديات الحاضر والمستقبل والتي تسقط أمامها فكرة نائب الخدمات ، كما أن آثار الجهوية والمناطقية كعوامل تؤثر في الإختيار سقطت هي الأُخرى إذ خلقت تمايزاً ومفاضلة بين أبناء الوطن الواحد والمفارقة أنها لم ترضي القواعد ذاتها وميزت بينها كذلك ، وإقتصرت منافعها على دائرة صغيرة مغلقة من الداعمين من باب المصالح المتبادلة إلّا لدى بعضٍ ممّن رحم ربّي .
ولن يحدث أي تغيير ما لم يوقن الشباب في قرارة نفسه أن مستقبله مرهون بدقيقتين يواجه فيهما صندوق الأمل ، وتلك ليست سنواتٌ أربع فحسب بل عمرٌ ستتراكم فيه إمّا الإنجازات أو الخيبات - لا قدر الله - .
لم يعد في الوقت ترفٌ للتجربة ، فاليأس من وجود مجلس على مستوى الطموح بات وشيكاً ، وما من تغييرٍ كان عبر تاريخ الأمم والعصور إلّا بسواعد الأجيال الفاعلة لا سيما في بلدٍ ترتفع فيه نسبة التعليم والوعي السياسيّ والقدرات والطموحات ، فإذا لم نبدأ نحن فمن يبدأ ؟! وإذا لم يكن اليوم فمتى ؟!
تلك دعوة صادقة للشدّ عكس التيّار التقليديّ المحبط ، فنائب الأمّة متمرّس سياسيّاً مثقّف دستوريّاً مطّلعٌ إجتماعيّاً قادر على الإشتباك بإيجابيّة لا تنحصر زاوية نظره لمنفعة فئة دون أُخرى ، أو بعبارة أدقّ ( لصالح فئة على حساب غيرها ) كما أسلفنا .
فلنختر لأنفسنا وأبنائنا من بعدنا ، إمّا التغيير وإمّا الإستسلام ، فما سيُبنى على الأعوام الأربعة القادمة ممتدُّ الأثر إلى ما بعدها ، وسندفع فاتورته جيلاً بعد جيل ، تماماً كما هو حال اليوم .
والله من وراء القصد .