الحسين بن عبدالله الثاني, مؤرخ شاب يواجه تحولات التاريخ

جفرا نيوز – بقي المشروع الهاشمي في الأردن صامدا، رغم كل الرياح العاتية والتحولات التي شهدتها المنطقة خلال المئة عام الماضية. قد لا يكون ذلك بفعل قوته الداخلية وحسب، بل ربما كان للمنطلق الذي سيولد بسببه بيتٌ للشاعر العربي الراحل محمد مهدي الجواهري صلة بنجاة العرش الهاشمي شرقي نهر الأردن من عواصف التغيير. 
فالمكانة التي يحتفظ بها العرب لتلك السلالة مكانة خاصة مصونة ترفعت عن اعتبارها مجرد أسرة حاكمة. ومن لا يتذكر ذلك البيت ”يا ابن الذين تنزّلت ببيوتهم، سورُ الكتابِ ورُتّلتْ ترتيلا"، الذي تردد مرتين في التاريخ القريب، بيت نظمه الجواهري من بين ما نظم في مديح الأسرة الهاشمية، الأولى كانت أمام الوصي على عرش العراق الأمير عبدالإله بن علي
 ونشرت في مجلة الوطن والبلاد العربية المطبوعة عام 1948، والثانية أمام الملك الراحل حسين بن طلال في عمّان شتاء العام 1992، وما بين الحالتين فارق جوهري ارتبط بمستقبل الفرعين الهاشميين اللذين صبغا دولتين مركزيتين في المشرق، العراق والأردن بعد أن فشل الملك فيصل في سوريا ليغادرها إلى بغداد.
واليوم وبعد زوال الحكم الملكي في العراق، بقي الأردن وحده يحفظ للهاشميين ملكهم ويستند إليهم في وجه التحولات، لاسيما موجات صعود الإسلاميين عبر أحزابهم التي كانت عمّان آخر من حظرها مؤخرا. تمكنت تلك الأسرة بحكمة نادرة من تحويل دولة صغيرة من مجرد ممر في البادية إلى دولة محورية يحسب حسابها، ذات تأثير عربي وإقليمي، وفي الوقت ذاته حجر قبان في لعبة التوازن في المنطقة.
عصر الشباب
الأمير الحسين بن عبدالله الثاني يبدو كضمانة للدولة والمجتمع، حيال مستقبل الاستقرار في البلد الذي اختار سياسة صعبة خاصة به
الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، البالغ من العمر 26 عاما، ولي عهد الأردن ورفيق والده، يبدو كضمانة للدولة والمجتمع حيال مستقبل الاستقرار في البلد الذي اختار سياسة صعبة، من جانب هو يتمسك بالثوابت العربية، ومن جانب آخر ينخرط في تحالفاته مع العالم ومع الجار الإسرائيلي بمعاهدة سلام لا يزال هشّا في غير منطقة.
يقارنه الأردنيون بجده، بعد مرور 70 عاما تقريبا من تولي الملك حسين السلطة وهو لا يزال في فتوته الأولى، وفي مرحلة معقدة لا تقل تعقيدا عن اللحظة التي نعيشها. مشهد يستعيده هؤلاء وهم ينظرون إلى ولي العهد الشاب قريب الشبه من الجد، خاصة حين عيَّنه والده الملك عبدالله الثاني بن الحسين وليا للعهد في شهر يوليو من العام 2009، وكان في سنه الخامسة عشرة آنذاك.
ولد في عمَّان في العام 1994، وتلقَّى تعليمه الثانوي في الأردن وفي ثانويات كينغز أكاديمي في مأدبا، ودرس التاريخ الدولي في جامعة جورجتاون في واشنطن. ومثل غالبية أفراد الأسرة اتجه الأمير الحسين إلى الجيش، وتخرَّج برتبة ملازم أول في الجيش العربي من الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست في بريطانيا.
البدايات المبكرة للأمير الحسين مكّنته من التوجه إلى الأجيال الجديدة في الأردن، جيله من الشباب، لذلك التفت إلى متابعة شؤون الشباب وتعزيز أدوارهم في مختلف المجالات، سواء في سوق العمل أو التعليم، ودشّن العديد من المؤسسات والمبادرات التي تستهدف هذه الشريحة وترفع من مستوى وعيها وظروف حياتها. وحين بعث مؤسسة تحمل اسمه في العام 2015، وجه الأمير الحسين رسالة قال فيها "إن الشباب الأردني هم ثروتنا، فالشباب هم روّاد المستقبل وفرسانه".
وكان من بين أهم مبادراته تأسيس جامعة الحُسين التقنية التي تهدفُ إلى تقديم ”نوعية مُبتكرة من التعليم وتعزيز المهارات الأساسية المطلوبة في سوق العمل، وتدعمُ التعليم المُعتمد على تخصصات الرياضيات والهندسة والعلوم، وتمنح درجة البكالوريوس والدرجة الجامعية المتوسطة في تلك التخصصات".
مع الاحتجاجات الشعبية
الأردنيون يقارنون الأمير الحسين بجده، بعد مرور 70 عاما تقريبا من تولي الملك حسين السلطة وهو لا يزال في فتوته الأولى، وفي مرحلة معقدة لا تقل تعقيدا عن اللحظة التي نعيشها
كان الأمير الحسين من أوائل المدركين، في المنطقة العربية، لضرورة الحفاظ على الأصالة ضمن شخصية الشباب الأردني، في عصر أزمة الهوية ومرحلة ما بعد العولمة، فأطلق مبادرة "ض” التي تعمل على تقديم نموذج مميَّز يسعى لإبراز هوية الشباب التي يعتز بها، من خلال «المحافظة على اللغة العربية".
أما ”مصنعُ الأفكار" فهي مبادرة من نوع مختلف، تركّز على المخترعين والمبتكرين. أراد من خلالها ولي العهد الأردني فتح آفاق الدعم ليس أمام شباب الأردن فقط، بل أيضا على المستوى العالمي. وهي تمنح براءات الاختراع وتساعد أصحاب التفكير الجديد على تقديم مشاريعهم الخلاقة التي تدعم اقتصادات دولهم، وصولا إلى التدريب في ”ناسا"، هذه بحد ذاتها مبادرة نوعية توفِّر للشباب الأردني من مختلف تخصُّصات الهندسة المشاركة في أبحاث مركز أيمز التابع لوكالة ناسا في برنامج مكثَّف على  المدى 10 أسابيع تحت إشراف الخُبراء المُختصين.
العرب