توجان فيصل: على النظام أن يصغي إلى الشارع كي يتحاشى التغيير على طريقة مصر وتونس وليبيا!!

جفرا نيوز - قالت المعارضة السياسية توجان فيصل إن على النظام السياسي في الأردن أن يصغي إلى نبض الشارع وما يقوله الشعب إذا أراد النظام أن يتحاشى التغيير على طريقة مصر وتونس واليمن وليبيا. وأكدت نحن لسنا بقعة

مقدسة معزولة يمكن طيها في الجيب، البديل هو أن نأخذ بآخر رأي يأتي من الشارع.

وأضافت النائب السابق في الجزء السادس من حوارها مع صحيفة "في المرصاد" أن الأساس في تعديل الدستور هو أن يعرض على الشعب. وشددت على التعديلات الدستورية الأخيرة سرقت كل العناوين، حيث أخذوا العنوان

ووضعوا تحته نفس الجسم السابق، بل جاؤوا بجسم أسوأ من الجسم السابق. وأوضحت أن المحكمة الدستورية مثلاً هي نسخة عن المجلس العالي المعين، إذ يختار الملك قضاتها، هذه ليست محكمة، المجالس القضائية المعينة أصبحت

مصيبتنا، برأيي يجب أن نحرر البرلمان والحكومة أولاً، ثم يتحرر القضاء.

وكانت توجان فيصل قالت في الجزء الخامس من هذا الحوار إن نظام الحكم في الأردن ما يزال يحمي ويدعم من سمتهم "شلة علي بابا والأربعين حرامي". وأكدت أن على النظام أن يعي أن الحلفاء الحقيقيين الذين بإمكانهم الخروج بنا

من النفق المظلم هم الإصلاحيون الحقيقيون.

وأعلنت فيصل أنها رفضت عرض رئيس الوزراء، رئيس الديوان الأسبق عبد الكريم الكباريتي المشاركة في حكومة عبد الرؤوف الروابدة. وأشارت إلى أنها أبلغت الكباريتي "اسمي نيشان لن أضعه على صدر الروابدة".

ودعت إلى إحسان اختيار من يتصدى لموقع رئيس الوزراء، فالشعب لم يقبل بالبخيت؟ فهل يقبل بفيصل الفايز؟ وهل يقبل بأبي الراغب؟ وهل يقبل بالسباعي عدنان بدران الذي رحلت حكومة في سبعة أشهر؟ وهل يقبلون

بأبي حمور الذي كان يقلب لهم الموازنة على ألف وجه؟ وهل يقبلون صلاح الدين البشير بعد كل ما فعل؟ هل يقبلون هؤلاء؟

وفيما يأتي تفاصيل الجزء السادس، وقبل الأخير من الحوار:

- كيف ترى توجان فيصل التعديلات المقترحة؟
-
التعديلات سرقت كل العناوين، أخذوا العنوان ووضعوا تحته نفس الجسم السابق، بل جاؤوا بجسم أسوأ من الجسم السابق. المحكمة الدستورية مثلاً هي نسخة عن المجلس العالي المعين، إذ يختار الملك قضاتها، هذه ليست محكمة،
المجالس القضائية المعينة أصبحت مصيبتنا، برأيي يجب أن نحرر البرلمان والحكومة أولاً، ثم يتحرر القضاء.

أن يُنص على جواز أن يكون أي شخص معه بكالوريوس قانون عضواً في المحكمة الدستورية، هو عمل غير دستوري أصلاً، لا يجوز تنصيبه قاضيا بهذه الطريقة، الذين يتقنون الدستور فعلاً في البلاد 5-6 أشخاص، هذه المحكمة "
الهُزء" التي سَتُركَّب من خمسة قضاة بالتنسيب وخمسة من الجماعة أمثال اللوزي، لن تصلح، هل هؤلاء هم الذين سيحكمون بالدستورية؟!

المشكلة الأهم أنك لا تستطيع الذهاب إلى المحكمة الدستورية لا كفرد ولا كجماعة ولا حتى كشعب بكليته، والحكومة والأعيان ما يزالون بالتعيين، وعملياً كل التعديلات المقترحة لم تمس اطلاقاً أياً من صلاحيات الملك، التعديل يمس
فقط حقوق الشعب، ولا يجوز في فقه الدساتير أن تعدل بما ينتقص من حقوق المواطنين.

قبل المحكمة الدستورية كانت هناك صلاحية لدى محكمة العدل العليا بأن تلغي كل القرارات المبنية على قوانين غير دستورية، أي لو كان لي حق دستوري تم تجاوزه بقانون مؤقت كان من الممكن إلغاء القرارات من خلال محكمة
العدل العليا لعدم الدستورية، لذلك طعن لنا الحموري أمامها بنتائج انتخابات 2003، وهناك حكم قضائي بعدم الدستورية في أربع قضايا طعن فيها الحموري أمام العدل العليا في كانون ثاني(يناير) 1998، فحصلت مذبحة قضائية اثر
ذلك، اذ استُبعِد رئيس محكمة العدل العليا وقتها بطريقة مُهينة، ومن بعدها أصبحت كل القضايا التي ترفع أمام العدل العليا بخصوص الدستورية ترد بداعي عدم الاختصاص، حتى صار اسمها محكمة الرد العليا!

ومع ذلك كان هناك أمل وقتها، إذ من الممكن أن يكون هؤلاء القضاة الثلاثة على قدر المسؤولية القضائية، وبالتالي فحقي كمواطن تراجع، كان لدي قبلاً الحق في الطعن بدستورية قانون أمام العدل العليا فقدته الآن، هذا طبعاً
فضلاً عن أن هذا التعديل المقترح بإنشاء محكمة دستورية زاد من صلاحيات الملك، أصبح الملك يعين قضاة محاكم عليا، لا يوجد في العالم ملك يختار من بين الناس أشخاصا مناسبين ليكونوا قضاة في محكمة عليا، كيف سيعرف من
هم هؤلاء المناسبين لكي يكونوا قضاة؟

المفروض أن هناك معايير للتسلسل داخل الجسم القضائي، والجسم القضائي في منتهى التعقيد. قبل فترة زارتني مجموعة من القضاة بشأن إصلاح القضاء، في بعض القضايا التي تكلموا فيها لم أتمكن من مواكبتهم، القضاء لا يتم إصلاحه
إلا من داخل الجسم القضائي، أن يتم اللجوء إلى هذه الصيغة في تعيين قضاة المحكمة الدستورية يعني جعلها تماماً كمحكمة أمن الدولة، في محكمة أمن الدولة الآن من يحاكمون الناس هم مدنيون، أنا حاكمني في أمن الدولة قضاة مدنيون،
اعترف أحدهم أمام صالح العرموطي ومنذر حمو بأن القرارات تأتيهم من فوق، إذ قلت له: "أنتم تأتيكم الأوامر بالتليفون" فقال لي: "بما أنك تعرفين بأن الأوامر تأتينا بالتليفون لماذا غلبتينا هكذا" تخيل يعترف لي بذلك أمام اثنين من
المحامين، فهل نحن هنا أمام محكمة مدنية؟

هذه التعديلات، إذن، انتقصت من حقوق الأردنيين، أخذوا العناوين ووضعوا تحتها مضامينهم هم.

- إذن لا ترين أي شيء جيد في هذه التعديلات؟.

أبداً ونهائياً، هي مصممة لتحدث دمارا كاملا، يبدو لك شكلاً في بعضها فقط، مثلاً أنه إذا حل مجلس النواب تستقيل الحكومة، ولكن لديك في نفس الوقت كيس "روبابكيا" كل من فيه يصلحون رؤساء وزراء على طريقة العهد
الجديد، هناك مهزلة تمارس في رئاسة الحكومات في هذا العهد، مرة علي أبو الراغب قال للنواب: "لا دخل لنا في ذلك القانون الحكومة السابقة هي التي وضعته".

نأتي إلى مثال آخر وهو المتعلق في حال حل المجلس، إذا لم تجر الانتخابات خلال أربعة أشهر يعود المجلس منعقداً إلى أن يتم انتخاب مجلس جديد، معنى ذلك أن المجلس انتهى، وسيصبح تحت رحمة النظام فقط، ويمكن أن يبقيه
الملك عشر سنوات، تماماً كما فعل الملك بالمجلس الذي انتخب عام 1966، دعاه للانعقاد في السبعينيات وجعله يبصم على تعديل يلغي الحياة النيابية نفسها.

أنا أنظر للدستور نظرة تطبيقية عملية. الحموري ممتاز من ناحية النظرية، لكن لا بد كذلك من أخذ الجانب التطبيقي بعين الاعتبار، في القانون ليس هناك صواب مطلق، لذا لا يمكن أن تكون القوانين الدستورية محكمة تماماً، لذا لا
بد أن ننظر إلى التطبيق، أي لا يجوز أن ننظر إلى النص على الورق فقط، بل علينا أن ننظر إلى كيف سيطبق على الواقع، لهذا أعدل على الحموري، ليس لأني أكثر علماً منه في النظرية الدستورية، بل أكثر علماً في الجانب التطبيقي
للدستور، فالنص المتعلق بحالة حل مجلس النواب بالنسبة للحموري ممتاز، ولكنه بالنسبة لي ليس كذلك لأنه يُمكّن الملك من وضع المجلس النيابي تحت رحمته.


- ماذا عن حق الملك في اعلان الاحكام العرفية منفرداً؟ أليس هذا باباً لمصادرة الحياة الديمقراطية كما حصل عام 1957؟

كذلك هذه الصلاحية، لماذا ينفرد الملك بحق اعلان الاحكام العرفية فيما يوجد لدينا مجلس نواب؟ المفروض ان يوافق على ذلك المجلس النيابي.

لكل هذا أقول إن الأساس في تعديل الدستور هو أن يعرض على الشعب، وعلى النظام السياسي في الأردن أن يصغي إلى نبض الشارع وما يقوله الشعب إذا أراد النظام أن يتحاشى التغيير على طريقة مصر وتونس واليمن وليبيا.
فنحن لسنا بقعة مقدسة معزولة يمكن طيها في الجيب، البديل هو أن نأخذ بآخر رأي يأتي من الشارع، ما طرحه "التجمع الشعبي للإصلاح" كان ممتازاً، لكن النظام بالنسبة له هذا تصعيد، نعم البداية تكون من مجلس تأسيسي،
أعضاؤه ممثلون حقيقيون، تماماً كما لو كانوا أعضاء مجلس منتخب يمثلون فعلاً الناس، فنحن نعرف من هم الذين لهم وزن شعبي.

- ولكن ما هي المعايير؟

المعايير عرفية، في كل مراحل الانتقال، الاشخاص لهم أهمية كبرى، حتى في أميركا الدولة المؤسسية، ودستورها عمره قرنان وربع القرن، لم يعدل سوى 15 تعديلا دستوريا وأول 12 تعديلا منها كانت كلها تتعلق بحقوق
الإنسان، حتى في حالة أميركا عندما جاء بوش بشيء من التلاعب الدستوري خرب على أميركا، وأدى لهزة عنيفة فيها، وجاء رد الفعل قوياً، في أول تجلياته انتخاب شخص من خلفية مناقضة تماماً لقاعدة الانجلوساكسونية التي تعتمد
استراتيجية الحرب والمال، أوباما الفتى الأسود الكادح، رمزية انتخابه مثلت توجهاً تصحيحياً، نحن في الأردن لن تجد عندنا كثيراً هذة الحماسة، ستجد مثلاً كثيرين يتحمسون لأحمد عبيدات، لأنه يقدم لك حلولاً، لهذا هنا الأشخاص
مهمون جداً، نحن في مرحلة هؤلاء الأشخاص، ومطلوب منهم الكثير.

في الكونجرس الأميركي نائب فريجينيا أظن جفرسون كان له الفضل في إدراج حقوق الإنسان في الدستور، حيث قال لهم "أين حقوق المواطن"؟ كان قبل ذلك قد أصدر "حقوق الإنسان الفرجينية" بمبادرة منه، خرج غاضباً من
الكونجرس وقال لهم طالما لا توجد حقوق مواطنة في الدستور فهذا ليس كونجرس، بعدها قام نائب آخر بتقديم 12 تعديلا تتعلق بالحقوق نفسها وقام المجلس بتعديلها، وأصبحت تلك هي الحقوق الأساسية للمواطن الأميركي التي لا
تمس، ما أردته من هذه القصة أن أشير إلى أن شخصا مؤثرا هو الذي حرك المسألة برمتها، أي أن شخصين كان لهما الفضل في إدراج حقوق المواطن في الدستور الأميركي وهي جوهر قوة أميركا، هذه الحركة لو لم تحصل لانهارت
أميركا لاحقاً.