مكانة مجلس النواب (2)

جفرا نيوز - حمادة فراعنة

لا توجد مؤسسة أردنية تنال من النقد والمس أكثر من مجلس النواب، حتى الحكومة لا تنال الملامة والقسوة في توجيه النقد لها والرفض بما يوازي ما يتعرض له مجلس النواب.

والغريب أن ذلك ليس مستهجناً لدى عامة الأردنيين، ولا يجد من يعترض ويرفض هذا السلوك، ويقف مع مجلس النواب كمؤسسة وطنية تستوجب التضامن معها والدفاع عنها، من قبل الكتاب والمثقفين مثلا، وحتى من النواب أنفسهم.

والأكثر استغرابا أن يظهر من يقف مدافعاً عن مجلس النواب، أنه مدافع عن باطل، أو عن مؤسسة لا تستحق الانحياز والرفعة، وأن من يتطاول على مجلس النواب يبدو شجاعاً مليئاً بالقوة والزهو، وهي ظاهرة أردنية منفردة بامتياز، مما يستدعي السؤال لماذا يتم ذلك؟؟ ما هي الأسباب التي تجعل التقليل من مكانة مجلس النواب ظاهرة عادية دارجة؟؟

أولاً علينا أن نحدد من هي الأطراف التي تفعل ذلك، وما هي مصلحتها في توجيه الاتهامات لمجلس النواب والتشكيك بدوره ومكانته وأدائه؟!

علينا الاعتراف والتشخيص بدقة أن قوى الشد العكسي هي الأكثر عداء لمجلس النواب، بسبب رفضها للديمقراطية والتعددية ورغبتها في بقاء خياراتها المحافظة والتقليدية والجهوية نافذة تتحكم بمسار مؤسسات صنع القرار، وفي نوعية تشكيلها وفي كيفية اختيار قياداتها.

كما أن الذين فشلوا في معاركهم الانتخابية في الوصول إلى المجلس يجدونها فرصة للانقضاض على المجلس بسبب عدم نجاحهم في الوصول إلى المجلس، لأن هذا المجلس لا يستحق أن يكونوا فيه، فهم أرقى مما هو متوفر، هو تعبير عن حالة عجز ونقص مرضي يطغى على نقدهم للمجلس.

والشريحة الثالثة هم أولئك الذين يرغبون للترشيح فيجدون النقد للمجلس عنواناً للتقدم للترشيح لأنهم يسعون لتغيير مكانة المجلس من حالة الانحطاط إلى التقدم الذي سيتحقق بعد وصولهم إلى مجلس النواب الذي سيتحسن بعد نجاحهم اما قبل فهو دون المستوى.

أما السبب الرابع فهو يكمن لدى شريحة الحسد التي تتمنى أن تكون هي في المجلس ولكن إمكانياتها لا تسمح لها بالتقدم للترشيح، مما يجعلها في حالة ترفع وكأنها فوق المجلس، ولا تقبل أن تنزل لمستواه.

كثير من الذين يُعادون مجلس النواب هم الذين يعادون الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، هم الذين يقفون ضد التعددية والديمقراطية وتداول السلطة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، هم الذين تربوا على العقلية العرفية، عقلية عدم الانفتاح، عدم احترام الأطر، عدم الإقرار أن صناديق الاقتراع هي وسيلة تشكيل مجلس النواب، ومجلس النواب هو صاحب الحق الأقوى في تشكيل الحكومة وفي مراقبة عملها وتقييم أدائها.

مجلس النواب هو السلطة الأولى قبل السلطتين التنفيذية والقضائية، وضرورة استقلالها، وعدم التغول عليها، فالشعب وفق الدستور مصدر السلطة، عبر مجلسه النيابي المنتخب من إرادته، وهذا ما نفتقده مضموناً، ومتوفر لدينا شكلاً، ولذلك يتم التشكيك فيه والطعن في أدائه حتى لا يملك دوره الحقيقي، وتكتمل دورة استقلاله ونفوذه وأداء مهامه.