اجواء رمضان الروحانية نثرت الفرح وكسرت قساوة حظر التجول في البيوت بزمن كورونا
جفرا نيوز -رغم صعوبة الظروف الاجتماعية التي فرضها "كورونا” على الأسر الأردنية، إلا أن العديد من العائلات أصرت على أن تصنع الفرح بحلول الشهر المبارك، بإضفاء أجواء روحانية تكسر قساوة الحظر وجموده الذي حال دون عيش أجواء اللمات الرمضانية، وصلة الأرحام التي اعتاد عليها المواطنون.
زينت أهلة رمضان معظم البيوت الأردنية التي تتلون أضواؤها فرحا بقدوم الشهر الفضيل، استعدادا لأداء العبادات، وابتهاجا بطقوس أيام الصوم؛ إذ يتشارك أفراد العائلة بإعداد وجبة الإفطار، وتركيب الزينة، وكذلك إقامة الشعائر الدينية.
سمحت "كورونا”، رغم قساوة تداعياتها للعديد من أرباب الأسر مشاركتها في تناول طعام الإفطار بالاجتماع على مائدة واحدة، بعيدا عن الالتزامات والمناسبات التي غالبا ما تغيب رب الأسرة عن تناول طعام الإفطار مع عائلته، وفق محمد الذي يؤكد أن "كورونا” جمعه بعائلته في أول يوم رمضان، على غير العادة.
في حين حرصت أم راكان على تزيين شرفات منزلها بأهلة رمضان المضيئة، وكذلك الأمر داخل البيت؛ إذ قامت بنثر الوسائد ذات المطرزات الرمضانية، وزينت طاولة السفرة بالشخصيات الرمضانية المختلفة، لتضفي جوا من السعادة والفرح لأطفالها، الذين لم يعتادوا الجلوس على مائدة الإفطار بعيدا عن أجدادهم في كل شهر.
المشاركة في انتقاء وجبة الإفطار وترتيب الجلسات الرمضانية داخل البيت وغيرها من الطقوس حاولت من خلالها الأسر الأردنية التغلب على الظروف الصعبة التي فرضتها جائحة كورونا. إلى ذلك قام الخمسيني أبو إياد بتجهيز مسابقات رمضانية داخل المنزل لأطفاله يتخللها جوائز نقدية وعينية، لمن يصوم اليوم كاملا، ومن يواظب على قراءة القرآن والصلاة، لعله بذلك يكسر بقلوبهم رهبة الحظر، ويعوضهم عن اشتياقهم لأجدادهم وأطفال العائلة الذين اعتادوا على التجمع معهم في رمضان.
هلّ شهر رمضان المبارك هذا العام في ظروف مختلفة عن الأعوام السابقة بسبب انتشار فيروس "كورونا”، وفق الخبير الأسري مفيد سرحان، وما واكب ذلك من إجراءات واحتياطات لمنع انتشار الوباء، منها إغلاق المساجد وتقييد حرية الحركة وفرض حظر التجول، وتوقف عمل كثير من المؤسسات وتأثر دخل الكثيرين.
يقول سرحان "إن التداعيات التي خلفتها أزمة كورونا تركت أثرا في النفوس والمعنويات عند البعض، خصوصا أن الناس اعتادوا في هذا الشهر على كثير من العادات التي ارتبطت برمضان، كولائم الإفطار للأرحام والأقارب والأصدقاء، وخروج البعض للإفطار خارج المنزل، كذلك السهر لساعات متأخرة من الليل”.
ويضيف "إلا أنه مع ذلك، فإن الكثيرين لم تغب عنهم الفرحة بقدوم رمضان، بل بدؤوا بالاستعداد له قبل قدومه، كما في الأعوام السابقة؛ حيث زينت المنازل ومداخلها بأشكال متعددة، بل إن بعض الأحياء تعاون الجيران فيها على تزيين واجهات الشوارع والعمارات، وهذا يعود لطبيعة الشخص والأسرة والنظرة إلى حقيقة الصيام”.
والفرح والسرور حاجة للإنسان وهدف ينشده الجميع، وفق سرحان، وهذا الشهر يفرح فيه الجميع الغني والفقير لما يحققه من تكافل اجتماعي بين أفراد المجتمع، فالصورة الرائعة في رمضان تزيد الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع المتكافل المتعاون.
ويشير سرحان إلى أنه وبالرغم من الظروف الاستثنائية، إلا أن مساحة الأمل واسعة، لأن الفرح الحقيقي هو برضا الله عز وجل، مبينا أن الفرح بالرغم من تغيير الظروف وعدم ممارسة كثير من العادات، إلا أنه ينبع من داخل الإنسان وليس من الخارج.
ويمتاز رمضان هذا العام، بحسب سرحان، بالوقت الأطول الذي تمضيه الأسرة معا وهذا له أيضا فوائد كثيرة في النفوس في الحاضر والمستقبل. بل إن فرح الكبار في رمضان نراه في عيون الأطفال الصغار بنكهته الخاصة، فرمضان هو شهر الفرح.
أخصائي علم النفس الدكتور موسى مطارنة، يشير بدوره إلى أن العائلة الأردنية بطبعها عندما تواجه أزمة، لديها القدرة على التعامل معها، ولديها قوة التماسك والصلابة في مواجهة التحديات؛ فالأردنيون استطاعوا عبر تاريخهم الطويل أن يقفوا أمام الأزمات ويتكيفوا معها ويتعاملوا معها وينجحوا.
ويجد مطارنة أن أزمة كورونا تمكنت من خلق بيئة اجتماعية آمنة، رغم أن هناك تباعدا جسديا، لكن الدفء والأمان والعلاقات الأسرية أكثر قربا من بعضها بعضا ولا تباعد في الروح والتواصل.
ويشير إلى أن إيجاد حالة من الفرح داخل الأسرة بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك يعطي شعورا برضا النفس، وبالتالي يخفف من وطأة الظروف القاسية التي رافقت رمضان لهذا العام ولم يعتد عليها الأردنيون.
المجتمع الأردني، وفقا لطبيعة تركيبته الاجتماعية وعلاقاته، قادر على المواجهة بشكل إيجابي، بحسب مطارنة، ومع أزمة كورونا استطاع ضبط إيقاع المشكلة بشكل يناسب الوضع المجتمعي، ووجد أفراد العائلة الواحدة في الشهر الفضيل، الفرصة للالتفاف على مائدة الإفطار، والمشاركة في ترتيب مائدة الطعام والتشارك بالمسؤوليات.