"من آثار الجائحة:جَسر الهوة بين الثقافة والدين"
جفرا نيوز- مقالات الكُتّاب العرب التي تفيض بها الصحف،تفصح عن حقيقة لا لبس فيها،أن اليساريين القدماء،قد جرّأهم الوباء،على خلع عباءاتهم الفكرية التي رثّت،والعودة إلى الوراء،للاستشهاد بالتراث،الذي حضرت رؤاه وسطعت أدلته في ظل هذه الجائحة،حتى عسُر إنكارها أو استحال،إلا على مكابر أو فتّان، وهو الدور الذي لم يعد يرغب فيه أحد،أمام جدّية الموقف ورهبته،التي قرّبت إلى الأفهام،موقف القيامة،وجلال الموت،وأجاءت الأفهام إلى جلاء القرار،فنفضوا عن قلوبهم الغبار،وخشعت أصواتهم للرحمن.
حضرت أحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم،التي نهى فيها عن الدخول إلى أرض الوباء أو الخروج منها،فأضاءت المقال،وترجمت مواقف عمر بن الخطاب فهم إملاءات الأقدار "أفرّ من قدر الله إلى قدر الله".
أما أولئك الذين وضعتهم السياسة في حوزة اليسار،فهاهم يحيّون إقامة الصلاة تحت الإحتلال آخذين حذرهم،وجاعلين التكبير صوتاً للنضال.
هكذا يعود قطار الوعي إلى سكته يا سادة يا كرام.
واحدٌ منهم فقط قصّر به الفهم،وقعدت بهم همّته في قفص الإبتذال فطفق يردّد ما سارعت إلى نبذه أفهام الرجال ويعيد قافيته السقيمة التي مجّها الزمان ويقول" الناس في الشدّة يلوذون بالأسطورة والدين"،هذا الفهم السقيم القديم ،الذي لم يعد له بيننا من مكان،حين انتصب الفارق بيّناً بين ما هو حق وما هو خيال!
فأين بيان القرآن من سجع الكهان،وأين النصاعة وفصل الخطاب،من التوهّم والسراب ؟وأين الهذي من الهدي؟
لقد انجلى اللبس وسطعت الدلالات واستنارت الأفهام،ونحن اليوم كأمة ليس فقط في مواجهة الوباء،بل في مواجهة من هيّأ له الأسباب،والله سبحانه وتعالى يقول"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس"،نعم إنهم يريدون المضي في تصحير العالم ونهب موارده بلا رادع،وليس بدعاً أن يتنكّر ترمب لاتفاقية المناخ،فهذه ليست آخر خطاياه وهو ليس أول الخاطئين، فتغوّل الرأسمالية مذ هب ودين،أما الديمقراطية والحرية فزيف وادعاء،كشف البلاء عنها الغطاء،وانقلبت إلى ضدها في رمشة عين.
لطالما سوقوا لعقولنا المذاهب والنِحَل،فتوزعنا بين يساري وليبرالي،وملحد وعلماني،حتى هزت عقولنا هذه الجائحة فصدمت الوعي وأعادت إلينا الصواب،ولنا في قوم إبراهيم عبرة:
فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64)
قوله تعالى : فرجعوا إلى أنفسهم أي رجع بعضهم إلى بعض رجوع المنقطع عن حجته ، المتفطن لصحة حجة خصمه فقالوا إنكم أنتم الظالمون أي بعبادة من لا ينطق بلفظة ، ولا يملك لنفسه لحظة ، وكيف ينفع عابديه ويدفع عنهم البأس ، من لا يرد عن رأسه الفأس .
فلنتوقف هنا يا سادة عند حدود الاستبصار ولا ننكس على رؤوسنا ونعود لعبادة ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنا شيئا.
نزار حسين راشد