حماية المستهلك في مواجهة فايروس كورونا
جفرا نيوز - د.نواف عواد بني عطية
مُنذُ ظهور فيروس كورونا المستجد – COVID-19 – والذي صنفته منظمة الصحة العالمية بـ "الجائحة”، سعت الحكومة من اليوم الأول بإتخاذ تدابير وقرارات تهدف إلى التخفيف من وطأته على المواطنين ، وبعيدًا عن الإجراءات الإحترازية والأمنية التي أتخذتها الدولة لحماية أمن وسلامة المواطن والوطن من هذا الوباء ؛ فقد جاء على الجانب الآخر إجراءات لا تقل أهمية وهي " حماية المستهلك " ، والسعي بكل جدية بتوفير السلع والخدمات الضرورية ، وقد جاءت هذه الحماية التي اتخذتها الدولة بعدد من المظاهر :
* إنشاء صندوق " همة وطن " بتوجيهات من القائد المفدى
دعى جلالة الملك المعظم إلى إنشاء صندوق للتبرع ، واطلق عليه صندوق " همة وطن" ، وما لبث أن تبرع الجميع الغني والفقير ، الشركات والمؤسسات ... ، فكان صورة من صور المحبة والإنتماء لهذا الوطن ، وأظهر أبهى صور التكافل عند الأردنيين ، ليكون فيما بعد كرافد للأسر الفقيرة ، وخصوصًا الأسر المسجلة لدى وزارة التنمية الإجتماعية
* لم تغفل الدولة عن أصحاب الأعمال المؤقتة والحرف الذين يكسبون قُوتهم يوم بيوم ، فجاء أمر الدفاع رقم 6 الذي أصدره رئيس الوزراء بتاريخ 8 نيسان 2020 والذي تضمن سلسلة من القرارات الإقتصادية الهامة والمتعلقة بأصحاب العمل وشركات القطاع الخاص والعاملين فيها
* لعل أبرز ما يمكن قوله هو الرقابة الصارمة من الدولة واجهزتها على المحلات التجارية والمخابز ومحطات الوقود وغيرها من مراكز التوزيع من أجل منع الإحتكار والتلاعب بالاسعارمن قبل وزارة العمل ووزارة الصناعة والتجارة ، حتى وصل الأمر إلى إغلاق بعض المحلات المخالفة ، من أجل حماية المستهلك الأردني .
* ايضًا جاءت البنوك بتوجيهات من جلالة القائد المفدى ومراقبة البنك المركزي بتأجيل سداد الأقساط المترتبة عن القروض لدى عملائها للتخفيف عن كاهل المواطن . كما أعفت الدولة المواطنين من فاتورة الكهرباء عن شهر آذار للهدف ذاته .
* ولا شك أن المستهلك في الإلتزامات التعاقدية يعتبر هو ( الطرف الضعيف) ، لذا كان المشرع حريصًا في اضفاء الحماية القانونية عليه ، فجاء قانون حماية المستهلك الأردني رقم (7) لسنة 2017 الذي عالج الكثير من حالات المستهلك ، فعرفه في المادة الثانية بأنه الشخص الطبيعي أو الإعتباري الذي يحصل على السلعة أو الخدمة بمقابل أو بدون مقابل اشباعًا لحاجاته الشخصية كما جاءت المادة 3/أ أيضًا بتحديد حقوق المستهلك منها يحق للمستهلك الحصول على سلع أو خدمات تحقق الغرض منها دون إلحاق أي ضرر بمصالحه او صحته عند الاستعمال العادي او المتوقع لهذه السلع أو الخدمات، والحصول بصورة واضحة على المعلومات الكاملة عن السلع او الخدمة التي يشتريها وشرط البيع
وحظرت على المزود القيام بأي فعل من شأنه الإخلال بحقوق المستهلك . كما عالج المشرع في المادة (6/أ) من نفس القانون الحالات التي تكون فيها السلعة أو الخدمة (معيبة) ، وكذلك الفقرة (ب) من نفس المادة بين المشرع الحالات التي تعتبر إخلالًا بالالتزامات التعاقدية تجاه المستهلك .
ومتى كانت السلعة أو الخدمة معيبة فإن المشرع أوجب على المزود إرجاعها ورد الثمن (المادة 7/أ) وذلك بتفصيل واضح حددها المشرع في كل حالة . كما أن المادة (9/أ) من ذات القانون جاءت بتشكيل ( مجلس حماية المستهلك ) يتولى اقتراح السياسة العامة لحماية المستهلك وينوط فيه العديد من المهام ... كذلك المادة (14/أ) السماح بإنشاء جمعيات حماية المستهلك وفقًا للتشريعات النافذة ، تناط فيه العديد من المهام (المادة 15) .
ولتكتمل حماية المشرع الأردني للمستهلك ، فقد أبطل كل شرط تعسفي يرد في مثل هذه العقود ورتب عليه البطلان حماية للمستهلك (الطرف الضعيف ) ، وذلك لعدم التكافؤ وانعدام المساواة بين أطراف العقد . ولعل أفضل القرارات في هذا الشأن ما جاء في قرارا لمحكمة استئناف (بروكسيل) الصادرة بتاريخ 2 -11- 1989 والذي جاء فيه ” قانون الاستهلاك لم يوضع لحماية المستهلك اليقظ والمتنبه، ولكن على العكس من ذلك، فهو وضع لحماية المستهلكين الذين يتميزون بضعف الإدراك والتكوين”، وبالتالي فالمستهلك الذي يوجد أمام جائحة عالمية – فيروس كورونا المستجد – تهدد حياته الاستهلاكية هو الأولى بالحماية والرعاية .
وختاما، فإنه يتوجب تكاتف الجهود ، وزيادة التضامن الإجتماعي من جميع مؤسسات المجتمع المحلي ، لحماية المستهلك من جهة وللحفاظ على جهود الدولة ببقاء الأردن خاليًا من هذا الوباء بوعي المواطن وحبه لوطنه ....
حمى الله الأردن ملكًا وشعبًا وأرضًا ....