بهمة الجميع سنحلق مجددا

جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
كعادته "يبشرنا" الكاتب ماهر أبو طير بما تراه عيناه وتعجز عنه عيون الآخرين من شؤون وشجون هذا الوطن الصابر وأهله الطيبين، ففي مقالته الأخيرة "هبوط اضطراري لن يستثني أحدا" يؤكد أن الأردن -كما العالم- بعد كورونا لن يكون هو نفسه كما كان قبلها، وأن البلاد والعباد مقبلون على أزمات خانقة ستعصف بكل البنى الإقتصادية والإجتماعية فالعادات والانماط الإجتماعية ستتغير والأعمال والمصالح ستنتكس وكثير منها سيتوقف والوظائف ستصبح نادرة عزيزة والمغتربون سيعودون ولن يكون بيد الحكومة أن تفعل الكثير.
تفاصيل وجزئيات كثيرة أوردها ضمن لوحته الحالكة السواد مؤكداَ أنه لا يحب أن يشيع التشاؤم بين الناس (؟؟؟؟)، وضمن هذه التفاصيل يذكر عبارة ربما لم يلقي لها بالاً مفادها أن خزائن الدولة خاوية لا يتوفر فيها دينار واحد من رواتب شهر أيار ....!!!، وهي عبارة كفيلة بإثارة ليس التشاؤم بين الناس فقط بل الذعر والهلع أيضاً، وهو ما دفع وزير الدولة لشؤون الإعلام للمسارعة قبل أن تتسع دوائر التشكيك والسلبية والإحباط بالتأكيد بأن ذلك غير صحيح وأن رواتب 2020 و2021 متوفرة، وحسناً قد فعل معاليه فكثير من معارضي الخارج والداخل تلقفوا العبارة وأكاد أقول احتفلوا بها..... ولسان حالهم يقول ألم نقل لكم بأن الخطر ماثل وأن الكارثة وشيكة 
لا شك أننا في حالة حرب وعندما أقول إننا فأنا أعني الوطن برمته، وأن كل واحد منا يجب أن يكون له دور في تحقيق النصر المؤزر في هذه الحرب، وهنا أتساءل عن الدور الذي يقوم به الكاتب أبو طير في هذه الحرب .... مستذكراً مقال آخر كتبه أواخر شهر آب من العام الماضي عندما "تطوع" مشكوراً بإسداء النصيحة للعامة بالمسارعة بتحويل ما لديهم من دنانير إلى ذهب أو عقار للحيلولة دون خسارة قيمتها الشرائية التي تتآكل مع الأيام (....).
إن إشاعة معلومات أو بيانات مالية أو إقتصادية قد تؤدي إلى المس بالروح المعنوية للمواطنين في هذه المرحلة حتى لو كانت صحيحة، لا تقل خطورة عن نشر الإشاعات المتعلقة بتفشي الوباء وخروجه عن السيطرة، فكلاهما ذو أثر سلبي إن لم نقل مميت في حربنا مع هذا الوباء القاتل، وهنا يطفو على السطح السؤال المتعلق بالدور الوطني للإعلام والذي يجب أن يكون رديفاً ومكملاً لأدوار الاجهزة الصحية والأمنية خلال هذه الفترة، خاصة مع تزايد الأصوات الداعية إلى إنقاذ الصحافة الورقية في هذه الفترة الحرجة، فنحن لسنا بحاجة لوسائل إعلام تعمل كمنابر لكتاب وصحفيين لا هدف لهم إلا تحقيق مزيد من الشهرة والإنتشار ولو على حساب قضايا الوطن ومعاركه المصيرية.
قضية أخرى يجب التأكيد عليها مجدداً وهي ضرورة إبتعاد الكتاب والصحفيين عن القضايا الفنية بالغة التخصص وتركها لأهلها من أصحاب الخبرة والمعرفة، فعلى سبيل المثال لا يمكن إعتبار عدم توفر أموال في الخزينة في هذا الوقت لتغطية رواتب شهر أيار مشكلة بحد ذاتها في دولة تعاني من عجز مالي مزمن ومستمر، فالموضوع حصل ويمكن أن يحصل في أي وقت، فتوفر المخصصات في لحظة زمنية محددة يعتمد على معدلات التدفق النقدي CASH FLOW ما بين الواردات والنفقات، حيث تلجأ الحكومات إلى الإقتراض من المصارف لتغطية العجز وتقوم بالتسديد حال توفر هذه الإيرادات، وهنا يحق لنا أن نتساءل عن الجهة المستهدفة بمقال الكاتب أبو طير، هل هي الحكومة والتي لا تحتاج لمثل هذه الإجتهادات فلديها من الطواقم الفنية المؤهلة لإدراك وتقييم الوضع المالي للخزينة وإتخاذ ما يلزم لمواجهته، أم المواطن العادي الذي سيصاب بالذعر من مثل هذه الطروحات، أم المعارضون الذين يوفر لهم نشر المقال سهام إضافية مسمومة لتوجيهها لصدر الحكومة في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن 

لا نحتاج في هذه المرحلة إلى مزيد من التحليل والتنظير، نريد حلولاً ومساهمات عملية من الجميع للحد مما نحن فيه، وختاماً نقول حتى لو هبطت الطائرة إضطرارياً في هذه المرحلة فسوف تعاود الإقلاع والتحليق سريعاً بهمة الجميع في هذا الوطن الغالي، وما شهدناه من تضامن ودعم واسع للحكومة في إجراءاتها الأخيرة واستعادة لثقة مفقودة منذ عقود ألا بشير خير لهذا الوطن والذي عودنا على النهوض سريعاً من المحن والخطوب قوياً صلباً شديد البأس.
حمى الله هذا الوطن وجنبه كل مكروه.