الحكومة أمام النواب.. والرهان على ثقة بـ"الذراع"
جفرا نيوز - جهاد المنسي
يضع رئيس الوزراء عون الخصاونة اليوم، خطة حكومته على طاولة النواب، ويطلب ثقتهم على أساسها، وهو لهذا الغرض، التقى عددا لا بأس به منهم في الأيام الماضية.
الخصاونة أراد من ذلك أن يمهد للثقة بنفسه، وأن يدخل مباشرة في حوارات مع النواب، سواء قبل تقديم خطاب الثقة أو بعده، فهو يعلم أن الرد على مداخلاتهم، هو ما يعولون عليه أكثر من بيان الثقة بالحكومة، احيانا.
لقاءات الرئيس بالنواب، ستستمر حتى بعد أن يلقي بيان الثقة هذا اليوم، وهو بكل تأكيد سيعمل على لقاء السواد الأعظم منهم، إلا من كان على سفر، لأنه لا يريد أن يُدخل حكومته في تأويلات، كان قد تعهد بنفسه، ألا يدخل فيها، كالاستعانة بأوراق ضغط خارجية للحصول على الثقة.
سيرورة ما يحدث حتى الآن، تشير إلى أن الخصاونة "شمر" عن ذراعه، وأراد حوارا مفتوحا مع كل النواب وكتلهم، بدون محددات أو سقوف، ومناقشات سياسية في أحيان ورؤى قد تختلف او تتفق، وبذلك يريد أن يؤكد للنواب وغيرهم، انه عند قوله، ولا يريد لأحد أن يتدخل كي يضمن له الثقة.
ربما لو بكّر الخصاونة في طلب الثقة، لحصل على ما هو اعلى من التي كان يتوقع الحصول عليها الأسبوع المقبل، وهذا يعود الى أسباب عدة، من أبرزها وجود بؤر تفجرت في وجه الحكومة، بعد تشكيلها ويمتلك نواب رؤية تختلف عن رؤية الحكومة في طريقة معالجتها.
الرؤية المحايدة لوتيرة العلاقة بين الحكومة والنواب، تقول إن الخصاونة لن يجهد كثيرا لكي يؤمّن ثقة مريحة ولكنه في كل الأحوال، لن يتخطى حاجز الـ75 على اغلب تقدير.
بيد أن ذلك لن يمنع نوابا من توجيه سهام الانتقادات الشديدة الى تركيبة الحكومة أحيانا، والى غياب مناطق وحضور مناطق أخرى والى أشخاص وزراء بعينهم، وهذا كله وارد، ويأتي في إطار ما اعتاده النواب في مراحل الثقة الثلاث التي عبروها طوال عمر مجلسهم الحالي السادس عشر.
ما عانت منه حكومتا معروف البخيت وسمير الرفاعي السابقتان مع النواب، من أن المجلس منح حكومة الرفاعي ثقة قياسية (111) صوتا، بينما كان الشارع يطالب بإسقاطها، فعاش المجلس في تلك الفترة تحت ضغط الشارع، الذي أصبح يطالب بحله، كما أن الشارع لم يشفع للنواب الذين منحوا حكومة البخيت 63 صوتا، وهو رقم متواضع، إذ كان مؤمل (شعبيا) إسقاطها نيابيا، وهو ما لم يحصل، فاستمر خصام النواب مع الحراك الشعبي متواصلا.
الرئيس الخصاونة لم يأت من علبة رؤساء الحكومات، وإن كان اسمه يطرح في كل تشكيل، انه يأتي من خلفية قانونية ونزيهة، ما شفع له لدى الشارع وحتى لدى مجلس النواب، ولكن الركون الى ذلك وحده لا يكفي إطلاقا، لذا يتعين عليه هو وفريقه، فتح حوارات مع النواب على مصراعيها، أساسها واضح، لا يتم فيها قيامهم باستثمار حاجة الحكومة للثقة، لتحقيق مطالب آنية وتعيينات هنا وهناك.. حوار يؤسس لمرحلة مقبلة، ويؤطر لطريقة مستقبلية من الحوار بين الحكومات المشكلة والمجالس النيابية.
في المقابل، فإن النواب مطالبون أيضا بالتأسيس لمرحلة جديدة من العمل النيابي والابتعاد عن الفردية، وتكثيف خطاباتهم وتحديدها بهدف واضح، وهو مناقشة الحكومة في سياساتها وبرنامجها، وتقديم رؤى بديلة لكل من يمتلك وجهة نظر مخالفة.
أما إذا ذهب النواب إلى الخطابات الإنشائية المطولة، فان ذلك كفيل بزيادة غربتهم عن الشارع الذي يطالب في طول البلاد وعرضها، بأهداف جامعة وليس أهدافا شخصية.
هي مناسبة للارتقاء بالعمل النيابي، وتقديم صورة ايجابية عن مجلس النواب السادس عشر عبر التركيز على ما يحصل، وتقديم الحلول الناجعة لطريقة معالجته.
الحكومة عليها أن تضع نقاطها على حروف عملها، وان تقدم للنواب والرأي العام خطتها الإصلاحية المستقبلية، وآلية تنفيذها ورؤيتها لمعالجة قضايا ضاغطة، والا تتهرب باتجاه الإنشاء والتسويف وعدم تقديم رؤية زمنية واضحة، وبخلاف ذلك فإن الحكومة ستخسر نوابا لم يحددوا موقفهم من منح الثقة أو حجبها.
التشكيل الحكومي آنذاك، وجد نقدا من قبل نواب ومؤسسات مجتمع مدني وقادة رأي، والرئيس، ربما يعرف ذلك وتنبه له، لهذا فإنه يؤكد في كل مناسبة، أن من حق فريقه الوزاري نيل فرصته، وهو مؤمن بقدرته على تحقيق برنامج عمله على أكمل وجه.