أردن القمح

جفرا نيوز - شادي قبيلات
ما عليك إلا قيادة مركبتك من قلب العاصمة عمان وترك الطرق ومسارتها الحديثة التي سببت الازدحام بأن تأخذك إلى أي اتجاه خارج عاصمة، جنوباً شمالاً غرباً، أو شرقاً، حتى تتدرك بكل بساطة، أن هذا الأردن هو أردن مشروع زراعي، وان كل التكسير لفرض إيقاع دولة البنوك والمصارف والإقتصاد الخفيف، هو جريمة بحقه، وحق أبناءه والأجيال القادمة
 التكسير الذي حدث على مدار سلسة زمنية طويلة، في مكاتب حكومات تفتقد المشروع والرؤيا، حكومات قلصت صلاحياتها بقصد او بغير قصد لتكون مجالس إدارات عليا، للقطاعات المالية ومشاريعها في البلاد وهي جرثومة ليست اردنيتاً فقط حتى نكون منصفياً إنما نهجاً عالمياً فرض سيطرته منذ سقوط مفهوم دولة الإنتاج 
 وحتى نكون واقعياً فأننا لا ننكر أهمية ما ناهجم من تلك القطاعات المالية ودرها في الإقتصاد الوطني لنتهم بالنظرة السلبية الشمولية إنما هو هجوم وطني على من جعله هو القطاع الأول على حساب ما كان يمكن له أن يحفظ للأردن حرية القرار والموقف، لأن من يملك القدرة على إنتاج غذاءه هو بالضرورة سيد موقفه، وهذا ما لا يمكن الخلاف فيه، لمن يملك أدوات التحليل الجيد والواقعي دون انحياز مصلحي بأن القطاعات المالية تلك ما هي إلا اقتصاد اقرب للشيء الهلامي، لأن الفكرة في قيامها وقوتها لا ينبع من موقف وطني، الهلامية التي لا أسهل من تهاويها لأي دبابة أو طائرة تخرج خارج حدود دولتها في اي دولة في العالم، فاقتصاد البنوك والقطاعات المالية أصبح ككتلة واحدة، تمتد على طول المعمورة، فهو متشابك لتلك الدرجة التي تحتم عليك التفكير بأن كل خيوطها ممسوكة في يد شخص واحد، ولنا كثير الأمثلة التي يمكن أن نوردها عن الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث والقديم على سواء، التي تثبت شرعية هذا التفكير، وكيف أسقطت اقتصاديات كانت الأقوى فأصبحت بأسرع من شهيق وزفير في الحضيض وكيف ذاقت شعوبها الويلات.
جاء هذا الكلام الذي حاولت قدر الإمكان أن يكون بلغة الناس الذين يفهمون هموم بعضهم بقليل الكلام لا بالخطابات المنمقة الجوفاء، التي لم تقدم للأردن شيء منذ اعتمادها لتكون مفتاح التقرب والاستفادة، مع أزمة كوفيدا19 التي يعيش العالم الأن ذروتها، والتي تقول كل مؤشراتها أنها ستكون الأطول في التاريخ الحديث ، أزمة ستلحق بالقطاعات المالية التي تسيدت كما قلنا اقتصاديات العالم الخسائر الكارثية، والتي ستنعكس على الدول وشعوبها بالتراجع في كل القطاعات، لأن حكومات تلك الدول فرضت ثقافة القطاعات المالية تلك على كل مناحي حياتي شعوبها، حتى أصبح المواطن رقم حساب يتحكم بمسار حياته ما توفره بطاقة صراف آلي، من نوع الغذاء الذي يأكل مروراً بنوعية تعليم اطفاله، وليس انتهاءاً بنوع أو ماركة الحذاء الذي ينتعل. 
أزمة تفرض فكرة أن هذه القطاعات غدة سرطانية في جسد الشعوب، والخلاص منها لا يمكن إلا من خلال تدخل أطباء وطنيين شجعان، للعمل على اجتثاثه قبل أن يستفحل بشكل كامل، وأن أول خطوات الجراحة تلك، هي بإعادة تشكيل ثقافة الشعوب من خلال وضع خطط وطنية، لإقناع الناس بأن الأرض في مفهومها الإنتاجي هي الشيء الوحيد القادر على توفير الأمان، امام الكوارث الكبرى وهي الوحيدة التي يمكن لها أن تجعل من الشعوب مالكة لقرارها .
ليأتي الآن ما يعنيني.
لا أفهم اردنياً لماذا هذا التجاهل لمشروع زراعي حقيقي، مشروع كل متطلبات نجاحه متوفرة فسهول الأردن تعشق القمح، وغورها بنك خضار للمنطقة ككل، حتى رمال صحراءها تطوف فوق حوض مائي، إلا يوجد عقل في هذه البلاد يدرس هذه الأزمة أو الكارثة أن صح التعبير التي لا زالت تتدحرج ولا نعلم إلى أين منتهاها، ليقول أن أول جدار يجب بناؤه ليكون العتبة الأولى لمشروع حقيقي هو عودة القطاع الزراعي ليكون هو سيد الإقتصاد الأردني، وأن كل ما حدث من تكسير له كان خطيئة 
 مشروع قادرين على ترميم في غضون فترة قصيرة ما تعرض له من تخريب، مشروع يكون عنوان مرحلة جديدة، مشروع لا يتأثر بتلك الدبابات والطائرات التي تتحرك في كثير من الأحيان لأوامر سادة المال في العالم، فالصراع الآن صراع وجود، وكل من يدعي القوة في هذا العالم الآن ها هو يتهاوى أمام فايروس لا يعلمون كيف يفكر وبماذا يفكر، إلا يمكن استغلال ذلك الفايروس اللعين، من أجل أن نقول لمن ندور في جداولهم بأننا أمام خطر وجود وهذا طلاق بيننا، أو من سيفكر في سماع الطلاق اصلاً في معركة كل شيء فيها مباح ...