الالتزام بحظر التجول ...دليل المواطنة والانتماء الحقيقي..؟!
جفرا نيوز - بقلم: د. ابراهيم العابد العبادي
حظر التجول من مسماه يشكل مفهوم ودلالة واضحة ويعني منع حركة الناس ضمن نطاق جغرافي وزمني محدد أو غير محدد وفقا لتقدير السلطات الرسمية ممثلة بالحكومة، وذلك نتيجة لظروف استثنائية أو طارئة، مثل الحروب وانتشار الأمراض والأوبئة أو غير ذلك ...ويهدف إلى حماية المواطنين والمجتمع والوطن، ويقترن بإعلان حالات الطوارئ وتطبيق الأحكام العرفية استنادًا وتطبيقا لقانون الدفاع. وتاريخيا يعتبر زياد بن ابيه في زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان أول من فرض حظر تجول في التاريخ الإسلامي...حين ولي البصرة التي كانت معقلاً للخارجين على الخلافة الاموية ولهذا فقد كانت الفتن والثورات على بني أمية تنبع منها. فلما وصل زياد إلى البصرة صعد المنبر وألقى خطبته البتراء المشهورة وسميت بهذا الاسم لانه لم يبدأ بحمد الله والثناء عليه وهو الأسلوب الدارج في استهلال الخطب. حيث قال أما بعد، فإن الجهالة الجهلاء، والضلالة العمياء،....إلى قوله ...لا أوتي بمدلج إلا سفكت دمه» وتنفيذًا لذلك ....قام زياد بإعدام ثلاثة أشخاص نتيجة خرقهم لحظر التجوال. أحدهم كان أعرابيا وجدوه سائرا في الطريق. فسألوه ألم تسمع بحظر التجوال؟ فأجاب قائلا إنه من البدو ولم يسمع شيئا عن ذلك. وأن عنزته شردت منه فجرى وراءها يبحث عنها. فقال له زياد بن أبيه أصدقك في ذلك، ولكنه أمر بضرب عنقه ليكون عبرة لغيره.
ما دفعني للكتابة والتطرق للواقعة أعلاه، هو الأخبار المحزنة وغير المقبولة المتمثلة بقيام فئة غير مسؤولة اعدادها للأسف مئات على مدار اليومين الأول والثاني ..فئة لا تقدر مدى خطورة افعلها على أنفسهم والمجتمع والوطن...وقد يأتي شخص او جهة ما وتقول ان للبعض مبررات لأفعاله وقد تكون لديهم أسباب قاهرة...الا ان هذه المبررات غير مقبولة في ظل استعداد الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة والدفاع المدني والبلديات ...وجميعها لن تتوانى عن تقديم الخدمة للمواطن ...من طرف أخر قد يشير البعض إلى أن هذه الفئة تعتبر قليلة نسبيًا قياسا بعدد السكان وأعداد المركبات الكلي ..وان الغالبية العظمى ملتزمة...وهذا امر حقيقي ولا يمكن انكاره...الا ان مجرد التفكير بخرق أو كسر الحظر يشكل حالة من الرفض التام لما يترتب عليها من مخاطر قد لا يحمد عقبها وتكون نتائجها كارثية على المجتمع بشكل عام....عدا عن المسؤولية القانونية التي ستترتب على مرتكب هذه الجريمة وعلى أسرته وذويه بشكل خاص.
من وجهة نظري والكثير ان لم تكن الغالبية تتفق معي، بان إجراءات الحكومة تجاه أزمة كورونا كانت فاعلة حتى وان لم تصل إلى تطلعات البعض...لكنها في ظل الواقع الاقتصادي للبلاد...تعتبر إجراءات ناجعة بل تفوقت بها على العديد من الدول المتقدمة...وعلينا أن ندعم كمواطنين هذه الإجراءات بالامتثال التام حتى وان سلبت حريتنا كأفراد ...وان لا ننصاع للإشاعات والأخبار غير الموثقة من مصادرها الرسمية ولا نشجع بنقل الأخبار غير الصحيحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي...فلا اعتراض أو امتعاض في سبيل تحقيق هدف أسمى وأمثل هو رفعة وأمن وسلامة الوطن والمجتمع ...فالالتزام بحظر التجول هو دليل على الانتماء والمواطنة الحقة.. لنكون جند في بيوتنا يحمون الوطن ..والأردن مهجة الروح والقلب يستحق ان يكون نموذج يحتذى به عبر العالم ونحن قادرون على ذلك...حمى الله الأردن وشعبه الطيب المعطاء..وتضرع للمولى ان تنجلي هذه الغمة بالقريب العاجل