استعادة الكرامة العربية والأردنية


جفرا نيوز - كتبت- غيداء بني خالد

نستذكر اليوم ملحمة تاريخية سطرها الجيش العربي الأردني، هي لوحة من أروع البطولات والتضحيات، معركة الفخر والعز معركة الكرامة، دخلها أسود الجيش الأردني بعزيمة قوية في ساعات الصباح الباكر من ٢١ أذار في 1968، دون خوف من الهزيمة، حاملين على أكتافهم أمانة استرداد كرامة الشعب العربي، معركة استمرت تسعة عشرة ساعة من قتال مرير على طول الجبهة، من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت .
معركة الكرامة أعادت هيبة الأمة العربية وكرامتها لتستعيد الجيوش العربية ثقتها بنفسها، وتتيقن أن النصر قادم، فقد جاءت معركة الكرامة بعد تسعة أشهر من هزيمة العرب في حرب حزيران، حيث استولت إسرائيل على (قطاع غزة، والضفة الغربية، وسيناء، وهضبة الجولان)، فكانت معركة الكرامة انتصاراً للكرامة العربية، مما زاد دافع الجيوش العربية للاستعداد لحرب تشرين عام ١٩٧٣ بنفوس قوية تحمل حس المثابرة والإصرار على النيل من العدو.
الملفت في المعركة الموقف البطولي من جيشنا العربي الذي أهان كبرياء العدو، ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي تطلب إسرائيل وقف إطلاق النار، وذلك بتمام الساعة (الحادية عشر والنصف) من يوم المعركة، إلا ان الملك الحسين قائد الجيش ورغم كل الضغوطات الدولية عليه أمر :"عدم وقف إطلاق النار طالما ان هناك جنديا إسرائيليا واحداً شرقي النهر".
فأصدرت إسرائيل أوامر بالانسحاب من أرض المعركة، ولكن الصعوبة التي عاناها الإسرائيليون في عملية التراجع جعلهم يستغرقون تسع ساعات حتى تمكنوا من الانسحاب تحت وابل من النيران الأردنية تاركين خلفها دباباتهم وقتلاهم في أرض المعركة، الأمر الذي كان له تأثير سلبي على جنود العدو، حيث خلق عندهم إحساساً بالضعف رغم وجود تغطية جوية من قبل سلاح جوهم.
حكمة القائد الحسين وتصميمه على الانتصار وإيمانه بقوة الجيش الأردني رغم كل الخسائر العربية الأخيرة كان لها الاثر الأكبر في الانتصار، فوجود الحسين في المعركة منذ البداية وحتى النهاية رفع المعنوية بين فرسان الجيش العربي الأردني وبث روح الشجاعة لدحر العدو وتحقيق الانتصار العظيم، الذي استعاد كرامة الأمة وأخرجها من جراحها التي سببتها نكسة حزيران ليستلذ الأردنيين والعرب بنشوة النصر، ولتنشر مجلة نيوزويك الأمريكية في ذلك الحين: "لقد قاوم الجيش الأردني المعتدين بضراوة وتصميم، وإن نتائج المعركة جعلت الملك حسين بطل العالم العربي"
مرت اثنان وخمسون عاما على ذكرى استشهاد فرسان معركة الكرامة الذين ارتوت أرض الكرامة بدمائهم الطاهرة، ففي ٢١ آذار من كل عام يحتفل الأردن بيوم العز والشموخ الذي كسر شوكة العدو الإسرائيلي واثبت ان الأردنيين قادرين على الانتصار وتحقيق المجد.
رحم الله القائد الحكيم جلالة الملك الحسين بن طلال ورحم الله شهداء معركة الكرامة اللذين دافعوا عن الارض والعرض وأدام الله الأردن قائدًا وشعبًا قويا صامداً في وجه مختلف الجبهات والتحديات.