بن ناصر يكتب: القرارات الجريئة هي وحدها كفيلة بالحد من خطر الكورونا

جفرا نيوز - كتب - ناصر بن ناصر بن جميل
هل يعقل أن تكون المملكة هي الدولة الوحيدة التي اجتنبت تفشّي وباء الكورونا؟ وهل يعقل بأن جميع الدول التي اتخذت خطوات احترازية مثل تعطيل المدارس واغلاق المساجد والكنائس وغيرها وتلك التي أعلنت حالة طوارئ هي على خطأ والحكومة الأردنية على صواب؟
سبب تجنب الحكومة لتوصيات الخبراء المحليين والدوليين وربما أيضا وزارة الصحة حسب ما ورد في الوسائل الاعلامية أمر يثير الاستغراب والدهشة. قد لا يكون كذلك عندما نأخذ بعين الاعتبار أنه عالميا، أصبح هنالك صعوبة تواجه المجتمعات العلمية والخبراء أينما وجدوا لإيصال المعرفة لصناع القرار السياسيين بالشكل المناسب، لذلك يتم تجاهل توصياتهم في قضايا عدة ومنها التغير المناخي. أما وفيما يخص الدول العربية بوجه التحديد، هنالك ميول للتقليل من أهمية ودور الخبراء، إذ باتت النظرة العامة بأن دورهم محصور للجامعات والمؤسسات العلمية وليس كشريك في عملية صنع القرار، ناهيك عن مظاهر التجاهل والثقة الزائفة حالها كحال التطرف الديني أصبحت تعادي أية نوع من التثقيف والتنوير.
قد تكون هذه التفسيرات غير وافية لفهم تجنب الحكومة توصيات الخبراء والخطوات الاحترازية التي أخذتها الدول الأخرى. على الأرجح قد تم تجنبها خوفا من آثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. المشكلة في مثل هذا النهج هو أن تداعيات تأجيل مثل هذه الخطوات سيؤدي إلى ثمن اقتصادي واجتماعي وسياسي أكبر بكثير حال تفشي الوباء بشكل أوسع. والأهم من ذلك، على الحكومة الادراك بأن مسؤوليتها الاخلاقية الرئيسية هي صحة وسلامة المواطن؛ يتبعها كل الاعتبارات الأخرى. ومن هذا المنطلق على الحكومة التركيز على القضية الأساسية، ألا وهي الحد من انتشار الفيروس وليس الانشغال بالآثار الجانبية للخطوات الاحترازية.
تفشي وباء الكورونا لديه تداعيات اقتصادية واجتماعية لا مفر منها، فالمواطن والقطاع الخاص يشعر بها حاليا. السبيل الوحيد للتخفيف من هذه الأثار هو أخذ الخطوات الاحترازية للحد من تشفي الوباء واستباق الأحداث قبل فوات الأوان. مواجهة ذلك يتطلب العمل بسرعة وأخذ القرارات الصعبة وتوصيات الخبراء. أما التغاضي عن حجم المشكلة المحتملة وبناء السياسات على أفضل السيناريوهات المحتملة أو اعتقادات متفائلة وغير مبررة باعتبار أن المملكة محصنة من الانتشار الاوسع للفيروس – هو أمر غير عملي.
تعمل وزارة الصحة على مدار الساعة لفحص الحلات المشتبه بها وبعد الاعلان عن شفاء الحالة الوحيدة يوم الجمعة، أصبحت المملكة فعلا تخلو من أية حالات مؤكدة. ولكن وبحسب ما نراه في الدول الأخرى، بات من المؤكد ظهور حالات جديدة خلال الأيام والأسابيع المقبلة وحقًا يجب أن لا نتفاجىء بذلك، بل نعمل من اليوم على تخفيض تلك الأعداد إن ظهرت فعلا لربما لم تفتنا الفرصة بعد.