رسالة إلى ملك الأردن
جفرا نيوز - محمد عبدالمنعم الصاوي
أبعث لجلالته بهذه الرسالة لأسجل إعجابي به وبشعبه العظيم: جلالة الملك.. إعجابي بك يعود لإدراكي أنك لن تبطش بشعبك، وأنك ستبادر بالاستجابة لصحوة الأردنيين الشرفاء التي بدأت بشائرها فى الظهور على ساحة التحولات العربية.
سمعتُ أبناء شعبك يتحدثون عن الحقوق كبديل عن المنح، يتحدثون عن دولة برلمانية في المقام الأول، غير ممانعين أن تظل ملكية، سمعتهم يطالبون بصياغة ديمقراطية مكتملة، فالديمقراطية الجزئية يقدمها الحكام للشعوب من باب «خليهم يتسلوا».
جلالة الملك.. تفاؤلي يعود لإنصاتي إليك أكثر من مرة، ويقيني أنك لن تخذل شعبك، كما أنك لن تخذل المجتمع الدولي الذي يقدرك ولا يتصورك في ملابس هولاكو أو بن علي أو مبارك أو القذافي أو الأسد أو صالح.
علاقاتك السياسية وصداقاتك الملكية لن تستقيم مع سلوك الطغاة والبلطجية، أثق بأنك ستتعامل بمنتهى الحكمة والموضوعية مع موجات المعارضة الواعية التي تطالبك باللحاق بركب الدول المتقدمة بعد أن أصبحت أنظمة الحكم هي المعيار الرئيسي في قياس الحضارات الحديثة.
جلالة الملك.. أدعوك للإمساك بزمام الأمور وقيادة بلدك بغير إبطاء نحو الديمقراطية، إنك جدير بنَيل هذا الشرف.. شرف أن تكون أول حاكم عربي يقود الإصلاح السياسى بنفسه. وفى أذنك أهمس: تذكر المثل العربى الشهير «بيدي لا بيد عمرو»، فالديمقراطية آتية لا محالة، بعد أن زالت الغمة عن العين العربية، وأيقن الجميع أنها لم تعد صعبة المنال.. الدروس حولك كثيرة، وجلالتك ذكىّ فَطِن، فلتتخذ قرارك اليوم قبل الغد، ولتخرج إلى أوسع ميادين عمّان، وتدعو أبناء المدن والقرى والوديان..
أتمنى أن تهنئ شعبك بعيد الأضحى، وتهنئهم بالنزول على رغبتهم.. لا تتردد فى إعلان موعد الانتخابات البرلمانية التي تقام بأعلى درجات الشفافية.. ستبقى ملكًا عظيمًا، بل أستطيع أن أؤكد لك أنك ستصبح أعظم فى عيون الجميع محليًّا وعربيًّا وعالميًّا. سيتوافد عليك كل أصدقائك من ملوك وملكات وأمراء وأميرات أوروبا وآسيا، ليحتفلوا معك بانضمامك إلى عالمهم.. عالم من يملكون ولا يحكمون، وأشهر نماذجه الملكية البريطانية.
ستشهد الأردن نهضة كبرى، وسيؤدي تحولها الديمقراطىّ إلى رخاء غير مسبوق.. لن تصبح وليّ النعم، ولكنك ستظل الملك العادل الذى قاد الإصلاح. أكاد أطير من الفرح وأنا أتصور ملك المغرب وهو يسارع باللحاق بك، فهو أيضًا شديد الحرص على سمعته ومكانته بين ملوك وأمراء العالم.. يومًا ما ستجتمعان بأبناء جيلكما من أمراء أوروبا في لندن أو موناكو… في قاعة ملكية أو على ظهر يخت أسطوري.. وعلى وجهيكما ابتسامة عريضة تعكس التخلص من هموم الحكم التي حلت بدلاً منها محبة متبادلة بينكما وبين شعبيكما.
كرة الديمقراطية العربية لن تتوقف عند هذا الحد، ستنطلق بإذن الله ككرة الثلج، يزداد قطرها مع كل دورة تدورها، سيتسلمها شعب بعد شعب، ولا أظنها ستهدأ قبل أن تصبح الكرة العربية الجديدة كرة عملاقة يعمل لها الجميع ألف حساب.. يومها لن يُستضعف الشعب الفلسطيني، ولن يتجرأ على إيذائه دانٍ أو قاصٍ. الشعوب الحرة شديدة القوة، تستمد قوتها من قوة الحق الذي لا يعترف بأي شرعية لا يكون الشعب مصدرها الوحيد.. يومها سيعترف العالم بأسره بالدولة الفلسطينية العربية بما في ذلك إسرائيل وأمريكا، ألم نشهد جميعًا الإنجاز الرائع الذي سجلته منظمة اليونسكو حين حصلت فلسطين على عضويتها الكاملة بأغلبية لا يستهان بها.. كل هذا يحدث على الرغم مما تعانيه تونس ومصر من محاولات مستميتة لتعطيل مسيرتهما الديمقراطية.
جلالة الملك.. أدعوك لمخاطبة كل الملوك من أثرياء العرب للإسراع بتعويض منظمة اليونسكو عن الدعم الأمريكي الذى تقرر قطعه عقابًا للمنظمة على قبول فلسطين.. موقف شديد الحماقة لا يليق بنا أن نتركه يمر دون أن نبني عليه نصرًا عربيًّا. فلنُخرج ضِعف الدعم لليونسكو، ونُخرج لساننا ردًّا على الموقف الأمريكي الذي تدنى لدرجة الانتقام الطفوليّ، فالطفل وحده هو الذي يأخذ كرته ويوقف اللعب عندما يدخل مرماه الهدف الأول. بإذن الله ستتوالى انتصارات الشعوب العربية، وسيتوالى تسجيل الأهداف.
جلالة الملك.. أرجوك ألا تصغي لمن يقول لك: «الأردن ليست تونس ولا مصر ولا ليبيا»!! أملي فيك كبير، فلا تخذلني يا جلالة الملك.
عن صحيفة "المصري اليوم"